الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال
(1)
.
فهذه نصوص صريحة تدل على تحريم الإسراف والتبذير وإضاعة المال، ومن ذلك إتلاف المرء ماله بغير منفعة دينية أو دنيوية.
الفرع الثاني: في ضمان الإنسان ما أتلف من ماله:
لم أجد - حسب ما وقفت عليه - من استوفى الكلام على القاعدة بذكر أقوال الفقهاء فيها وأدلتهم، إلا أنه من خلال تتبعي لبعض فروع القاعدة تبين لي أن فقهاء المذاهب الأربعة - الحنفية
(2)
والمالكية
(3)
والشافعية
(4)
والحنابلة
(5)
- اتفقوا على قبولها والعمل بها، واستدلوا على ذلك بأدلة يمكن تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: أدلة الشطر الأول من القاعدة، وهو أنه لا يجب الضمان بإتلاف ملكه إذا لم يتعلق به حق لغيره:
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق، باب ما يكره من قيل وقال (4/ 186) برقم (6473)، وفي كتاب الاعتصام بالسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال (4/ 362) برقم (7292)، ومسلم في صحيحه: كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (3/ 1341) برقم (593) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(2)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 163)، الهداية مع البناية (4/ 350 - 353)، الدر المختار مع حاشية رد المحتار (6/ 516).
(3)
انظر: الكافي لابن عبد البر (ص 155)، حاشية الدسوقي (3/ 242)، شرح الزرقاني على خليل (5/ 244)، منح الجليل (5/ 446).
(4)
انظر: المهذب مع المجموع (12/ 372)، روضة الطالبين (3/ 163)، المنثور (3/ 360)، مغني المحتاج (4/ 93).
(5)
انظر: المغني (5/ 422 - 423)، تقرير القواعد (3/ 49)، الإنصاف (8/ 298 - 301)، الإقناع (2/ 321 - 322)، كشاف القناع (3/ 335، 336).
1 -
لأن الضمان لا يستحقه إلا المالك، ولا يكون الإنسان مدينا لنفسه؛ لأنه لا يطالب نفسه
(1)
.
2 -
«لأنه لا فائدة من هذا الضمان؛ إذ إنه إن ضمن يضمن لنفسه، فكأنّ يده اليمنى تعطي يده اليسرى، وذلك لا معنى له؛ لأنه لا يقع في هذه الحال غرم ولا غارم.
وليس معنى ذلك أنه يُعفى من كل تبعة لإتلافه، بل إنه مسئول دينا عما أضاع، وقد يستحق التعزيز على عمله، وقد يؤدي عمله إلى إثبات سفهه أو نقصان عقله، فيمنع من التصرف في ماله، ويتولاه عنه غيره»
(2)
.
القسم الثاني: أدلة الشطر الثاني من القاعدة، وهو أنه يجب على الإنسان الضمان إذا أتلف ملكه الذي تعلق به حق لغيره:
1 -
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار)
(3)
.
وجه الدلالة: أن في إتلاف ملكه الذي تعلق به حق لغيره إضراراً بصاحب هذا الحق، وقد نهينا عن الإضرار بالآخرين.
2 -
لأن المُتْلَف وإن كان مملوكا له إلا أنه قد فوت حقا قويا محترما لغيره لا ينفرد بإسقاطه، فيكون كالأجنبي في حق وجوب الضمان
(4)
.
(1)
أحكام المعاملات الشرعية (ص 45 - 46).
(2)
الملكية لأبي زهرة (ص 68).
(3)
تقدم تخريجه صفحة 84.
(4)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 163)، الهداية مع فتح القدير (9/ 114)، حاشية رد المحتار (6/ 516).