الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا: ذكر بعض الباحثين
(1)
تعريفا نسبوه لأبي حامد الغزالي
(2)
رحمه الله، فهموه واستنبطوه من كلامه في الضمان في كتابه الوجيز
(3)
.
وهذا التعريف هو: «أن الضمان هو: وجوب ردّ الشيء أو أداء بدله بالمثل أو بالقيمة» .
- ويرد على هذا التعريف عدة اعتراضات، هي:
1 -
أن هذا التعريف لا يصح نسبته للشيخ أبي حامد الغزالي على أنه تعريف للضمان؛ لأنه لم ينص على أنه تعريف للضمان، وإنما ذكره في الركن الثالث، وهو في الواجب في الضمان
(4)
.
2 -
أن هذا التعريف يحصر الضمان بالتعدي على الأموال دون التعدي على الأنفس، فيكون غير جامع لأفراد المعرَّف
(5)
.
3 -
أن هذا التعريف لا يشمل الضمان الناشئ عن العقد، الذي يذكره الفقهاء ضمن أسباب الضمان، وبهذا يكون التعريف غير جامع لأفراد مصطلح الضمان
(6)
.
(1)
نظرية الضمان للزحيلي (ص 14)، ضمان المتلفات (ص 31)، ضمان العدوان (ص 46).
(2)
هو الفقيه الأصولي زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي، ولد سنة 450، ودرس على أبي نصر الإسماعيلي وإمام الحرمين وغيرهما، من تلاميذه: أبو بكر بن العربي وأبو العباس أحمد الخطيبي وغيرهما، وله مؤلفات منها:"الوجيز" و"إحياء علوم الدين" و"المستصفى" في أصول الفقه، توفي سنة 505 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 322، 335، 337)، طبقات الشافعية لابن السبكي (6/ 191) وما بعدها، طبقات الشافعية للإسنوي (2/ 111 - 113)
(3)
الوجيز (1/ 208).
(4)
انظر: ضمان المتلفات (ص 32).
(5)
انظر: ضمان العدوان (ص 47).
(6)
انظر: المرجع السابق.
4 -
التغريم، تقول: ضمنته الشيء تضمينا فتضمنه عني، إذا غرمته فالتزمه
(1)
.
5 -
الحفظ والرعاية، قال ابن منظور
(2)
: «وفي الحديث: (الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن)
(3)
، أراد بالضمان هنا معنى الحفظ والرعاية، لا ضمان الغرامة؛ لأنه يحفظ على القوم صلاتهم، وقيل: إن صلاة المقتدين به في عهدته، وصحتها مقرونة بصحة صلاته، فهو كالمتكفل لهم صحة صلاتهم»
(4)
.
ثانيا: تعريف الضمان في اصطلاح الفقهاء:
يطلق الضمان في الفقه الإسلامي ويراد به أحد المعنيين التاليين:
(1)
انظر: مختار الصحاح (ص 384)، لسان العرب (13/ 257 - 258)، القاموس المحيط (ص 1564).
(2)
هو اللغوي الأديب جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري الإفريقي ثم المصري، ينسب إلى رويفع بن ثابت الأنصاري، ولد سنة (630 هـ)، وسمع من ابن المقير ومرتضي بن حاتم وغيرهما، وله مؤلفات منها: لسان العرب، ومختصر الأغاني وغيرهما، وعنده تشيع بلا رفض، توفي سنة (711 هـ).
انظر: الدرر الكامنة (4/ 262 - 264)، معجم المؤلفين (3/ 731).
(3)
أخرجه أحمد في المسند (2/ 284، 419)، وأبو داود في سننه: كتاب الصلاة، باب: ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت (1/ 356) برقم (517)، والترمذي في سننه: أبواب الصلاة، باب: ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن (1/ 402) برقم (207)، وابن خزيمة في صحيحه (3/ 15) برقم (1528) وصححه ابن حبان والضياء في المختارة كما في تلخيص الحبير (1/ 371)، وأحمد شاكر في تحقيقه لسنن الترمذي (1/ 405 - 406).
(4)
لسان العرب (13/ 257 - 258).
(1)
المعنى الخاص:
استعمل جمهور الفقهاء - المالكية
(1)
والشافعية
(2)
والحنابلة
(3)
- كلمة الضمان بمعنى الكفالة، ويرون أنهما لفظان مترادفان، يطلق كل منهما على الآخر، ويراد بهما ما يعمّ ضمان المال وضمان النفس، وذلك عند التزام الكفيل بعقد الكفالة؛ لذلك تجدهم يعقدون للكفالة باباً في كتب الفقه بعنوان "الضمان".
ولما كان تعريف الضمان بمعنى الكفالة لا يهمنا كثيراً في هذا البحث، وقد دُرس كثيرا من قبل الفقهاء المتقدمين والمتأخرين والباحثين المعاصرين؛ لذا فإني لا أجد داعيا لذكر تعريف الكفالة في هذا البحث.
هذا، وينبغي أن يعلم أن هؤلاء الفقهاء الذين استعملوا الضمان بمعنى الكفالة لم يقصروه على هذا المعنى، بل استعملوه بالمعنى الأعمّ من ذلك، وهو الضمان مطلقاً، فهؤلاء الفقهاء إذا أطلقوا لفظ الضمان فإنما يريدون به أحد معنيين:
الأول: عقد الكفالة.
الثاني: الضمان بمعناه العام.
(2)
المعنى العام:
لقد عُرِّف الضمان بمفهومه العام بعدة تعريفات أذكرها مع ما يرد عليها من اعتراضات وملاحظات، ثم أذكر التعريف الراجح في نظري، وذلك كما يلي:
(1)
انظر: قوانين الأحكام الشرعية (ص 336).
(2)
انظر: مغني المحتاج (2/ 198).
(3)
انظر: منتهى الإرادات (1/ 292).
أولا: ذكر بعض الباحثين
(1)
تعريفا نسبوه لأبي حامد الغزالي
(2)
رحمه الله، فهموه واستنبطوه من كلامه في الضمان في كتابه الوجيز
(3)
.
وهذا التعريف هو: «أن الضمان هو: وجوب ردّ الشيء أو أداء بدله بالمثل أو بالقيمة» .
- ويرد على هذا التعريف عدة اعتراضات، هي:
1 -
أن هذا التعريف لا يصح نسبته للشيخ أبي حامد الغزالي على أنه تعريف للضمان؛ لأنه لم ينص على أنه تعريف للضمان، وإنما ذكره في الركن الثالث، وهو في الواجب في الضمان
(4)
.
2 -
أن هذا التعريف يحصر الضمان بالتعدي على الأموال دون التعدي على الأنفس، فيكون غير جامع لأفراد المعرَّف
(5)
.
3 -
أن هذا التعريف لا يشمل الضمان الناشئ عن العقد، الذي يذكره الفقهاء ضمن أسباب الضمان، وبهذا يكون التعريف غير جامع لأفراد مصطلح الضمان
(6)
.
(1)
نظرية الضمان للزحيلي (ص 14)، ضمان المتلفات (ص 31)، ضمان العدوان (ص 46).
(2)
هو الفقيه الأصولي زين الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي، ولد سنة 450، ودرس على أبي نصر الإسماعيلي وإمام الحرمين وغيرهما، من تلاميذه: أبو بكر بن العربي وأبو العباس أحمد الخطيبي وغيرهما، وله مؤلفات منها:"الوجيز" و"إحياء علوم الدين" و"المستصفى" في أصول الفقه، توفي سنة 505 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 322، 335، 337)، طبقات الشافعية لابن السبكي (6/ 191) وما بعدها، طبقات الشافعية للإسنوي (2/ 111 - 113).
(3)
الوجيز (1/ 208).
(4)
انظر: ضمان المتلفات (ص 32).
(5)
انظر: ضمان العدوان (ص 47).
(6)
انظر: المرجع السابق.
ثانياً: أورد أبو العباس الحموي تعريفا للضمان، فقال:
«الضمان - كما عرف -: عبارة عن ردّ مثل الهالك إن كان مثلياً، أو قيمته إن كان قيميا»
(1)
.
ثالثا: وشبيه به تعريف مجلة الأحكام العدلية، وهو:
أنّ «الضمان إعطاء مثل الشيء إن كان من المثليات، وقيمته إن كان من القيميات»
(2)
.
ويرد على هذين التعريفين عدة اعتراضات، منها:
1 -
يرد عليهما ما ورد على التعريف المنسوب للغزالي في النقطتين الأخيرتين.
2 -
أن هذين التعريفين لا يشملان ضمان الغصب، وإنما يختصان بضمان المتلفات؛ لأنه قد يوجد المغصوب بعينه فيضمنه الغاصب برده لا بمثله ولا بقيمته، وبهذا يكون التعريف المنسوب للغزالي أعمّ من هذين التعريفين.
رابعاً: التعريف الذي نقله أبو عبد الله الشوكاني
(3)
رحمه الله عن صاحب ضوء النهار:
(1)
غمز عيون البصائر (4/ 6، 7).
(2)
درر الحكام (1/ 448).
(3)
هو المفسر المحدث أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني الخولاني ثم الصنعاني، ولد بهجرة شوكان سنة 1173 هـ، قرأ على والده وأحمد بن محمد الحرازي وغيرهما، وكان مشتغلا في جميع أوقاته بالعلم درسا وتدريسا وإفتاء وتصنيفا، من مؤلفاته:"نيل الأوطار في شرح منتقى الأخبار" و"السيل الجرار" و"إرشاد الفحول" في أصول الفقه، وغيرها، توفي سنة 1250 هـ.
انظر: البدر الطالع (2/ 214 - 225)، الأعلام (6/ 298)، معجم المؤلفين (3/ 541 - 542).
وهو أن: «الضمان عبارة عن غرامة التالف»
(1)
.
وهو قريب من تعريف الحموي ومجلة الأحكام العدلية، إلا أنه لم يحدد الواجب في الضمان، ويرد عليه ما يرد على هذين التعريفين من اعتراضات، إلا أنه لا يختص - فيما يظهر لي - بالتعدي على الأموال، بل يشمل التعدي على الأنفس، فيكون بهذا أعمّ من التعاريف السابقة من هذه الحيثية.
خامساً: تعريف علي الخفيف
(2)
:
قال رحمه الله: «والضمان بمعناه الأعمّ في لسان الفقهاء هو: شغل الذمة بما يجب الوفاء به من مال أو عمل»
(3)
.
(4)
.
(1)
نيل الأوطار (5/ 336).
(2)
هو القاضي الأستاذ علي بن محمد الخفيف، ولد سنة 1309 هـ بمحافظة المنوفية في مصر، حفظ القرآن الكريم ثم التحق بالأزهر ثم بمدرسة القضاء الشرعي، وعمل أستاذا بمعهد الدراسات العربية العالمية، وكان عضوا في مجمع البحوث الإسلامية ومجمع اللغة العربية والمجلس الأعلى للأزهر، له مؤلفات منها:"أحكام المعاملات الشرعية" و"الملكية في الشريعة الإسلامية" و"الضمان في الفقه الإسلامي"، توفي سنة 1398 هـ.
انظر: تتمة الأعلام (1/ 385 - 386)، تكملة معجم المؤلفين (ص 390).
(3)
الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 5).
(4)
المرجع السابق.
وبهذا يكون التعريف شاملا لما يضمنه الشخص نتيجة إلزام الشارع، أو التزام المكلف، أو بما وجب بفعلٍ أو تركٍ غير مشروعين.
سادساً: تعريف مصطفى الزرقا، قال الشيخ:«الضمان: التزام بتعويض مالي عن ضرر للغير»
(1)
.
وهو أوجز التعاريف وأخصرها، إلا أنه يرد عليه بعض الاعتراضات، وهي:
1 -
أنه ذكر أن الضمان التزام، وهذه الكلمة لا تشمل جميع أسباب الضمان، وإنما تختص بالضمان بسبب العقد فحسب، فيكون التعريف غير جامع.
2 -
أنه قصر الضمان الالتزامي على التعويض المالي، وهذا مخالف للضمان بمعناه الأعمّ الذي يشمل ضمان النفس.
3 -
أن كلمة (تعويض) في التعريف لا تشمل - في نظري - الضمان برد العين إذا كانت باقية بحالها لم تتغير بزيادة أو نقص.
سابعاً: تعريف الدكتور وهبة الزحيلي:
(2)
.
ويرد على هذا التعريف ما ورد على تعريف الزرقا من اعتراضات، إلا أنه لم يقيد التعويض بكونه ماليا، وبهذا يكون تعريف الزحيلي أعمّ من تعريف الزرقا.
(1)
المدخل للزرقا (2/ 1032).
(2)
نظرية الضمان للزحيلي (ص 15).
ثامناً: تعريف الدكتور محمد فوزي:
قال الدكتور محمد: «ويمكن القول في تعريفه إنه: شغل الذمة بحق أو بتعويض عن ضرر»
(1)
.
ويرد على هذا التعريف أن فيه تكرارا، حيث إن التعويض عن الضرر حق ثبت في الذمة فلا حاجة لإعادة ذكره.
تاسعاً: تعريف الدكتور محمد أحمد سراج:
(2)
.
ويلاحظ على هذا التعريف ما يلي:
1 -
أن عبارة (بحق ماليّ) في التعريف تخرج ضمان النفس، وبهذا يكون التعريف غير جامع.
2 -
أنه فصّل في ذكر ما يسبب الضمان، مما جعل التعريف طويلا، في حين أنه كان بإمكانه أن يذكر عبارة مختصرة تشمل جميع أسباب الضمان كما فعل ذلك الشيخ علي الخفيف
(3)
.
(1)
نظرية الضمان لمحمد فوزي (ص 14).
(2)
ضمان العدوان (ص 47).
(3)
انظر: الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 5).
عاشراً: تعريف الدكتور عبدالله الدرعان:
قال الدكتور عبدالله الدرعان: «يمكننا تعريفه بما هو أظهر، فنقول: هو التزام بتعويض الغير عما لحقه من ضرر في ماله أو نفسه»
(1)
.
وهذا التعريف مستل ومختصر من تعريف الزحيلي، وعليه فإنه يرد عليه ما ورد على تعريف الزحيلي من انتقادات.
التعريف الراجح:
وبعد هذه الجولة العامة على ما وقفت عليه من تعاريف للضمان بمعناه العام وذكرٍ لما يرد عليها من ملاحظات واعتراضات تبيّن لي أن أقرب هذه التعاريف لمعنى الضمان بمفهومه العام هو تعريف الأستاذ علي الخفيف، وهو:«شغل الذمة بما يجب الوفاء به من مال أو عمل» .
وقد تمّ اختيار هذا التعريف للأسباب التالية:
1 -
أنه عبّر بـ (شغل الذمة)، وهذا يشمل أسباب الضمان كلها.
2 -
أنه عبّر بـ (ما يجب الوفاء به)، وهذا يشمل أنواع الضمان كلها.
3 -
أن قوله (شغل الذمة) يخرج الحوالة؛ لأنها براءة ذمة.
4 -
وبهذا يكون التعريف جامعا مانعا.
5 -
سلامة التعريف من الاعتراضات والملاحظات.
ملاحظتان مهمتان حول تعريف الضمان بمعناه العام:
1 -
أن الفقهاء رحمهم الله لم يخصصوا للضمان بمعناه العام بابا مفردا في كتبهم كما فعلوا في الضمان بمعناه الخاص، بل بثّوا مسائله وأحكامه في ثنايا
(1)
المدخل للدرعان (ص 655).