الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشق الثاني: أن يكره شخص شخصاً آخر بإتلاف مال لغيره إكراهاً ملجئاً:
اختلف الفقهاء فيما إذا أكره شخص شخصاً آخر بإتلاف مال لغيره إكراها ملجئا، فمن الذي يتحمل الضمان؟
القول الأول: أن الضمان يجب على المكرَه الفاعل، وليس له حق الرجوع فيما ضمن على المكرِه الآمر. وهذا وجه عند الشافعية
(1)
ووجه عند الحنابلة
(2)
.
القول الثاني: أن الضمان يجب على المكره والمكره بالسوية. وهذا وجه عند الشافعية
(3)
ووجه عند الحنابلة
(4)
والظاهرية
(5)
.
القول الثالث: أن الضمان يجب على المكره والمكره معاً، لكن المباشر يقدم في الغرم على المتسبب، فلا يضمن المتسبب إلا إذا أعدم المباشر، وكل من غرم شيئاً منهما فلا رجوع له على صاحبه بشيء مما غرمه. هذا مذهب المالكية
(6)
.
القول الرابع: أن الضمان يجب على المكرِه الآمر. وهذا قول الحنفية
(7)
والمذهب
(1)
انظر: التهذيب للبغوي (7/ 66)، العزيز (10/ 150)، روضة الطالبين (9/ 142).
(2)
انظر: تقرير القواعد (2/ 602 - 603)، المبدع (5/ 190)، الإنصاف مع المقنع (15/ 298).
(3)
انظر: التهذيب للبغوي (7/ 66)، العزيز (10/ 150)، روضة الطالبين (9/ 142).
(4)
انظر: تقرير القواعد (2/ 602 - 603)، المبدع (5/ 190)، الإنصاف مع المقنع (15/ 298).
(5)
انظر: المحلى (11/ 168).
(6)
انظر: جامع الأمهات (ص 409)، الفروق (4/ 27)، شرح المنهج المنتخب (ص 535، 536)، حاشية الدسوقي (3/ 444)، منح الجليل (7/ 86 - 87).
(7)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 179)، الهداية مع فتح القدير (8/ 176 - 177)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 242، 244)، الفوائد الزينية (ص 96)، مجمع الضمانات (1/ 367، 368)، حاشية رد المحتار (6/ 214، 135)، الفرائد البهية (ص 139)، شرح المجلة (ص 58)، درر الحكام (1/ 90)، شرح القواعد (ص 443، 444).
عند الشافعية
(1)
ووجه عند الحنابلة عليه المذهب
(2)
.
دليل القول الأول:
علل أصحاب هذا القول لقولهم: بأن الضمان يلزم المكرَه الفاعل، كما لو اضطر إلى طعام غيره فأكله، فإنه يضمنه
(3)
.
وقد نوقش: «بأن هذا ضعيف جدا؛ لأن المضطر لم يلجئه إلى الإتلاف من يحال الضمان عليه»
(4)
.
أدلة القول الثاني:
علل أصحاب هذا القول لقولهم بما يأتي:
1 -
إن الضمان يجب على المكره والمكره بالسوية؛ لأنهما يشتركان في الإثم، فوجب أن يشتركا في الضمان
(5)
.
ونوقش: بأن الصحيح أنهما لا يشتركان في الإثم، بل إن المكرَه معذور في الإتلاف
(6)
، ثم لو سلمنا أنهما يشتركان في الإثم فلا يلزم أن يشتركا في الضمان.
2 -
إن الضمان يجب على المكره والمكره بالسوية قياسا على الإكراه على القتل
(7)
.
(1)
انظر: التهذيب للبغوي (7/ 66)، العزيز (5/ 399، 10/ 150)، روضة الطالبين (9/ 142).
(2)
انظر: تقرير القواعد (2/ 602 - 603)، المبدع (5/ 190)، الإنصاف مع المقنع (15/ 298).
(3)
انظر: تقرير القواعد (2/ 603)، المبدع (5/ 190).
(4)
تقرير القواعد (2/ 603).
(5)
انظر: المرجع السابق.
(6)
انظر: المرجع السابق (2/ 603، 604)، الهداية مع فتح القدير (8/ 176).
(7)
انظر: العزيز (10/ 150).
ونوقش: بأن المكرَه على إتلاف المال معذور في ذلك الفعل، فلم يلزمه ضمان، بخلاف المكرَه على القتل فإنه غير معذور؛ لأن حرمة الشخص أعظم من حرمة المال، بل ولا يجوز إتلاف نفس الغير لإبقاء نفسه، فلذلك فإنهما يشتركان في الضمان في القتل دون إتلاف المال
(1)
.
أدلة القول الثالث:
علل أصحاب هذا القول لقولهم: بأن الضمان يجب على المكرَه والمكرِه، هذا لمباشرته وهذا لتسببه، لكن المكره الفاعل يقدم في الغرم على المكرِه الآمر؛ لأن المباشر يقدم على المتسبب
(2)
.
نوقش: بأنه لا شك أن المباشرة مقدمة على التسبب، لكن ليس في جميع أحوالها؛ لأن التسبب قد يقوى على المباشرة - كما سبق -، فيحال الضمان على المتسبب، وذلك إذا كانت المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه -كما في مسألتنا هذه -
(3)
.
أدلة القول الرابع:
علل أصحاب هذا القول لقولهم بما يأتي:
1 -
«إن المتلف هو المكرِه من حيث المعنى، وإنما المكرَه بمنزلة الآلة على معنى أنه مسلوب الاختيار إيثارا وارتضاء، وهذا النوع من الفعل مما يمكن
(1)
انظر: تقرير القواعد (2/ 603)، وحاشيته في الصفحة نفسها.
(2)
انظر: حاشية الدسوقي (3/ 444)، منح الجليل (7/ 86).
(3)
راجع قاعدة: (المباشر والمتسبب إذا اجتمعا في الإتلاف فالضمان على المباشر دون المتسبب) كما في صفحة 333.