الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدلة القول الثالث:
استدل أصحاب هذا القول على أن منفعة الحر تضمن بالتفويت بما استدل به أصحاب القول الثاني، واستدلوا على أن منفعة الحر تضمن بالفوات بما يلي:
1 -
لأن منافع الحر تقوّم في الإجارة الفاسدة، فأشبهت منافع الأموال
(1)
.
2 -
لأن الغاصب فوّت منفعته، وهي مال يجوز أخذ العوض عنها، فضمنت بالغصب كمنافع العبد
(2)
.
القول المختار:
أقرب الأقوال إلى الصواب - والله أعلم - هو القول الثالث، وهو أن منفعة الحر تضمن بالتفويت والفوات؛ وذلك لأنه ضيع عليه منفعة متقوّمة بغصبه - وهو محرم - فوجب عليه ضمانها.
المسألة الثالثة: هل يضمن باليد ما فيه شائبة الحرية، كأم الولد والمكاتب والمدبّر
؟:
اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أن المدبر يضمن بسبب اليد؛ لأنه مال متقوّم
(3)
.
واختلفوا في ضمان أم الولد والمكاتب بسبب اليد على قولين:
القول الأول: يضمن المكاتب وأم الولد باليد، وهو المشهور عند المالكية
(4)
وقول
(1)
انظر: المراجع السابقة.
(2)
انظر: المغني (7/ 430).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 146)، الهداية مع فتح القدير (8/ 293)، عقد الجواهر الثمينة (2/ 742 - 743)، روضة الطالبين (5/ 13)، تقرير القواعد (2/ 326).
(4)
انظر: عقد الجواهر الثمينة (2/ 742 - 743)، الذخيرة (8/ 277).
الشافعية
(1)
وقول الحنابلة
(2)
، ووافقهم أبو يوسف ومحمد بن الحسن في أم الولد
(3)
.
القول الثاني: لا يضمن المكاتب وأم الولد باليد، وهو قول أبي حنيفة
(4)
، ووافقه أبو يوسف ومحمد بن الحسن في المكاتب
(5)
، ووافقه سحنون
(6)
-من المالكية- في أم الولد
(7)
.
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
(1)
انظر: التهذيب للبغوي (4/ 306)، روضة الطالبين (5/ 13)، مغني المحتاج (2/ 281).
(2)
انظر: المغني (7/ 430)، الشرح الكبير مع المقنع (15/ 114)، تقرير القواعد (2/ 326)، تحفة أهل الطلب (ص 107).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 146)، الهداية مع فتح القدير (8/ 293)، البناية (10/ 318)، مجمع الضمانات (1/ 317)، الدر المختار مع حاشيته (6/ 212).
(4)
انظر: المراجع السابقة. و الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 111)، مجمع الضمانات (1/ 314)، غمز عيون البصائر (1/ 389).
(5)
بدائع الصنائع (7/ 146)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 111)، مجمع الضمانات (1/ 314، 317)، غمز عيون البصائر (1/ 389).
(6)
هو الإمام عبد السلام بن حبيب بن حسان بن هلال، أبو سعد التنوخي الحمصي الأصل، المغربي القيرواني المالكي، الملقب بسحنون: بفتح السين وضمها، وهو اسم طائر بالمغرب يوصف بالفطنة والتحرز، سمع من سفيان بن عيينة وعبدالله بن وهب ووكيع بن الجراح وغيرهم، وأخذ عنه بقي بن مخلد وولده محمد فقيه القيروان وابن الحداد وغيرهم، كان إماما في الفقه والزهد والورع، قوالا للحق، شديدا على أهل الأهواء والبدع، من أشهر مؤلفاته كتاب المدونة في الفقه المالكي، توفي رحمه الله سنة 240 هـ.
انظر: ترتيب المدارك (2/ 585)، سير أعلام النبلاء (12/ 63)، شجرة النور الزكية (ص 69).
(7)
انظر: عقد الجواهر الثمينة (2/ 743)، الذخيرة (8/ 277).
أولاً: دليل ضمان المكاتب باليد:
1 -
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم)
(1)
.
وجه الدلالة: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، فدل على أنه مال متقوّم، فضمن باليد كالعبد
(2)
.
ثانياً: أدلة ضمان أم الولد باليد:
1 -
لأن أم الولد مال متقوّم، والاستيلاد لا يوجب المالية والتقوم؛ لأنه لا يثبت به إلا حق الحرية، فإنه لا يبطل المالية والتقوم كما في المدبر
(3)
.
2 -
لأن أم الولد مملوكة فضمنت باليد كالمدبرة. ألا ترى أن سيدها يملك تزويجها وإجارتها ويأخذ قيمتها لو قتلت
(4)
.
3 -
لأن ما يضمن بالقيمة يضمن بالغصب كالقنّ
(5)
.
(1)
أخرجه أبو داود في سننه: كتاب العتق، باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت (4/ 242 - 244) برقم (3926)، والترمذي في سننه: كتاب البيوع، باب ما جاء في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي (3/ 561) برقم (1260)، والنسائي في سننه الكبرى: كتاب العتق، باب ذكر الاختلاف على عليّ في المكاتب يؤدي بعض كتابته (5/ 52 - 53) برقم (5007 - 5010)، وابن ماجه في سننه: كتاب العتق، باب المكاتب (3/ 204) برقم (2519)، والحاكم في المستدرك (2/ 237)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسّنه الألباني في إرواء الغليل (6/ 119) وصحيح سنن ابن ماجه (2/ 74).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 146)، روضة الطالبين (5/ 13).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 146 - 147)، الهداية مع فتح القدير (8/ 293).
(4)
انظر: العزيز (5/ 413)، المغني (7/ 430).
(5)
انظر: المغني (7/ 430).
4 -
تضمن أم الولد باليد قياسا على تضمين الجنين بالغرة
(1)
.
أدلة القول الثاني:
استدل أصحاب هذا القول على عدم ضمان المكاتب باليد بأن المكاتب له يد على نفسه فضمن بالغصب كالحر
(2)
.
واستدلوا على عدم ضمان أم الولد باليد بما يلي:
1 -
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ذكرت أم إبراهيم
(3)
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أعتقها ولدها)
(4)
.
وجه الدلالة: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستيلاد إعتاق، وظاهره يقتضي ثبوت العتق للحال في جميع الأحكام، إلا أنه تأخر في حق بعض الأحكام، فمن ادّعى التأخر في حق سقوط المالية والتقوم، فعليه الدليل
(5)
.
(1)
انظر: الذخيرة (8/ 277).
(2)
انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 111)، مجمع الضمانات (1/ 314)، غمز عيون البصائر (1/ 389).
(3)
هي الصحابية الجليلة مارية القبطية، أم إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث بها المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فأنزلها في العالية وكان يطؤها بملك اليمين، وضرب عليها مع ذلك الحجاب، فحملت منه ووضعت إبراهيم، ماتت في خلافة عمر سنة 16 هـ ودفنت بالبقيع.
انظر: البداية والنهاية (7/ 76)، الإصابة (8/ 185).
(4)
أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب العتق، باب أمهات الأولاد (3/ 203) برقم (2516)، والدارقطني في سننه (4/ 131 - 132)، والبيهقي في سننه الكبرى: كتاب عتق أمهات الأولاد، باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له (10/ 346)، وضعّفه البيهقي والبوصيري في زوائد ابن ماجه 342، والألباني في إرواء الغليل (6/ 186).
(5)
انظر: بدائع الصنائع (7/ 147).