الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعلمه من الإخبار كالظن أو الكذب.
(بما علمه): قيد يخرج به ما لم يعلمه.
(بلفظ أشهد أو شهدت): وهو قيد آخر يخرج به ما عدا هذا اللفظ في الشهادة من الألفاظ الأخرى التي تفيد معنى الإخبار كأعلم وأتيقن (1).
التعريف المختار:
بعد النظر فيما تقدم من تعريفات للشهادة، وجدت أن بعضها قد ورد عليه مآخذ التي لا يسلم معها كمال التعريف، ويمكن القول أن تعريف الشافعية للشهادة وهو:(إخبار بحق للغير على الغير بلفظ أشهد) أنسب تعريف لها، وذلك للأسباب التالية:
• أنه سلم من ذكر شروط الشهادة، وهو الذي وقع فيه الحنفية والمالكية.
• وأنه فرَّق بين الدعوى والإقرار، وهو الذي وقع فيه الحنابلة.
وعلى هذا فهو تعريف جامع مانع، أي جامع لجميع عناصر الشهادة مانع من دخول غير الشهادة وهو كذلك يفرق بين الشهادة والإقرار والدعوى والرواية.
مرتبة الشهادة بين وسائل الإثبات
كانت الشهادة ولا تزال أهم وسيلة من وسائل الإثبات، وأعظمها مكانة، وأقدمها استعمالًا، وذلك لما لها من مكانة رفيعة، ومنزلة عظيمة، في الشريعة الإسلامية.
فإن اللَّه تعالى نسبها إلى نفسه، وشرَّف بها ملائكته، ورسله، وأفاضل خلقه، وأمرنا جل وعلا بأدائها في أكثر من موضع في كتابه العزيز دستور الأمة الإسلامية القرآن الكريم. قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
(1) كشاف القناع (6/ 404)، نيل المآرب (2/ 393)، وسائل الإثبات (1/ 105).
وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} [آل عمران: 18]. وقال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)} [النساء: 41].
وقال تعالى: {وَأَقِيمُواْ الْشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: 2]. وقال تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283].
ولأهمية الشهادة باعتبارها من أهم أدلة الإثبات التي يعتمد عليها القضاة في أحكامهم، فبها تقام الحدود، وتصان الدماء، وتحفظ الأموال، وكافة الحقوق، لهذا جعلها الفقهاء في المرتبة الأولى بين سائر وسائل الإثبات الأخرى، كما جعلوها ذات حجية شاملة في جميع الوقائع، والحوادث دون تفرقة بين حق وآخر، متى توفرت كافة شروطها المنصوص عليها في كتب الفقه الإسلامي.
والأدلة الشرعية التي تثبت بها الحقوق ليست على درجة واحدة من القوة، بل بعضها أقوى من بعض، فالمرتبة الأولى تأتي للإقرار ومن ثم تأتي الشاهدة، فالشهادة تأتي ثانيًا بعد الإقرار من حيث القوة، ذلك أن الإقرار هو إخبار الشخص نفسه عن الحق الذي في ذمته للغير على وجه القطع واليقين وبما ينفى الريبة والتهمة، إذ إن العاقل لا يكذب على نفسه كذبًا يضر به، لذا كان الإقرار سيد الإدلة في الإثبات إذ لا يكون بعد الإقرار أي حاجة للإثبات بالشهادة أو بأي طريق أخر من طرق الإثبات في الإقرار حجة ملزمة للمقر نفسه بما أقر به من حقوق للغير في ذمته بينما الشهادة دليل ظني يجوز دحض ما ورد بها ولا تثبت بها الحقوق بالقطع واليقين (1).
(1) وسائل الإثبات (1/ 105)، تبين الحقائق (4/ 207)، كشاف القناع (6/ 404).