الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
في شرح الكلمات الغريبة والمصطلحات العلمية في القاعدة
يجني: من الجناية، وقد سبق تعريفها لغة واصطلاحا
(1)
.
والمراد بها هنا: «كل فعل عدوان على نفس أو مال»
(2)
.
لا يطالب: أي لا يتحمل ولا يضمن.
المطلب الثالث
في المعنى الإجمالي للقاعدة
لا يتحمل الضمان من لم يقع منه التعدي أو التفريط، وإنما يتحمله من وقع منه ذلك.
المطلب الرابع
في أقوال الفقهاء وأدلتهم في القاعدة
اتفق الفقهاء
(3)
على أن من أتلف نفسا أو مالاً، وجب ضمانه على المتلف، ولا يتحمله أحد غيره.
(1)
كما في صفحة 640.
(2)
انظر: التعريفات (ص 79)، أنيس الفقهاء (ص 291)، المغني (11/ 443).
(3)
انظر: أحكام القرآن للجصاص (2/ 224)، المبسوط (27/ 126)، بدائع الصنائع (6/ 201) و (7/ 259)، الهداية مع فتح القدير (9/ 337، 339)، درر الحكام (2/ 604 - 605، 670، 671)، الكافي لابن عبد البر (ص 595)، المقدمات الممهدات (3/ 290 - 291)، أحكام القرآن لابن العربي (2/ 774)، بداية المجتهد (2/ 504)، الجامع لأحكام القرآن (5/ 203)، الذخيرة (12/ 346، 384)، روضة الطالبين (9/ 256)، الأشباه والنظائر لابن الوكيل (2/ 438)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 294، 392)، المنثور (3/ 360)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 487)، المغني (12/ 13)، الشرح الكبير مع المقنع (25/ 310 - 311)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (20/ 552، 28/ 324)، إعلام الموقعين (2/ 16)، المبدع (9/ 22)، المحلى (11/ 260).
واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة والمعقول، وذلك على النحو الآتي:
1 -
قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}
(1)
.
2 -
وقال جل ذكره: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(2)
.
3 -
وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}
(3)
.
4 -
وقال جل وعز: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}
(4)
.
5 -
وقال عز من قائل: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}
(5)
.
وجه الدلالة من الآيات الكريمات: دلت هذه الآيات الكريمات على أن كل إنسان يتحمل ما يترتب على فعله وتقصيره؛ فمن أتلف شيئاً وجب عليه ضمانه، ولا يتحمله أحد غيره.
6 -
عن أبي رمثة
(6)
رضي الله عنه قال: انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي:(ابنك هذا؟) قال إي ورب الكعبة، قال:(حقاً؟) قال: أشهد
(1)
سورة البقرة، الآية [286].
(2)
سورة الأنعام، الآية [164]. وانظر: سورة الزمر، الآية [7]، وسورة النجم، الآيات [38 - 39].
(3)
سورة فاطر، الآية [18].
(4)
سورة النساء، الآية [123].
(5)
سورة المدثر، الآية [38].
(6)
هو الصحابي الجليل أبو رمثة البلوي، ويقال: التميمي، ويقال: التيمي، قيل: اسمه رفاعة بن يثربي، وقيل: يثربي بن رفاعة، وقيل غير ذلك، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه إياد بن لقيط وثابت بن أبي منقذ.
انظر: تهذيب الكمال (33/ 316 - 317)، الإصابة (7/ 68).
به، قال: فبتسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً من ثبت شبهي في أبي، ومن حلف أبي عليّ، ثم قال: (أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(1)
)
(2)
.
7 -
عن عمرو بن الأحوص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: (ألا لا يجني جان إلاّ على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده)
(3)
.
8 -
عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تجني نفس على أخرى).
وجه الدلالة من هذه الأحاديث الثلاثة: بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث أنه لا يتحمل أحد عن أحد شيئاً، ولو كان أقرب قريب كابنه أو أبيه، وأن كل إنسان يتحمل خطأ نفسه.
9 -
إن موجب الجناية أثر فعل الجاني، فيجب أن يختص بضررها، كما يختص بنفعها؛ فإنه لو كسب كان كسبه له دون غيره
(4)
.
(1)
سورة الأنعام، الآية [164].
(2)
أخرجه أبو داود في سننه: كتاب الترجل، باب في الخضاب (4/ 417) برقم (4208)، وفي كتاب الديات، باب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه (4/ 635 - 636) برقم (4495)، واللفظ له، والنسائي في سننه: كتاب القسامة، باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره (8/ 423) برقم (4847)، والحاكم في المستدرك (2/ 461)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وصححه الألباني في إرواء الغليل (7/ 332 - 333).
(3)
تقدم تخريجه صفحة 407.
(4)
المغني (12/ 13).