الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الرابع
في أقوال الفقهاء وأدلتهم في القاعدة
يحسن بي أن أقسم هذه القاعدة إلى شقين، حتى تتضح صورتها جيدا، وذلك على النحو الآتي:
الشق الأول: أن يأمر شخص شخصاً آخر بإتلاف مال لغيره دون إكراه:
اتفق الفقهاء
(1)
- من حيث الجملة - على أنه إذا أمر شخص شخصاً آخر بإتلاف مال لغيره دون إكراه، فإن الضمان يجب على الفاعل المتلف، وليس على الآمر. وذلك بشروط أربعة:
1 -
أن لا يكرِه الآمر الفاعل إكراها ملجئا
(2)
.
(1)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 179)، الهداية مع فتح القدير (8/ 176 - 177)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 242، 244)، الفوائد الزينية (ص 96)، مجمع الضمانات (1/ 367، 368)، حاشية رد المحتار (6/ 214، 135)، الفرائد البهية (ص 139)، شرح المجلة (ص 58)، درر الحكام (1/ 90)، شرح القواعد (ص 443)، المعونة (3/ 1311)، قوانين الأحكام الشرعية (ص 361 - 362)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 244، 246)، منح الجليل (9/ 23، 28)، التهذيب للبغوي (7/ 65)، روضة الطالبين (9/ 139، 140)، مغني المحتاج (4/ 11)، المغني (11/ 457، 598 - 599)، المبدع (8/ 257 - 258)، الإنصاف مع المقنع (25/ 58، 60، 63)، المحلى (11/ 169).
(2)
فإن أكرهه إكراها ملجئا فسيأتي حكمه في الشق الثاني.
انظر: بدائع الصنائع (7/ 179)، الهداية مع فتح القدير (8/ 176 - 177)، حاشية رد المحتار (6/ 135)، شرح المجلة (ص 58)، شرح القواعد (ص 443 - 444)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 246)، منح الجليل (9/ 28)، التهذيب للبغوي (7/ 68)، روضة الطالبين (9/ 139 - 141)، المبدع (8/ 257 - 258)، الإنصاف مع المقنع (25/ 58، 60)، المحلى (11/ 169).
2 -
أن يكون المأمور - الفاعل - بالغا عاقلا
(1)
.
3 -
أن يعلم الفاعل أن أمر الآمر غير صحيح
(2)
.
4 -
أن لا يكون الفعل المأمور به لمصلحة الآمر، وإلا كان الأمر عندئذ في حكم الوكالة يقوم فيها المأمور مقام الآمر في حدود الأمر، وينفذ عليه تصرفه
(3)
.
(1)
فإن كان المأمور صبيا أو غير عاقل فالضمان في مال الصبي، إلا أن لوليه الرجوع على الآمر بما دفعه من مال الصبي إذا كان الآمر بالغا عاقلا، أما إذا كان الآمر صغيرا أو غير عاقل فلا يرجع عليه.
انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 242، 244)، الفوائد الزينية (ص 96)، مجمع الضمانات (1/ 368)، حاشية رد المحتار (6/ 214)، الفرائد البهية (ص 139)، شرح المجلة (ص 58)، درر الحكام (1/ 91)، شرح القواعد (ص 443، 444)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 246)، منح الجليل (9/ 28)، التهذيب للبغوي (7/ 67، 68)، روضة الطالبين (9/ 140، 141)، المغني (11/ 598)، المبدع (8/ 257)، الإنصاف مع المقنع (25/ 57، 59)، المحلى (11/ 169).
(2)
فإن اعتقد صحة أمر الآمر فإن الفاعل يضمن ويرجع بما ضمنه على الآمر، كما لو قال شخص لآخر: احفر في حائطي - وهو ليس بحائط الآمر - فحفر ظنا منه أنه للآمر؛ فالضمان على الحافر ويرجع به على الآمر.
انظر: الفوائد الزينية (ص 96)، مجمع الضمانات (1/ 367، 368، 369)، حاشية رد المحتار (6/ 214)، شرح المجلة (ص 58 - 59)، درر الحكام (1/ 90 - 91)، شرح القواعد (ص 444)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 246)، التهذيب للبغوي (7/ 67، 68)، روضة الطالبين (9/ 139، 140)، المغني (11/ 598، 599)، المبدع (8/ 258)، الإنصاف مع المقنع (25/ 57 - 58)، المحلى (11/ 169).
(3)
كما لو أمره بقضاء دين على الآمر، أو بالإنفاق عليه أو بناء داره مثلا؛ فإن المأمور عندئذ يكون كوكيل يرجع عليه بما دفع أو أنفق.
انظر: شرح القواعد (ص 445)، المدخل الفقهي للزرقاء (2/ 1043).
وقد ذكروا لذلك بعض التعليلات، أذكرها كما يأتي:
1 -
(1)
.
2 -
«إن الأمر في التصرف في ملك الغير باطل، ومتى بطل الأمر لم يضمن الآمر»
(2)
، فيكون الضمان على الفاعل.
3 -
(3)
.
4 -
«إن الفاعل متلف ظلما من غير إكراه؛ فتعلق الضمان به، كما لو لم يؤمر»
(4)
.
ويمكن أن يستدل لهم بأدلة قاعدة: «من لم يجن لا يطالب بجناية من جنى»
(5)
، وهذه بعضها باختصار:
1 -
قال جل ذكره: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(6)
.
(1)
بدائع الصنائع (7/ 179) بتصرف. وانظر: الهداية مع فتح القدير (8/ 177)، حاشية رد المحتار (6/ 135 - 136)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 246).
(2)
شرح القواعد (ص 443).
(3)
المرجع السابق.
(4)
انظر: المغني (11/ 457، 599)، المبدع (8/ 257).
(5)
الآتية في صفحة 651.
(6)
سورة الأنعام، الآية [164].
2 -
قال الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
(1)
.
3 -
قال الله تبارك وتعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
(2)
.
4 -
عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: (ألا لا يجني جان إلاّ على نفسه؛ لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده)
(3)
.
5 -
عن أسامة بن شريك
(4)
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجني نفس على أخرى)
(5)
.
وجه الدلالة من هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة: أن الشارع الحكيم بيّن أن كلّ إنسان مسؤول عن عمله، ويتحمل ما يترتب عليه من ضمان وغيره.
(1)
سورة المدثر، الآية [38].
(2)
سور البقرة، الآية [286].
(3)
تقدم تخريجه صفحة 407.
(4)
هو الصحابي الجليل أسامة بن شريك الثعلبي، من بني ثعلبة بن يربوع، وقيل: من بني ثعلبة بن سعد، وقيل غير ذلك، وهو ممن نزل الكوفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وذكر غير واحد أن زياد بن علاقة تفرد بالرواية عنه، وقيل: بل روى عنه أيضا علي بن الأقمر.
انظر: تهذيب الكمال (2/ 351 - 352)، الإصابة (1/ 29 - 30).
(5)
أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب الديات، باب لا يجني أحد على أحد (3/ 288) برقم (2672)، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه (ص 360):«هذا إسناد صحيح» ، وقال الألباني في إرواء الغليل (7/ 335):«إسناده حسن» .