الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
في شرح الكلمات الغريبة والمصطلحات العلمية في القاعدة
المتسبب في اللغة: اسم فاعل من التسبب، والسبب هو عبارة عن كل شيء يتوصل به إلى غيره، ومنه سمي كل من الحبل والباب والحياة سببا
(1)
.
التعريف الاصطلاحي: ذكر الفقهاء تعريفات كثيرة لمصطلح التسبب والمتسبب، أذكر أهمّ ما وقفت عليه منها مرتبة حسب الترتيب المذهبي.
أولاً: المذهب الحنفي:
1 -
قال أبو بكر الكاساني في تعريفه: «التسبب: الفعل في محل يفضي إلى تلف غيره عادة»
(2)
.
2 -
قال أبو العباس الحموي في تعريفه: «حد المتسبب: هو الذي حصل التلف بفعله وتخلل بين فعله والتلف فعل مختار»
(3)
.
3 -
جاء تعريفه في مجلة الأحكام العدلية: «الإتلاف تسببا: هو التسبب لتلف شيء، يعني: إحداث أمر في شيء يفضي إلى تلف شيء آخر على جري العادة»
(4)
.
4 -
قال مصطفى الزرقا في تعريفه: «المتسبب في حادثة: هو الذي يفعل ما يؤدي إليها، ولا يباشرها مباشرة»
(5)
.
5 -
قال وهبة الزحيلي في تعريفه: «المتسبب: هو الذي يحدث أمراً يؤدي إلى تلف شيء آخر حسب العادة»
(6)
.
(1)
انظر: لسان العرب (1/ 455 - 460)، القاموس المحيط (ص 123).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 165) بتصرف يسير.
(3)
غمز عيون البصائر (1/ 466).
(4)
درر الحكام (2/ 508)، شرح المجلة (ص 488).
(5)
المدخل الفقهي للزرقاء (2/ 1045).
(6)
نظرية الضمان للزحيلي (ص 189، 198).
ثانياً: المذهب المالكي:
قال القرافي في تعريفه: «التسبب: ما يحصل الهلاك عنده بعلة أخرى، إذا كان السبب هو المقتضي لوقوع الفعل بتلك العلة»
(1)
.
ثالثاً: المذهب الشافعي:
1 -
قال أبو حامد الغزالي في تعريفه: «حد السبب: إيجاد ما يحصل الهلاك عنده، لكن بعلة أخرى، إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة»
(2)
.
2 -
قسم بعض الشافعية التسبب إلى قسمين:
أحدهما: السبب: «وهو ما يؤثر في الهلاك ولا يحصله» .
ومثاله: إذا شهد بالزور على عبد فقتل بشهادته أو رجم في الحد بشهادته، فهنا الشهادة أثرت في قتل المشهود عليه، مع أن القتل لم يحصل بها، وإنما حصل بحكم الحاكم.
والثاني: الشرط: «وهو ما لا يؤثر في الهلاك ولا يحصله، بل يحصل التلف عنده بغيره، ويتوقف تأثير ذلك الغير عليه» .
ومثاله: حفر الحفرة مع التردي فيها، فهنا لم يؤثر الحفر في التلف ولم يحصله، وإنما أثر التخطي في صوب الحفرة، والمحصل للتلف التردي فيها ومصادمتها، لكن لولا الحفر لما حصل التلف، ولهذا سمي شرطا
(3)
.
(1)
الفروق (4/ 27).
(2)
الوجيز (1/ 206).
(3)
انظر: قواعد الأحكام (2/ 266، 267)، العزيز (5/ 398 - 399)، روضة الطالبين (9/ 128)، مغني المحتاج (4/ 6).
رابعاً: المذهب الحنبلي:
جاء في مجلة الأحكام الشرعية تعريف الإتلاف بالتسبب بما نصه: «الإتلاف تسببا: هو فعل ما يفضي عادة إلى الإتلاف دون أن يتخلل بينهما ما يمكن إحالة الحكم عليه»
(1)
.
وهذه التعريفات - وإن اختلفت في ألفاظها إلا أنها - متفقة في المضمون والمعنى، مؤداها: أن يفعل المرء شيئاً يؤدي إلى الإتلاف عادة بواسطة فعل آخر متوسط بين الفعل الأول (السبب) والإتلاف الحادث، بحيث يكون الفعل الأول (السبب) هو المقتضي لوقوع الإتلاف بذلك الفعل (الواسطة).
كما في عملية حفر البئر؛ فإن حفر البئر في الطريق تسبب إلى إتلاف الساقط بها، فالتلف لم يحدث بحقيقة الفعل وهو الحفر؛ لأن الحفر اتصل بالأرض ولم يتصل بالساقط في البئر، وإنما حصل التلف بمشي الساقط إلى الحفر، فكانت الحفرة سببا للتلف ومؤثرة في حصوله
(2)
.
ويتضح من تعريفات العلماء للتسبب أنه يشترط أن يكون السبب مما شأنه عادة أن يفضي غالبا للإتلاف، بمعنى أن يكون التلف الذي حصل نتيجة عادية منتظرة من ذلك الفعل (التسبب)، كما يفيده تعريف القرافي
(3)
، ولهذا احترز الغزالي في تعريفه بقوله:«إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة»
(4)
، عما
(1)
مجلة الأحكام الشرعية (ص 430).
(2)
انظر: مغني المحتاج (4/ 6).
(3)
انظر: الفروق (4/ 27)، بدائع الصنائع (7/ 165)، شرح المجلة (ص 488)، درر الحكام (2/ 508)، نظرية الضمان للزحيلي (ص 189، 198)، الوجيز (1/ 206)، تقرير القواعد (2/ 316 - 317)، مجلة الأحكام الشرعية (ص 430).
(4)
الوجيز (1/ 206).