الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(د) إذا لابس التسبب ما يقتضي تشديد مسئولية المتسبب، كالخيانة مثلا، أو لابس المباشرة ما يقتضي تخفيف مسئولية المباشر كنقص الأهلية، أو كون التسبب هو الدافع (كما في الفرع الثاني والثالث والرابع والرابع عشر).
(هـ) إذا تعذر تضمين المباشر (كما في الفرع الرابع والرابع عشر والخامس عشر).
(و) إذا كان التسبب بطريق الإكراه للمباشر، ويلاحظ أن في هذا الحكم خلافاً مشهورا بين المذاهب، بل حتى في المذهب الواحد»
(1)
.
هذا، وقد جاء في المادة (1427) من مجلة الأحكام الشرعية ما نصه:«لا عبرة لمباشرة من لا يمكن إحالة الحكم عليه، ويكون الضمان على المتسبب»
(2)
.
الحال الثالثة: أن يشترك في الضمان كل من المباشر والمتسبب:
وذلك إذا كانت المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه، سواء كانت ملجئة إليه أم غير ملجئة.
ومن الفروع المندرجة تحتها ما يأتي:
1 -
إذا أكره رجل على قتل آخر ظلماً، فقتله، فإن القود والضمان يجب على الاثنين: المُكرِه والمُكرَه
(3)
.
(1)
الفعل الضار (ص 91 - 92) بتصرف.
(2)
مجلة الأحكام الشرعية (ص 444).
(3)
انظر: الفروق (2/ 208)، روضة الطالبين (9/ 135)، المغني (11/ 455)، تقرير القواعد (2/ 606).
2 -
إذا أكره رجلٌ آخر على إتلاف مال الغير، فإن الضمان يجب على المكرِه والمتلِف
(1)
.
3 -
إذا أمسك شخص رجلاً ليقتله آخر، فقتله، فإنهما يشتركان في الضمان والقود
(2)
.
4 -
إذا كان اثنان مع دابة، بأن كان أحدهما سائقاً، والآخر راكباً، فوطئت الدابة شيئاً فأتلفته، فإنهما يشتركان في الضمان، مع أن السائق متسبب والراكب مباشر
(3)
.
5 -
إذا نخس
(4)
دابة شخص بأمر راكبها، فوطئت في فورها شيئاً فأتلفته، فالضمان عليهما؛ لأن سيرها في تلك الحال مضاف إليهما؛ إذ الناخس سائق، والآمر راكب
(5)
.
6 -
إذا حفر إنسان بئرا لإتلاف دابة شخص، فرداها في الحفرة غير الحافر، فإن الحافر المتسبب والمردي المباشر يشتركان في الضمان
(6)
.
7 -
لو دل الموَدع لصاً على الوديعة، فسرقها، فالضمان على الاثنين المودَع والسارق
(7)
.
(1)
انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/ 444)، تقرير القواعد (2/ 602 - 603).
(2)
انظر: المغني (11/ 596)، تقرير القواعد (2/ 602).
(3)
انظر: تبيين الحقائق (6/ 150)، شرح القواعد (ص 448).
(4)
نخس: أي طعن وغرز بعود أو غيره، يقال: نخس الدابة نخساً، إذا طعن أو غرز مؤخرها أو جنبها بعود ونحوه. انظر: المصباح المنير (ص 216)، القاموس المحيط (ص 1719).
(5)
انظر: تبيين الحقائق (6/ 150).
(6)
انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/ 444 - 445).
(7)
انظر: تقرير القواعد (2/ 607).
8 -
لو دلّ المحرم محرماً آخر على صيد، فقتله، فالضمان عليهما
(1)
.
9 -
لو أحرم وفي يده المشاهدة صيد، وتمكن من إرساله، فلم يفعل حتى قتله محرم آخر، فالضمان عليهما، على الأول باليد، وعلى الثاني بالمباشرة
(2)
.
ومن خلال استقراء الأمثلة السابقة والنظر في كلام العلماء، يمكن أن أشير إلى بعض الأحوال التي يشترك فيها المباشر والمتسبب في الضمان إذا اجتمعا في التلف، مع ما قد يوجد بينهما من التداخل، وهذه الأحوال هي:
1 -
أن يعمل السبب في الإتلاف، إذا انفرد عن المباشرة، فإن المباشر والمتسبب يشتركان حينئذ في الضمان (كما في الفرع الرابع والخامس).
يقول عثمان الزيلعي: «
…
إن السبب إنما لا يضمن مع المباشر، إذا كان السبب لا يعمل بانفراده في الإتلاف، كما في الحفر مع الإلقاء، فإن الحفر لا يعمل شيئاً بدون الإلقاء، وأما إذا كان السبب يعمل بانفراده فيشتركان»
(3)
.
2 -
أن تكون المباشرة مغمورة، فإن الضمان يجب عليهما، ولا تغلب المباشرة، لقوة التسبب (كما في الفرع الأول والثاني).
يقول أحمد القرافي: «
…
تقديما للمباشرة على التسبب؛ لأن شأن الشريعة تقديم الراجح عند التعارض، إلا أن تكون المباشرة مغمورة، كقتل المكره، فإن القصاص يجب عليهما، ولا تغلب المباشرة، لقوة التسبب»
(4)
.
(1)
انظر: تقرير القواعد (2/ 607).
(2)
انظر: المرجع السابق.
(3)
تبيين الحقائق (6/ 150). وانظر: شرح القواعد (ص 448)، الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 83).
(4)
الفروق (2/ 208).
3 -
أن يكون المتسبب قد قصد إلى إتلاف مال معين بفعله، فجاء آخر فباشر الإتلاف، فإن الضمان يجب على المباشر والمتسبب
(1)
(كما في الفرع الثالث والسادس).
4 -
أن يعتدل السبب والمباشرة، وذلك بأن يتساوى أثر المباشرة والتسبب في إحداث التلف؛ فهنا يشتركان في الضمان
(2)
(كما في الفرع الأول والثاني).
5 -
أن تكون المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه - سواء كانت ملجئة إليه أم غير ملجئة - ووجد عدوان في المباشرة، فهنا يشترك كل من المباشر والمتسبب في الضمان
(3)
(كما في الفرع الأول والثاني والثالث والثامن والتاسع).
وبعد ذكر هذه الأحوال الثلاث يتضح لنا أن القاعدة عند اجتماع المباشر والمتسبب في الإتلاف أن يكون الضمان على المباشر دون المتسبب؛ لأن المباشرة أقوى وألصق بالفعل.
ويستثنى من هذه القاعدة بعض الفروع الفقهية في بعض الأحوال، تقدم بيانها في الحالين الثانية والثالثة.
(1)
انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (3/ 444 - 445، 4/ 243 - 245)، الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 84).
(2)
انظر: العزيز (10/ 139 - 140)، روضة الطالبين (9/ 135)، ضمان العدوان (ص 251).
(3)
انظر: العزيز (10/ 140)، تقرير القواعد (2/ 597)، الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 85 - 86).