الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالمتسبب في اللغة: اسم فاعل من التسبب، والسبب هو عبارة عن كل شيء يتوصل به إلى غيره
(1)
.
وفي الاصطلاح: «هو الذي حصل التلف بفعله، وتخلل بين فعله والتلف فعل مختار»
(2)
.
أو يقال: «المتسبب في حادثة: هو الذي يفعل ما يؤدي إليها ولا يباشرها مباشرة»
(3)
.
المطلب الثالث
في المعنى الإجمالي للقاعدة
إذا اجتمع في إتلاف الشيء شخصان أحدهما مباشر للإتلاف،
…
والآخر متسبب فيه، وذلك بأن يتخلل بين عمل المتسبب والإتلاف فعل شخص آخر مختار (هو المباشر)، فإن الضمان حينئذ يكون على المباشر للإتلاف
(4)
.
مثاله: من حفر بئرا لإنسان ليقع فيه، فجاءه آخر فألقاه فيه، فهذا مباشر والأول متسبب، فالضمان على الثاني دون الأول، تقديما للمباشرة على التسبب
(5)
.
(1)
انظر: لسان العرب (1/ 455 - 460)، القاموس المحيط (ص 123).
(2)
غمز عيون البصائر (1/ 466).
(3)
المدخل الفقهي للزرقاء (1/ 1045).
(4)
انظر: درر الحكام (1/ 91)، المدخل الفقهي للزرقاء (2/ 1047).
(5)
انظر: المرجعين السابقين، والفروق (2/ 208).
المطلب الرابع
في أقوال الفقهاء وأدلتهم في القاعدة
اتفق فقهاء الحنفية
(1)
والمالكية
(2)
والشافعية
(3)
والحنابلة
(4)
من حيث الجملة على صحة القاعدة والعمل بها، وأنه إذا اجتمع مباشر ومتسبب في إتلاف شيء وجب الضمان على المباشر دون المتسبب، وذلك حينما تتوفر شروط إعمال القاعدة، كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
والأصل في هذه القاعدة اتفاق الفقهاء عليها من حيث الجملة
(5)
، وذلك مبني على اتفاقهم على أن الأصل أن يضاف الحكم إلى العلة المؤثرة التي بها يوجد الفعل، بخلاف السبب، فإنه قد يوجد السبب ولا يوجد الفعل
(6)
.
(1)
انظر: المبسوط (24/ 73)، بدائع الصنائع (7/ 275)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 135)، الفوائد الزينية (ص 93)، مجمع الضمانات (1/ 405)، درر الحكام (1/ 91)، الفرائد البهية (ص 131).
(2)
انظر: الإشراف (2/ 978)، الفروق (2/ 208، 4/ 28)، القواعد للمقري خ 166، حاشية الدسوقي (3/ 444، 452)، شرح المنهج المنتخب (ص 537).
(3)
انظر: معالم السنن (6/ 309)، الحاوي (4/ 308، 12/ 371، 13/ 364)، العزيز (5/ 399)، روضة الطالبين (5/ 4)، المنثور (1/ 133، 134)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 162).
(4)
انظر: المغني (11/ 455، 457، 507، 568، 598، 12/ 85)، شرح مختصر الروضة (1/ 427)، تقرير القواعد (2/ 97)، القواعد الكلية والضوابط الفقهية (ص 98 - 99)، الإرشاد للسعدي (ص 148).
(5)
كما في المراجع التي في الحواشي الأربعة السابقة.
(6)
انظر: كشف الأسرار (4/ 306)، شرح القواعد (ص 447)، الفروق (2/ 208)، المستصفى (1/ 177)، شرح مختصر الروضة (1/ 427)، شرح الكوكب المنير (1/ 448).
وفي ذلك يقول الشييخ أحمد الزرقا: «
…
لما تقدم في المادة السابقة من أن الفاعل هو العلة المؤثرة، والأصل في الأحكام أن تضاف إلى عللها المؤثرة لا إلى أسبابها الموصلة؛ لأن تلك أقوى وأقرب؛ إذ المتسبب هو الذي تخلل بين فعله والأثر المترتب عليه من تلف أو غيره فعل فاعل مختار، والمباشر هو الذي يحصل الأثر بفعله من غير أن يتخلل بينهما فعل فاعل مختار، فكان أقرب لإضافة الحكم إليه من المتسبب»
(1)
.
ويؤيد هذا الأصل قوله جلَّ وعلا: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(2)
.
وكذلك ما جاء عن عمرو بن الأحوص
(3)
رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع للناس: (
…
ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده .. )
(4)
.
فإنه يستدل بهذه الآية الكريمة والحديث النبوي الشريف على المبدأ العام الذي ينص على عدم مساءلة الإنسان عن ضرر أو تلف يحدثه غيره، ولا يدَ له
(1)
شرح القواعد (ص 447).
(2)
سورة الأنعام، الآية [164].
(3)
هو الصحابي الجليل أبو سليمان عمرو بن الأحوص بن جعفر بن كلاب الجشمي؛ من بني جشم بن سعد، وقيل: إنه أنصاري، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد معه حجة الوداع، وشهد اليرموك في زمن عمر رضي الله عنه، وروى عنه ابنه سليمان.
انظر: الطبقات الكبرى (6/ 127)، الإصابة (4/ 283)، تهذيب التهذيب (8/ 3).
(4)
أخرجه أحمد في المسند (3/ 498 - 499)، والترمذي في سننه: كتاب الفتن، باب ما جاء «دماؤكم وأموالكم عليكم حرام» (4/ 401) برقم 2159، وفي كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة التوبة (5/ 255) برقم 3087، وابن ماجه في سننه: كتاب المناسك، باب الخطبة يوم النحر (3/ 486) برقم 3055، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصحّحه الألباني في إرواء الغليل (7/ 332 - 334).