الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الأول: في وجوب الضمان على المتسبب بالإتلاف:
اتفق فقهاء الحنفية
(1)
والمالكية
(2)
والشافعية
(3)
والحنابلة
(4)
- من حيث الجملة - على أن من تسبب في إتلاف شيء، وجب عليه ضمان ما تسبب في إتلافه، إذا كان متعديا.
لكنهم اختلفوا في تقدير وجود التسبب وعدمه في بعض المسائل الفقهية؛ فمنهم من رأى وجود التسبب، ومنهم من لم يره.
واستدلوا على وجوب الضمان على المتلف المتسبب بما يأتي:
1 -
قال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}
(5)
.
وجه الدلالة: أن الآية الكريمة دلت على أن من اعتدى على مال غيره
…
- ومنه الإتلاف تسببا - فإن لصاحب المال أن يأخذ منه بدله
(6)
.
(1)
انظر: المبسوط (4/ 88، 11/ 54، 20/ 177، 26/ 182، 27/ 22)، بدائع الصنائع (7/ 165)، الهداية مع البناية (12/ 329)، البناية (12/ 286 - 287)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 243)، مجمع الضمانات (1/ 345، 381)، الفرائد البهية (ص 131، 210)، درر الحكام (1/ 94)، شرح القواعد الفقهية (ص 455).
(2)
انظر: بداية المجتهد (2/ 386)، الفروق (2/ 206 - 207، 4/ 27)، ترتيب الفروق (2/ 188)، قوانين الأحكام الشرعية (ص 344)، إيضاح المسالك (ص 77 - 78)، شرح المنهج المنتخب (ص 534 - 537).
(3)
انظر: الوجيز (1/ 205)، قواعد الأحكام (2/ 265)، روضة الطالبين (5/ 4)، المنثور (2/ 322 - 323)، القواعد للحصني (3/ 420 - 423)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 362).
(4)
انظر: المغني (12/ 88)، إعلام الموقعين (2/ 46، 3/ 330)، تقرير القواعد (2/ 316)، مغني ذوي الأفهام (ص 186)، الإقناع (2/ 591 - 592)، تحفة أهل الطلب (ص 105)، القواعد والأصول الجامعة (ص 43)، الإرشاد للسعدي (ص 148).
(5)
سورة البقرة، الآية [194].
(6)
انظر: تيسير الكريم الرحمن (ص 89).
2 -
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن ناقة له دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها
(1)
.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم ألزم أصحاب المواشي بضمان ما أتلفته مواشيهم ليلا، ومعلوم أن أصحاب المواشي لم يباشروا الإتلاف هنا، وإنما تسببوا في ذلك بإهمالهم لمواشيهم، فدل ذلك على وجوب الضمان على من تسبب بالإتلاف إذا كان معتدياً.
3 -
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)
(2)
.
وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الضرر والإضرار بالآخرين، وهذا يقتضي أن من تعدى في شيء فتسبب في إتلاف نفس أو مال، فإن الضمان يجب عليه.
4 -
حكى بعض العلماء الاتفاق على أن إتلاف المتسبب موجب للضمان، يقول العلامة أبو العباس القرافي:«وللسبب الموجب للضمان نظائر كثيرة، منها متفق عليه، ومنها مختلف فيه، لكن حصل الاتفاق من حيث الجملة على أن التسبب موجب للضمان»
(3)
.
وقال القاضي أبو عبد الله المقري: «قاعدة: تقدم أن أسباب الضمان ثلاثة: الإتلاف والتسبب ووضع اليد غير المؤتمنة
…
وعلى هذه القاعدة تتخرج فورع
(1)
تقدم تخريجه صفحة 72.
(2)
تقدم تخريجه صفحة 84.
(3)
الفروق (2/ 207).