الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الأدلة العامة أيضا ما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)
(1)
(2)
.
3 -
إن الأصل براءة الذمة عن لزوم شيء في المال حتى يأتي الدليل الدال عليه. ولا يوجد دليل يدل على إيجاب الفدية على المحرم إذا قتل الصيد وهو جاهل أو مخطئ أو ناسٍ
(3)
.
4 -
إن قتل الصيد محظور في الإحرام، فوجب مع العلم والعمد والذكر دون الجهل والخطأ والنسيان كالطيب واللباس
(4)
.
القول المختار:
بعد عرض قَوْلَي العلماء في هذه المسألة، وما استدل به أصحاب كل قول، يظهر لي - والعلم عند الله - أن أقرب القولين إلى الصواب هو القول الثاني القاضي بسقوط الفدية بالجهل والخطأ والنسيان؛ وذلك للأسباب التالية:
أولاً: قوة أدلة هذا القول، لا سيما صريح قوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}
(5)
.
ثانياً: يمكن الإجابة عن أدلة القول الأول بما يلي:
(1)
تقدم تخريجه صفحة 327.
(2)
انظر: المجموع (7/ 342)، المحلى (5/ 235).
(3)
انظر: المغني (5/ 397)، السيل الجرار (2/ 177).
(4)
انظر: المجموع (7/ 342)، المغني (5/ 397).
(5)
سورة المائدة، الآية [95].
1 -
إن قولهم في وجه الاستدلال من الآية: (يحتمل أن يكون المراد متعمدا لقتله ناسيا لإحرامه)«غير صحيح ولا ظاهر؛ لمخالفته ظاهر القرآن بلا دليل. ولأن قوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يدل على أنه متعمد ارتكاب المحظور، والناسي للإحرام غير المتعمد لم يرتكب محظوراً»
(1)
، وعلى هذا يكون الصحيح أن المراد متعمد قتله ذاكر إحرامه.
2 -
أما الحديثان فيمكن أن يجاب عنهما من وجهين:
الوجه الأول: إن حديث أبي هريرة رضي الله عنه ضعيف كما سبق في تخريجه
(2)
.
الوجه الثاني: إن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عام خصّ بقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}
(3)
، وبهذا ينتفي التعارض بينهما.
3 -
أما الأدلة العقلية الأخرى فهي أقيسة فاسدة الاعتبار لمعارضتها للنص.
وبهذا يتبين صحة تقييد القاعدة (لا فرق في ضمان المتلف بين العلم والجهل) بحقوق الآدميين، أما حقوق الله عز وجل فإنه إن كان المُتلِف عالما وجب عليه الضمان وحلّ عليه الإثم، وإن كان جاهلا سقط عنه الضمان والإثم.
غير أنه يستثنى من حقوق الله إيجاب الكفارة على قاتل المؤمن خطأ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}
(4)
(5)
.
(1)
مناسك الحج والعمرة (ص 46 - 47). وانظر: بداية المجتهد (1/ 417).
(2)
في صفحة 332.
(3)
سورة المائدة، الآية [95].
(4)
سورة النساء، الآية [92].
(5)
انظر: المحلى (5/ 236 - 237)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/ 227).