الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضمان، وهي متفق عليها»
(1)
.
5 -
إن التسبب ليس بالعلة المستقلة، لوجود فعل آخر مفضٍ إلى التلف فاصل بينه وبين التلف، مع تراخٍ للتلف عن الفعل المسبب، فاقتضى أن يقترن بالعمل المسبب صفة عداء ليكون موجبا للضمان
(2)
.
الفرع الثاني: في المراد بالتعدي المشترط في وجوب الضمان على المتلف المتسبب:
ذكرت - في الفرع الأول - اتفاق الفقهاء على اشتراط التعدي لوجوب الضمان على المتلف المتسبب، كما ذكرت الأدلة التي استدلوا بها.
أما المراد بالتعدي المشترط هنا فهو أن «التعدي يستعمل في معنيين يجب التمييز بينهما، وتحديد أي منهما هو المراد في هذا المقام:
* فالمعنى الأول للتعدي هو المجاوزة الفعلية إلى حق الغير أو ملكه المعصوم؟
* والمعنى الثاني الذي قد يعبر عنه بالتعدي هو العمل المحظور في ذاته شرعا، بقطع النظر عن كونه متجاوزا على حدود الغير أم لا.
فالتعدي بالمعنى الأول (التجاوز) هو المقصود هنا في هذا المقام، وهو شرط أساسي في مسئولية كل من المباشر والمتسبب على سواء.
ولا يشترط لمسئولية المتعدي بهذا المعنى مباشرا كان أو متسبباَ، أن يكون متعمداً، أي: قاصدا للإضرار، بل يستوي عند وجود التعدي الخطأ والعمد.
(1)
القواعد (خ 140) بواسطة شرح المنهج المنتخب (ص 535). وانظر: الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 75، 83)، الفعل الضار (ص 75)، نظرية الضمان للزحيلي (ص 77)، ضمان المتلفات (ص 357).
(2)
انظر: شرح المجلة (ص 60)، درر الحكام (1/ 93)، الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 83).
أما المعنى الثاني للتعدي - وهو العمل المحظور شرعا - فليس بشرط للمسئولية في كل من المباشر والمتسبب، بعد توافر التعدي بمعنى التجاوز إلى حق الغير أو ماله المعصوم، فقد يتحقق التعدي بهذا المعنى ولا يكون الفعل محظورا شرعاً، بل قد يكون واجبا ويثبت معه الضمان»
(1)
.
«على أنه قد يقول متسائل: فما الفرق عندئذ بين التسبب والمباشرة في المسئولية، فإن المشهور لدى كل من كتبوا من المعاصرين في هذا الموضوع أن التعدي شرط في التسبب لا في المباشرة؟
(2)
.
فالجواب: أنه عند انفراد أحدهما - تسببا كان أو مباشرة - يكون فاعله مسئولا بالضمان بشرط التعدي، وإنما الفرق بينهما عند اجتماعها، فإذا اجتمع المباشر والمتسبب وكل منهما متعدٍّ فالمباشر هو الضامن»
(3)
، على تفصيل في ذلك، كما سيأتي في دراسة القاعدة الآتية.
(1)
الفعل الضار (ص 78 - 79).
(2)
انظر: الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 75، 83).
(3)
الفعل الضار (ص 83).
وقد انتقد القاضي محمد تقي العثماني في كتابه بحوث في قضايا فقهية معاصرة (ص 304) الأستاذ مصطفى الزرقا في قوله: إن المراد بالتعدي المشترط في وجوب الضمان على المتلف المتسبب هو «المجاوزة الفعلية إلى حق الغير أو ملكه المعصوم» ، وقال:«فالصحيح الذي يتبادر من كلام الفقهاء، أن التعدي الذي يشترط لتضمين المسبب هو التعدي بالمعنى الثاني، وهو أن يكون فعله المسبب للضرر محظورا في نفسه، وإن التعدي بهذا المعنى لا يشترط في تضمين المباشر» . إلا أنه لم يذكر دليلا يدل على صحة انتقاده. فالله أعلم.