الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دامت في يده، فهنا اشتركا في أصل الضمان، أي: العقد الصحيح والفاسد، ولكن اختلفا في كيفية الضمان»
(1)
.
المسألة الثانية: في أن المراد بالفاسد في القاعدة خلاف الباطل:
سأذكر في هذه المسألة ما وقفت عليه من أقوال الفقهاء، وما فهمته منها، وقد بدا لي أن أجعل رأي كل مذهب على حِدَة، وذلك كما يأتي:
أولاً: المذهب الحنفي:
يرى الحنفية أن العقد الباطل لا يدخل في حكم القاعدة؛ إذ إن العقد الباطل لا يفيد الملكية ولا يترتب عليه حكم مطلقا، سوى أن المقبوض بالعقد الباطل يكون أمانة عند قابضه، لا يضمنه إلا إذا تعدّى أو فرط.
(2)
.
ثانياً: المذهب المالكي:
لم أقف على رأي للمالكية في هذه المسألة، ولا على تفريق لهم بين الفاسد والباطل، مما يدل على أنهم طردوا أصلهم في الترادف بين الفاسد والباطل، ولم يفرقوا بينهما في الأحكام. والله تعالى أعلم
(3)
.
(1)
تقرير القواعد (1/ 337) في الحاشية، وانظر:(1/ 335)، المنثور (3/ 9).
(2)
انظر: بدائع الصنائع (5/ 305)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 291)، مجمع الضمانات (1/ 478 - 480)، الدر المختار مع حاشيته (5/ 59)، درر الحكام (1/ 393 - 394).
(3)
انظر: قوانين الأحكام الشرعية (ص 261 - 263)، حاشية الدسوقي (3/ 54).
ثالثاً: المذهب الشافعي:
تقدم معنا أن الأصل العام عند الشافعية أن الفساد والبطلان مترادفان
(1)
، بيد أنهم فرّقوا بينهما في بعض الأبواب
(2)
والمسائل الفقهية، ولكن على غير أصول
الحنفية
(3)
؛ إذ إن الباطل عندهم: ما اختلّت صحته باختلال ركن من أركانها. والفاسد: ما اختلّت صحته بوجود شرط فاسد فيه
(4)
.
ومن الأمور التي فرّقوا فيها بين الباطل والفاسد قاعدتنا هذه. فإن (الباطل) لا يدخل في مسمى (الفاسد) في هذه القاعدة عندهم، ولا يترتب عليه أحكام الصحيح، بخلاف الفاسد، فإنهم يرتبون عليه أحكام الصحيح
(5)
، وقد عللوا ذلك بقريب مما علل به الحنفية، حيث قال الشيخ بدر الدين الزركشي:«إذ ليس هناك عقد حتى يقال: فاسد»
(6)
.
رابعاً: المذهب الحنبلي:
عرفنا - فيما سبق - أن الأصل العام عند الحنابلة هو أن الفساد والبطلان مترادفان
(7)
، غير أنهم فرّقوا بينهما في بعض المسائل التي دلّ عليها
(1)
كما في صفحة 227 - 228.
(2)
كما في الكتابة والخلع والعارية والوكالة والشركة والقراض والحج. انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 286).
(3)
انظر: الأشباه والنظائر للسبكي (2/ 98).
(4)
انظر: التمهيد للإسنوي (ص 59)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 287)، مغني المحتاج (4/ 532 - 533).
(5)
انظر: التمهيد للإسنوي (ص 59 - 60)، المنثور (3/ 7، 11)، القواعد للحصني (2/ 227)، مغني المحتاج (2/ 137).
(6)
المنثور (3/ 11).
(7)
كما في صفحة 227 - 228.