الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صياغته للقاعدة، حيث يقول:«المتولد من مضمون وغير مضمون فيه خلاف، والأصح أن لكل حكمه غالباً»
(1)
.
لذا فإنه من الصعب جدا الجزم بذكر أقوال الفقهاء في القاعدة، على أنهم ساروا فيها على وتيرة واحدة في جميع فروع القاعدة.
ومن هنا رأيت أن أدرس فرعا واحدا من فروع القاعدة، وذلك بذكر أقوال الفقهاء وأدلتهم؛ لنتعرف على صورة واحدة - من عدة صور - لخلاف العلماء في القاعدة.
وقد رأيت أن أدرس الفرع الأول الذي ذكره ابن رجب الحنبلي تحت هذه القاعدة وهو:
مسألة: إذا زاد الإمام سَوْطاً أو أكثر في الحد، فمات المحدود، فكم يجب من الضمان
؟:
اتفق الفقهاء على أنه إذا زاد ولي الأمر على الحد فتلف المجني عليه، فإن الضمان يجب؛ لأنه تلف بعدوان، فأشبه ما لو ضربه في غير الحد
(2)
.
واختلفوا في قدر الضمان على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يجب جميع الضمان، وهو كمال الدية. وهو وجه عند الشافعية
(3)
والمذهب عند الحنابلة
(4)
.
(1)
المنثور (3/ 164).
(2)
انظر: المغني (12/ 504).
(3)
انظر: كتاب الحدود من الحاوي (2/ 995 - 996)، العزيز (11/ 298)، روضة الطالبين (10/ 178)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 141).
(4)
انظر: المغني (12/ 504 - 505)، تقرير القواعد (1/ 212)، الإنصاف مع المقنع (26/ 200 - 201)، كشاف القناع (6/ 83).
القول الثاني: يجب نصف الضمان، وهو نصف الدية. وهو قول الحنفية
(1)
ووجه عند الشافعية
(2)
ووجه عند الحنابلة
(3)
(4)
.
القول الثالث: يجب الضمان بقسط الزيادة، فتقسط الدية على الأسواط كلها، ثم يعطى منها قسط الزيادة. وهو أظهر الأوجه عند الشافعية
(5)
ووجه عند الحنابلة
(6)
.
أدلة القول الأول:
علل أصحاب هذا القول بما يأتي:
1 -
إن تلف المحدود حصل من جهة الله وعدوان الضارب، فكان الضمان على العادي، كما لو ضرب مريضا سوطا فمات به
(7)
.
(1)
انظر: تبيين الحقائق (3/ 211)، مجمع الضمانات (1/ 447)، حاشية رد المحتار (3/ 79).
(2)
انظر: كتاب الحدود من الحاوي (2/ 995 - 996)، العزيز (11/ 298)، روضة الطالبين (10/ 178)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 141).
(3)
انظر: المغني (12/ 504 - 505)، تقرير القواعد (1/ 212)، الإنصاف مع المقنع (26/ 200 - 201).
(4)
لم أجد للمالكية قولاً في هذه المسألة إلا أن ابن قدامة نسب لهم القول بوجوب ضمان نصف الدية.
انظر: المغني (12/ 505)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 355)، منح الجليل (9/ 355 - 362).
(5)
انظر: كتاب الحدود من الحاوي (2/ 995 - 996)، العزيز (11/ 298)، روضة الطالبين (10/ 178)، الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/ 141).
(6)
انظر: الإنصاف مع المقنع (26/ 200 - 201).
(7)
المغني (12/ 504) بتصرف.
2 -
إن تلف المحدود حصل بعدوان غيره، فأشبه ما لو ألقى على سفينة موقرة حجرا فأغرقها
(1)
.
3 -
إن تلف المحدود حصل بفعلين: أحدهما مأذون فيه، والآخر غير مأذون فيه. فالمأذون فيه لا أثر له في الضمان، وإنما الجناية ما زاد عليه، فأسند بالضمان إليها
(2)
.
4 -
إن القتل حصل من فعلين: أحدهما مأذون فيه، والآخر غير مأذون فيه، فغلب جانب الحظر الذي هو المنهي عنه، فجعل الحكم له
(3)
.
أدلة القول الثاني:
علل أصحاب هذا القول بما يأتي:
1 -
إن التلف حصل بفعل مضمون وغير مضمون، فكان الواجب نصف الدية، كما لو جرح نفسه وجرحه غيره، فمات
(4)
.
2 -
إن القتل حصل من فعل واجب وغير واجب، ولم يعتبر العدد كما لا يعتبر في الجراح
(5)
.
أدلة القول الثالث:
علل أصحاب هذا القول بأن الضمان تعلق بالأسواط الزائدة؛ لأن لكل واحد من العدد تأثيراً في تلفه، والضرب متشابه، فتقسط الدية على عدد الأسواط
(6)
.
(1)
المغني (12/ 504 - 505) بتصرف.
(2)
انظر: تقرير القواعد (2/ 212).
(3)
انظر: تعليق ابن عثيمين مع تقرير القواعد (1/ 213).
(4)
المغني (12/ 505) بتصرف.
(5)
انظر: كتاب الحدود من الحاوي (2/ 993، 995).
(6)
انظر: المرجع السابق (2/ 994، 996).