الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس
في أقوال الفقهاء وأدلتهم في القاعدة
اتفق فقهاء الحنفية
(1)
والمالكية
(2)
والشافعية
(3)
والحنابلة
(4)
والظاهرية
(5)
على أن الأيدي الأمينة لا تضمن ما تلف في أيديها من الأمانات إلا إذا حصل التعدي أو التفريط من قبل الأمين، فإنه حينئذ يضمن.
لكنهم اختلفوا في تحديد الأيدي الأمينة.
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بما يلي:
1 -
قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}
(6)
، وقال عز وجل:
…
(7)
.
وجه الدلالة: إن الله تعالى نهى عباده عن أكل أموال الناس بغير حق، ومن ذلك عدم ضمانهم لما تلف من الأموال بلا تعدٍّ منهم أو تفريط.
(1)
انظر: الاختيار (3/ 29 - 31)، البحر الرائق (7/ 273 - 274)، مجمع الضمانات (1/ 78، 399، 465)، درر الحكام (2/ 235 - 236).
(2)
انظر: الكافي لابن عبد البر (ص 407)، الفروق (2/ 207، 4/ 27)، قوانين الأحكام الشرعية (ص 348 - 350).
(3)
انظر: التهذيب للبغوي (5/ 117)، روضة الطالبين (4/ 96، 325، 5/ 226، 6/ 327)، المنثور (2/ 323).
(4)
انظر: المقنع لابن البنا (2/ 859)، المغني (9/ 257)، منتهى الإرادات (1/ 288 - 289، 382).
(5)
انظر: المحلى (7/ 98، 137)، السيل الجرار (3/ 216، 286، 341 - 342).
(6)
سورة البقرة، الآية [188].
(7)
سورة النساء، الآية [29].
وفي هذا يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: «ينهى تعالى عباده المؤمنين أن يأكلوا أموالهم بينهم بالباطل، وهذا يشمل أكلها بالغصوب والسرقات وأخذها بالقمار والمكاسب الرديئة»
(1)
.
وقال الشوكاني في حق الأجير -وهو أحد الأيدي الأمينة-: «ولا يضمن إلا إذا حصلت منه جناية أو تفريط. فإن التضمين حكم شرعي يستلزم أخذ مال مسلم معصوم بعصمة الإسلام، فلا يجوز إلا بحجة شرعية، وإلا كان ذلك من أكل أموال الناس بالباطل»
(2)
.
2 -
وقال تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}
(3)
.
وجه الدلالة: إن الأمين إذا حفظ الوديعة ولم يتعد عليها أو يفرط فإنه محسن، فوجب أن لا يكون عليه سبيل في الضمان
(4)
.
3 -
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}
(5)
.
4 -
عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه)
(6)
.
5 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أدِّ الأمانة إلى من
(1)
تيسير الكريم الرحمن (ص 175).
(2)
السيل الجرار (3/ 200، 216).
(3)
سورة التوبة، الآية [91].
(4)
انظر: المحلى (7/ 137).
(5)
سورة النساء، الآية [58].
(6)
تقدم تخريجه صفحة 155.
ائتمنك ولا تخن من خانك)
(1)
.
وجه الدلالة من الآية والحديثين السابقين: أن الشارع الحكيم أمر بأداء الأمانة إلى أهلها، ومن لازم الأداء «أن يحفظ ما بيده ولا يفرط فيه ولا يتعدى، فإن فعل ذلك زال ائتمانه وتحتم عليه ضمانه»
(2)
(3)
.
6 -
عن أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)
(4)
.
(1)
أخرجه أبو داود في سننه: كتاب البيوع والإجارات، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده (3/ 805) برقم (3535)، والترمذي في سننه: كتاب البيوع، باب (3/ 564) برقم (1264)، والدارقطني في سننه:(3/ 35)، والحاكم في المستدرك (2/ 53). وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وصححه الحاكم، والألباني في إرواء الغليل (5/ 381). وانظر: التلخيص الحبير (3/ 209)، السيل الجرار (3/ 286، 342).
(2)
الإرشاد للسعدي (ص 141). وانظر: السيل الجرار (3/ 286 - 287).
(3)
هذا، وقد وجدت بعض النصوص الحديثية التي هي أصرح من الحديثين السابقين في الموضوع، إلا أن العلماء قد حكموا عليها بالضعف، وفي هذا يقول الشوكاني في السيل الجرار (3/ 342):«ولا يحتاج - مع هذا الأصل - إلى الاستدلال على عدم الضمان بما لم يثبت، كما روى الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضمان على مؤتمن)، وما رواه أيضا من طريق أخرى عنه (ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان)، فإن في أسانيدهما من لا تقوم به الحجة» .
وانظر في تخريجهما والكلام عليهما: سنن الدارقطني (3/ 41)، السنن الكبرى للبيهقي (6/ 289)، التلخيص الحبير (3/ 210)، التعليق المغني (3/ 41) مع سنن الدارقطني، السيل الجرار (3/ 286).
(4)
تقدم تخريجه صفحة 81.