الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الراهن، فكذا الضمين؛ ولهذا كثيرا ما يقترن الرهن والضمين لتواخيهما وتشابههما وحصول الاستيثاق بكل منهما»
(1)
.
3 -
«إن الضامن في الأصل لم يوضع لتعدد محل الحق كما لم يوضع لنقله، وإنما وضع ليحفظ صاحب الحق حقه من التوى
(2)
والهلاك، ويكون له محل يرجع إليه عند تعذر الاستيفاء من محله الأصلي، ولم ينصب الضامن نفسه لأن يطالبه المضمون له مع وجود الأصيل ويسرته والتمكن من مطالبته، والناس يستقبحون هذا ويعدون فاعله متعديا ولا يعذرونه بالمطالبة، حتى إذا تعذر عليه مطالبة الأصيل عذروه بمطالبة الضامن وكانوا عونا له عليه، وهذا أمر مستقر في فطر الناس ومعاملاتهم بحيث لو طالب الضامن والمضمون عنه إلى جانبه والدراهم في كمه وهو متمكن من مطالبته لاستقبحوا ذلك غاية الاستقباح»
(3)
.
القول المختار:
الذي يبدو - والله تعالى أعلم - أن أصحّ القولين هو القول الثاني، وهو أن الضامن لا يطالب بأداء الدين إلا إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه، إلا إذا التزم الضامن وفاء الدين وإن لم تتعذر مطالبة المضمون عنه؛ وذلك للأسباب التالية:
أولاً: صحة أدلة أصحاب القول الثاني.
ثانياً: أما أدلة أصحاب القول الأول فيمكن الإجابة عنها بما يلي:
(1)
إعلام الموقعين (3/ 411).
(2)
التوى: الهلاك.
انظر: المصباح المنير (ص 31)، القاموس المحيط (ص 1634).
(3)
إعلام الموقعين (3/ 411 - 412). وانظر: المعونة (2/ 1233).
1 -
استدلالهم بحديث قبيصة رضي الله عنه: يمكن أن يجاب عنه بأن الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان للإصلاح بين المتنازعين، وذلك بأن تدعي إحدى القبيلتين مالا على الأخرى، والأخرى تنكره، فيقوم المصلح بتحمل ضمان هذا المال للإصلاح بينهما، وفي هذه الحالة يكون الحميل هو المطالَب وحده بالمال؛ لأن القبيلة الأخرى تنكر ثبوت المال عليها أصلا
(1)
.
2 -
أما استدلالهم بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الزعيم غارم) فيجاب عنه «بأنه لا عموم له، ولا يدل على أنه غارم في جميع الأحوال؛ ولهذا لو أدّى الأصيل لم يكن غارما؛ ولحديث أبي قتادة في ضمان دين الميت
(2)
لتعذر مطالبة الأصيل»
(3)
.
3 -
وأما استدلالهم بقياس الضامن على المضمون عنه في المساواة بالمطالبة فيجاب عنه بأن بينهما فرقا، وهو أن الضامن فرع، وقاعدة الشريعة أن الفروع والأبدال لا يصار إليها إلا عند تعذر الأصول، بخلاف المضمون عنه، فهو أصل بنفسه فهو أولى بالمطالبة من الفرع
(4)
.
4 -
وأما استدلالهم بقياس التخيير في المطالبة بين المضمون عنه والضامن على التخيير في المطالبة بين الضامنين: فيجاب عنه بأنه قياس مع الفارق؛ لأن كلاً من الضامنين فرع؛ فلذا جاز التخيير في المطالبة بينهما، بخلاف مسألتنا، فإن المضمون عنه أصل والضامن فرع، وقاعدة الشريعة: أنه لا يصار إلى الفروع إلا إذا تعذرت الأصول
(5)
.
(1)
انظر: شرح النووي مع صحيح مسلم (7/ 133).
(2)
تقدم تخريجه صفحة 299.
(3)
إعلام الموقعين (3/ 412).
(4)
انظر: المرجع السابق (3/ 411).
(5)
انظر: المرجع السابق.