الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا التقييد وأدلتهم والراجح من هذه الأقوال، من خلال دراسة هذه المسألة، وقد اخترت أن تكون هذه المسألة هي:
مسألة: هل تسقط الفدية عن المحرم إذا قتل الصيد
(1)
جاهلا به أو مخطئا أو ناسيا
؟.
اتفق الفقهاء على سقوط الإثم عن المحرم إذا قتل الصيد جاهلا به أو مخطئا أو ناسيا
(2)
.
واختلفوا في سقوط الفدية عنه على قولين:
القول الأول: لا تسقط الفدية، وهو قول الحنفية
(3)
والمالكية
(4)
والمذهب المنصوص عليه عند الشافعية
(5)
والصحيح من المذهب عند الحنابلة
(6)
.
(1)
عدَّ العلماء قتل الصيد من باب ضمان المتلفات. انظر: الهداية مع فتح القدير (3/ 6)، المغني (5/ 397)، إعلام الموقعين (2/ 31).
(2)
انظر: الهداية مع فتح القدير (8/ 246)، البناية (10/ 213)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 262)، الدر المختار مع حاشية رد المحتار (6/ 179 - 180)، الفروق (1/ 213)، شرح المنهج المنتخب (ص 242 - 243)، الأم (2/ 182 - 183)، قواعد الأحكام (1/ 35)، المنثور (2/ 15)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 188)، مغني المحتاج (2/ 279)، المغني (7/ 393)، القواعد والأصول الجامعة (ص 43)، المحلى (6/ 429)، مناسك الحج والعمرة (ص 47).
(3)
انظر: بدائع الصنائع (2/ 201)، الهداية مع فتح القدير (3/ 6)، الاختيار (1/ 214)، حاشية رد المحتار (2/ 543).
(4)
انظر: الإشراف (1/ 496)، المعونة (1/ 535)، التلقين (ص 217)، بداية المجتهد (1/ 415، 416)، جامع الأمهات (ص 209)، حاشية الدسوقي (2/ 74).
(5)
انظر: الأم (2/ 154، 182 - 183)، المجموع (7/ 316، 341)، روضة الطالبين (3/ 137)، مغني المحتاج (1/ 524).
(6)
انظر: المغني (5/ 396 - 397)، المبدع (3/ 185 - 186)،الإنصاف مع المقنع (8/ 327).
القول الثاني: تسقط الفدية، وهو وجه عند الشافعية
(1)
ورواية عند الحنابلة
(2)
وقول الظاهرية
(3)
.
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 -
(4)
.
وجه الدلالة: يحتمل أن يكون المراد: متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه، كما يحتمل أن يكون المراد متعمدا لقتله ذاكرا لإحرامه، فلما احتمل الأمرين وجب حمله عليهما؛ لأن ظواهر العموم يتناولهما
(5)
.
2 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضبع يصيبه المحرم كبشا، وجعله من الصيد
(6)
.
(1)
انظر: المجموع (7/ 316)، روضة الطالبين (3/ 137).
(2)
انظر: المغني (5/ 396 - 397)، المبدع (3/ 185 - 186)، الإنصاف مع المقنع (8/ 327).
(3)
انظر: المحلى (5/ 234).
(4)
سورة المائدة، [95].
(5)
انظر: المعونة (1/ 535)، المجموع (7/ 342).
(6)
أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الأطعمة، باب في أكل الضبع (4/ 158 - 159) برقم (3801)، والترمذي في سننه: كتاب الحج، باب ما جاء في الضبع يصيبها المحرم (3/ 207 - 208) برقم (851)، والنسائي في سننه: كتاب مناسك الحج، باب ما لا يقتله المحرم (5/ 209 - 210) برقم (2836)، وكتاب الصيد، باب الضبع (7/ 227) برقم (4334)، وابن ماجه في سننه: كتاب المناسك، باب جزاء الصيد يصيبه المحرم (3/ 507) برقم (3085)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في الإرواء (4/ 242)، وصحيح سنن ابن ماجه (2/ 192).
3 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعام يصيبه المحرم: (ثمنه)
(1)
.
وجه الدلالة من الحديثين: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب على المحرم ضمان ما أتلفه من الصيد دون تفريق بين العالم والجاهل، ولا بين المتعمد والمخطئ ولا بين الذاكر والناسي
(2)
.
4 -
إن ضمان الصيد يعتمد وجوبه الإتلاف؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ}
(3)
، فأشبه غرامات الأموال في وجوب الضمان مع العلم والجهل، والعمد والخطأ، والذكر والنسيان
(4)
.
5 -
إن المتلف في حال جهله أو خطئه أو نسيانه، قد أتلف الصيد في حال الإحرام أو الحرم، فأشبه المتلف العالم أو المتعمد أو الذاكر
(5)
.
6 -
إن الصيد حيوان مضمون بالكفارة، فلزم ذلك في إتلافه مع الجهل والخطأ والنسيان كالآدمي
(6)
.
(1)
أخرجه ابن ماجه في سننه: كتاب المناسك، باب جزاء الصيد يصيبه المحرم (3/ 508) برقم (3086)، وضعفه البوصيري في زوائد ابن ماجه (ص 405)، والألباني في ضعيف سنن ابن ماجه (ص 242)، وإرواء الغليل (4/ 216).
(2)
انظر: الإشراف (1/ 496)، المعونة (1/ 535)، المغني (5/ 397).
(3)
سورة المائدة، الآية [95].
(4)
انظر: الهداية والكفاية مع فتح القدير (3/ 6 - 7)، بداية المجتهد (1/ 416 - 417)، المغني (5/ 397).
(5)
انظر: الإشراف (1/ 496)، المعونة (1/ 535).
(6)
انظر: الكفاية مع فتح القدير (3/ 7)، الإشراف (1/ 496)، المجموع (7/ 343).
أدلة القول الثاني:
استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1 -
(1)
.
وجه الدلالة: دل منطوق الآية على اشتراط التعمد في وجوب الجزاء على المحرم القاتل للصيد، ودل مفهومها على أنه لا جزاء على الخاطئ
(2)
، والجاهل والناسي يأخذ حكم الخاطئ؛ لوجود العذر فيهما
(3)
.
2 -
عموم الأدلة الدالة على العفو عن الخطأ والنسيان والإكراه - ويدخل في ذلك الجهل - كقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}
(4)
(5)
، وقوله تعالى:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}
(6)
، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قد استجاب هذا الدعاء وقال: قد فعلت
(7)
.
(1)
سورة المائدة، [95].
(2)
انظر: بداية المجتهد (1/ 67)، المجموع (7/ 342)، المغني (5/ 397)، المحلى (5/ 234 - 235).
(3)
انظر: المجموع (7/ 316)، المغني (5/ 173، 174، 391 - 393)، الشرح الكبير مع المقنع (8/ 334، 420)، الفروع (3/ 389 - 390)، الإنصاف مع المقنع (8/ 334 - 335، 426، 428)، الشرح الممتع (7/ 222 - 224).
(4)
سورة الأحزاب، الآية [5].
(5)
سورة النحل، الآية [106].
(6)
سورة البقرة، الآية [286].
(7)
تقدم تخريجه صفحة 327.