الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
لا يجب على صاحب البناء ضمان ما تلف بسبب سقوطه، إلا إذا كان نتيجة تقصير في تحاشي ذلك، بأن بناه واهنا، أو أغفل نقضه أو إصلاحه
(1)
.
7 -
إذا كسر الخادم آنية للجيران، فإنه يضمنها، ولا يتحملها مخدومه عنه.
8 -
إذا استأجر رجل سائقا للسيارة، فدهس السائق بالسيارة دابة إنسان، فهلكت؛ وجب ضمانها على السائق، ولا يتحملها الرجل الذي يعمل عنده السائق.
المطلب السادس
من مستثنيات القاعدة
ذكر العلماء ثلاثة فروع فقهية مستثناة عن القاعدة، منها -وهو الفرع الأول- ما هو مجمع على استثنائه، ومنها -وهو الفرع الثاني والثالث- ما هو مختلف فيه وخاضع لاجتهاد العلماء؛ فمنهم من يستثنيه، ومنهم من لا يستثنيه، وإليك بيان ذلك على النحو الآتي:
الفرع الأول:
تحمل عاقلة
(2)
الجاني الدية عنه في قتل الخطأ بالإجماع
(3)
، وفي قتل شبه
(1)
انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 356)، الضمان في الفقه الإسلامي (1/ 57 - 58).
(2)
العاقلة: مأخوذة من العقل، والعين والقاف واللام أصل يدل على حبسه في الشيء، ويطلق العقل على الدية؛ لأن الإبل تجمع وتعقل بفناء أولياء المقتول، ومنه سميت الجماعة الذين يؤدونها عاقلة؛ لأنهم يؤدون العقل، أي الدية. انظر: معجم مقاييس اللغة (4/ 70)، تهذيب الأسماء واللغات (3/ 2/33)، المطلع (ص 368).
(3)
انظر: الإجماع لابن المنذر (ص 172)، المغني (12/ 21).
العمد عند بعض العلماء
(1)
.
ولهذا الاستثناء أدلة من السنة والإجماع، أكتفي منها بذكر هذين الدليلين:
1 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها غرّة: عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورثها ولدها ومن معهم
(2)
.
2 -
قال أبو بكر ابن المنذر: «وأجمع أهل العلم أن دية الخطأ تحمله العاقلة»
(3)
.
وقال أبو محمد ابن قدامة: «ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن دية الخطأ على العاقلة .. وأجمع أهل العلم على القول به»
(4)
.
(1)
ذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد إلى أن العاقلة تحمل دية شبه العمد، بينما ذهب أحمد في رواية إلى أنها لا تحمله وهو مقتضى مذهب المالكية.
انظر: بدائع الصنائع (7/ 255)، قوانين الأحكام الشرعية (ص 361، 365)، روضة الطالبين (9/ 348)، الأشباه والنظائر لابن الوكيل (2/ 439)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 392 - 393، 294)، المنثور (1/ 245، 3/ 360)، القواعد للحصني (4/ 236)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 487)، المغني (12/ 15 - 16)، إعلام الموقعين (2/ 16 - 17).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الديات، باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد (4/ 275 - 276) برقم (6909 و 6910)، ومسلم في صحيحه: كتاب القسامة، باب دية الجنين ووجوب الدية في قتل الخطأ وشبه العمد على عاقلة الجاني (3/ 1309) برقم (1681).
(3)
الإجماع لابن المنذر (ص 172).
(4)
المغني (12/ 21).
وقد وضَّح أبو عبد الله ابن قيم الجوزية الحكمة من هذا الاستثناء؛ في كلام له طويل، رأيت نقله بطوله لما فيه من الفائدة، حيث يقول رحمه الله: «والعقل فارق غيره من الحقوق في أسباب اقتضت اختصاصه بالحكم، وذلك أن دية المقتول مال كثير، والعاقلة إنما تحمل الخطأ، ولا تحمل العمد بالاتفاق، ولا شبهه على الصحيح، والخطأ يُعذر فيه الإنسان، فإيجاب الدية في ماله فيه ضرر عظيم عليه من غير ذنب تعمده، وإهدار دم المقتول من غير ضمان بالكلية فيه إضرار بأولاده وورثته، فلا بد من إيجاب بدله، فكان من محاسن الشريعة وقيامها بمصالح العباد أنْ أوجب بدله على من عليه موالاة القاتل ونصرته، فأوجب عليهم إعانته على ذلك، وهذا كإيجاب النفقات على الأقارب وكسوتهم، وكذا مسكنهم وإعفافهم إذا طلبوا النكاح، وكإيجاب فكاك الأسير من بلد العدوّ، فإن هذا أسيف بالدية التي لم يتعمد سبب وجوبها ولا وجبت باختيار مستحقها كالقرض والبيع، وليست قليلة، فالقاتل في الغالب لا يقدر على حملها، وهذا بخلاف العمد؛ فإن الجاني ظالم مستحق للعقوبة ليس أهلا أن يحمل عنه بدل القتل، وبخلاف شبه العمد؛ لأنه قاصد للجناية متعمد لها فهو آثم معتد، وبخلاف بدل المتلف من الأموال، فإنه قليل في الغالب لا يكاد المتلف يعجز عن حمله، وشأن النفوس غير شأن الأموال، ولهذا لا تحمل العاقلة ما دون الثلث عند الإمام أحمد ومالك؛ لقلته واحتمال الجاني حمله، وعند أبي حنيفة لا تحمل ما دون أقل المقدر كأرش الموضحة وتحمل ما فوقه، وعند الشافعي تحمل القليل والكثير طردا للقياس، وظهر بهذا كونها لا تحمل العبد، فإنه سلعة من السلع ومال من
الأموال، فلو حملت بدله لحملت بدل الحيوان والمتاع
…
فتبين أن إيجاب الدية على العاقلة من جنس ما أوجبه الشارع من الإحسان إلى المحتاجين كأبناء السبيل والفقراء والمساكين.
وهذا من تمام الحكمة التي بها قيام مصلحة العالم؛ فإن الله سبحانه قسم خلقه إلى غني وفقير، ولا تتم مصالحهم إلا بسدّ خَلّة الفقير؛ فأوجب سبحانه في فضول أموال الأغنياء ما يسد به خلة الفقراء، وحرم الربا الذي يضر بالمحتاج؛ فكان أمره بالصدقة ونهيه عن الربا أخوين شقيقين؛ ولهذا جمع الله بينهما في قوله:{يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}
(1)
(2)
وذكر الله سبحانه أحكام الناس في الأموال في آخر سورة البقرة، وهي ثلاثة: عدل، وظلم، وفضل، فالعدل البيع، والظلم الربا، والفضل الصدقة، فمدح المتصدقين وذكر ثوابهم، وذم المرابين وذكر عقابهم، وأباح البيع والتداين إلى أجل مسمى.
والمقصود أن حمل الدية من جنس ما أوجبه من الحقوق لبعض العباد على بعض، كحق المملوك والزوجة والأقارب والضيف، ليست من باب عقوبة الإنسان بجناية غيره، فهذا لون وذاك لون، والله الموفق»
(3)
.
(1)
سورة البقرة، الآية [276].
(2)
سورة الروم، الآية [39].
(3)
إعلام الموقعين (2/ 17 - 18). وانظر: أحكام القرآن للجصاص (2/ 224)، الجامع لأحكام القرآن (5/ 203)، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (20/ 552 - 554)، المحلى (11/ 260 - 261).
الفرع الثاني:
إذا قتل الصبي المحرم صيداً، أو ارتكب موجب كفارة، فالفدية في مال الولي عند بعض العلماء
(1)
.
الفرع الثالث:
إذا حلق الحلاق رأس المحرم، والمحلوق نائم أو مغمى عليه أو مكره، ففيه قولان:
الأول: أن الفدية على الحالق.
والثاني: أن الفدية على المحلوق؛ لأنه المرتفق به، وعلى هذا القول فقد طولب بجناية ما لا مدخل له فيها
(2)
.
(1)
انظر: المعونة (1/ 596)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (2/ 4)، الحاوي (4/ 211)، الأشباه والنظائر لابن الوكيل (2/ 439)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 393)، القواعد للحصني (4/ 236)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 487)، الفروع (3/ 218 - 219)، المبدع (3/ 88).
(2)
انظر: الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 393).