الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث
في المعنى الإجمالي للقاعدة
من أتلف مالا بغير حق وجب عليه ضمانه، سواء أتلفه عمدا أم خطأ
(1)
.
المطلب الرابع
في دراسة القاعدة
يمكن دراسة هذه القاعدة من خلال الفروع الأربعة الآتية.
الفرع الأول: أقوال الفقهاء وأدلتهم في القاعدة:
اتفق الفقهاء على صحة القاعدة، وهو أن من أتلف مالا من حقوق الآدميين بغير حق، وجب عليه ضمانه، سواء كان عامدا أم مخطئا، وإنما فرقوا بينهما من جهة الإثم، فيأثم العامد دون المخطئ
(2)
.
(1)
انظر: القواعد والأصول الجامعة (ص 43)، موسوعة القواعد للبورنو (3/ 47)، قواعد الفقه للروكي (ص 232)، موسوعة القواعد للندوي (1/ 279).
(2)
انظر: المبسوط (16/ 11)، الهداية مع فتح القدير (5/ 157)، البناية (6/ 438 - 439)، الاستذكار (22/ 271، 278)، الكافي لابن عبدالبر (ص 404، 606)، قوانين الأحكام الشرعية (ص 344)، الفروق (1/ 213، 2/ 209)، الذخيرة (12/ 259)، القواعد للمقري (2/ 603)، عدة البروق (ص 335، 639)، حاشية الدسوقي والشرح الكبير (3/ 420، 457)، الأم (2/ 182 - 183)، الإشراف لابن المنذر (2/ 565)، الحاوي (7/ 50، 170، 8/ 359،
…
15/ 105، 305، 17/ 270)، قواعد الأحكام (1/ 35، 263، 2/ 6، 268)، المجموع المذهب بتحقيق محمد صالح فرج (ص 258)، فتح الباري (5/ 191، 11/ 559)، المقنع للبنا (3/ 1024)، المغني (11/ 329، 560، 12/ 505)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (29/ 327)، إعلام الموقعين (2/ 152)، المبدع (5/ 110)، كشاف القناع (3/ 14)، مجلة الأحكام الشرعية (ص 446)، القواعد والأصول الجامعة (ص 43)، المحلى (6/ 91، 429).
يقول الإمام محمد بن إدريس الشافعي: «ولم أعلم بين المسلمين اختلافا أن ما كان ممنوعا أن يتلف من نفس إنسان أو طائر أو دابة أو غير ذلك مما يجوز ملكه، فأصابه إنسان عمدا، فكان على من أصابه فيه ثمن يؤدى لصاحبه، وكذلك فيما أصاب من ذلك خطأ، لا فرق بين ذلك إلا المأثم في العمد»
(1)
.
ويقول الإمام أبو بكر بن المنذر: «وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يقولون: الخطأ والعمد في الجنايات على أموال الناس واحد، يغرمه من أصاب من ذلك شيئا إلا في المأثم، فإن من أخطأ فأتلف شيئا لا مأثم عليه، وعليه الغرم، وإنما يلزم المأثم من علم الشيء فتعمده وأصابه فأتلفه، ولا يفارق أحدا من الجانبين الغرم»
(2)
.
ويقول العلامة أبو العباس القرافي: «فإن الإجماع منعقد على تعدد الضمان فيما يتعدد الإتلاف فيه، وأن العمد والخطأ في ذلك سواء»
(3)
.
وهناك أدلة - غير ما ذكرت من الإجماع - من الكتاب والسنة، جعلتها في القسمين التاليين:
القسم الأول: الأدلة الدالة على أن المتلف إذا كان عامدا فإن عليه الإثم والضمان، وإذا كان مخطئا فعليه الضمان فقط:
1 -
(4)
.
(1)
الأم (2/ 182 - 183).
(2)
الإشراف لابن المنذر (2/ 565).
(3)
الفروق (2/ 209). وانظر: الذخيرة (12/ 259).
(4)
سورة النساء، الآية [29].
وجه الدلالة: أن الله عز وجل نهى عن أكل أموال الناس بالباطل، وهذا يوجب على متلفها بغير وجه حق الإثم والضمان، دون تفريق بين العامد والمخطئ في ضمان الأموال
(1)
.
2 -
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)
(2)
.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن الأموال محترمة، وأن إتلافها بغير حق حرام، وهذا يقتضي وجوب الضمان وحلول الإثم على متلفها، مع عدم التفريق بين العامد والمخطئ في وجوب ضمان المتلفات
(3)
.
القسم الثاني: الأدلة الدالة على رفع الإثم عن المتلف المخطئ:
1 -
قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}
(4)
.
2 -
قال تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}
(5)
.
3 -
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قد استجاب هذا الدعاء، وقال: قد فعلت
(6)
.
(1)
انظر: المحلى (6/ 429 - 430)، البناية (10/ 213).
(2)
سبق تخريجه صفحة 81.
(3)
انظر: المحلى (6/ 429 - 430)، البناية (10/ 213).
(4)
سورة الأحزاب، الآية [5].
(5)
سورة البقرة، الآية [286].
(6)
سبق تخريجه صفحة 327.