الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
قاعدة: المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد
ذكرت - فيما سبق - أن الإتلافات التي يجب فيها الضمان إما أن تكون على سبيل المباشرة، وإما أن تكون على سبيل التسبب، وقد تناولت في القاعدة السابقة الحديث عن المتلف المباشر، وفي هذه القاعدة سأتناول الحديث عن المتلف المتسبب، وذلك في المطالب التالية:
المطلب الأول
في صيغ القاعدة
لقد اهتم علماؤنا بهذه القاعدة اهتماما كبيرا، وذكروا لها النصوص الفقهية والصيغ الكلية، وقد كان لفقهاء الحنفية النصيب الأوفر في الاهتمام بهذه القاعدة والعناية بها، وبعد البحث والتنقيب يسّر الله لي الوقوف على طائفة من هذه الصيغ والنصوص الفقهية، أذكرها مرتبة حسب الترتيب المذهبي:
أولاً: المذهب الحنفي:
1 -
قال أبو بكر الجصاص
(1)
: «كل من صحّت شهادته لزمه الضمان عند الرجوع»
(2)
.
(1)
هو العلامة المفتي أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، ولد سنة 305 هـ، وسمع الحديث من أبي العباس الأصم وأبي القاسم الطبراني، وتفقه على أبي الحسن الكرخي، وتخرج به علماء ببغداد، وإليه المنتهى في معرفة المذهب، ومن مؤلفاته:"أحكام القرآن" و"شرح مختصر الطحاوي" و"شرح الجامع الكبير لمحمد بن الحسن"، توفي سنة 370 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 340)، البداية والنهاية (11/ 317)، الجواهر المضية (1/ 220 - 224).
(2)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 497).
مثاله: أن يشهد رجلان عند القاضي أن عبد محمد سرق مال خالد، فيأمر القاضي بقطع يد العبد، ثم يرجع الشاهدان في شهادتهما، فهنا يجب على الشاهدين ضمان يد العبد لسيده؛ لأنهما تسببا في إتلاف يده بشهادتهما.
2 -
قال أبو بكر السرخسي: «الإتلاف الحكمي في حكم الضمان كالإتلاف الحقيقي»
(1)
.
ومراده بالإتلاف الحكمي الإتلاف بالتسبب، وبالإتلاف الحقيقي الإتلاف بالمباشرة، كما يعرف من سباق الكلام وسياقه
(2)
.
3 -
وقال أبو بكر السرخسي أيضا: «الإتلاف المسبب إذا كان متعديا يجعل كالمباشر في حكم الضمان»
(3)
.
4 -
وقال أيضا: «التسبب إذا كان تعديا يكون موجبا للضمان»
(4)
.
5 -
وقال أيضا: «السبب متى كان بطريق التعدي فهو كالمباشرة في إيجاب الضمان»
(5)
.
6 -
وقال أيضا: «المسبب إذا لم يكن متعديا لا يكون ضامنا»
(6)
.
7 -
قال قاضيخان: «التسبيب بصفة التعدي ملحق بالمباشرة في إيجاب الضمان عليه»
(7)
.
(1)
المبسوط (26/ 182).
(2)
المرجع السابق.
(3)
المرجع السابق (11/ 54).
(4)
المرجع السابق (4/ 88).
(5)
المرجع السابق (20/ 177).
(6)
المرجع السابق (27/ 22).
(7)
شرح الزيادات (ص 2155 - 2156) بواسطة موسوعة القواعد للندوي (1/ 342).
8 -
قال أبو الحسن المرغيناني: «التسبيب بوصف التعدي سبب للضمان»
(1)
.
9 -
قال محمود العيني: «التسبب بطريق التعدي من أسباب الضمان»
(2)
.
10 -
قال ابن نجيم: «المباشر ضامن وإن لم يتعمد، والمتسبب لا، إلا إذا كان متعمداً»
(3)
.
11 -
قال ابن غانم البغدادي: «المباشر ضامن وإن لم يتعمد، والمتسبب لا إلا إذا كان متعدياً»
(4)
.
12 -
وقال ابن غانم البغدادي أيضا: «المتسبب لا يضمن إلا أن يتعدى»
(5)
.
13 -
قال ابن عابدين
(6)
: «المتسبب ضامن إذا كان متعدياً»
(7)
.
14 -
جاء في مجلة الأحكام العدلية ما نصه: «المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد»
(8)
.
(1)
الهداية مع البناية (12/ 329).
(2)
البناية (12/ 286 - 287).
(3)
الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 243).
(4)
مجمع الضمانات (1/ 345).
(5)
المرجع السابق (1/ 381).
(6)
هو الفقيه المفتي محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد الدمشقي الحنفي الشهير بابن عابدين، فقيه أصولي، ولد سنة 1198 هـ، قرأ على سعيد الحموي وشاكر العقاد، ومن مؤلفاته:"رد المحتار على الدر المختار" و"وعقود رسم المفتي" و"الإبانة عن أخذ الأجرة على الحضانة"، توفي سنة 1252 هـ.
انظر: هدية العارفين (6/ 367)، إيضاح المكنون (3/ 7)، معجم المؤلفين (3/ 145).
(7)
حاشية رد المحتار (5/ 386).
(8)
شرح المجلة (ص 60)، درر الحكام (1/ 94)، شرح القواعد الفقهية (ص 455).
15 -
قال محمود حمزة: «كل مسبب لم يطرأ عليه مباشر كان عليه الضمان»
(1)
.
16 -
وقال محمود حمزة أيضا: «يضاف الفعل إلى المسبب إن لم يتخلل واسطة»
(2)
.
ثانياً: المذهب الشافعي:
قال أبو الحسن الماوردي: «كل إتلاف ضمن بالمباشرة ضمن بالشهادة»
(3)
.
ثالثاً: المذهب الحنبلي:
1 -
قال أبو محمد ابن قدامة: «يجب الضمان بالسبب كما يجب بالمباشرة»
(4)
.
2 -
وقال أبو محمد ابن قدامة أيضا: «كل موضع وجب الضمان على الشهود بالرجوع فإنه يوزع بينهم على عددهم»
(5)
.
3 -
وقال ابن قيم الجوزية: «إتلاف المتسبب كإتلاف المباشر في أصل الضمان»
(6)
.
4 -
وقال ابن قيم الجوزية أيضا: «من تسبب إلى إتلاف مال غيره وجب عليه ضمانه»
(7)
.
(1)
الفرائد البهية (ص 131).
(2)
المرجع السابق (ص 210).
(3)
الحاوي (17/ 257).
(4)
المغني (12/ 88).
(5)
المرجع السابق (14/ 251).
(6)
إعلام الموقعين (2/ 46).
(7)
الطرق الحكمية (ص 126).