الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توليته مع فقره فكذلك القاضي (1).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الحكم الأحناف (2)، والشافعية (3).
النتيجة:
صحة ما نقل من الإجماع على أنه لا يشترط أن يكون القاضي غنيًا وذلك لعدم وجود المخالف.
[13/ 1]: عدم مشروعية أخذ القاضي أجرًا من المتقاضين
• المراد بالمسألة: لا يجوز للقاضي أن يأخذ أجرًا على قضائه بين الناس منهم، وقد فرق العلماء بين ما يأخذه القاضي من رزق من بيت مال المسلمين وبين ما يأخذه من الخصوم أجرًا على قضائه، وبحثنا في هذه المسألة هو في عدم جواز أخذ القاضي أجرًا على قضائه من غير بيت مال المسلمين (4)، وقد نفي الخلاف في ذلك.
من نفي الخلاف: ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: (فأما الاستئجار عليه -أي على القضاء- فلا يجوز. قال عمر رضي الله عنه: "لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرًا" (5). وهذا مذهب الشافعي، ولا
(1) فتح الباري (15/ 45).
(2)
البناية شرح الهداية (12/ 272).
(3)
تحفة الحبيب على شرح الخطيب (4/ 394).
(4)
والمراد بالأجر الممنوع أخذه للقاضي ما يأخذه من شخص أو أشخاص في بدل قضائه، وأما ما يأخذه من بيت مال المسلمين، فهذا جائز بالاتفاق، حكى الإجماع فيه ابن حزم الظاهري حيث قال:(واتفقوا أن الإمام إذا أعطى الحاكم مالًا من وجه طيب دون أن يسأله إياه، فقد اتفقوا على أنه حلال، سواء أرتبه له كل شهر، أو كل وقت محدد، أو قطعه عنه). انظر: مراتب الإجماع (ص 51).
(5)
رواه صاحب كنز العمال عن عبد الرزاق وابن أبي شيبه (5/ 824)(أثر: 14492)، ولكن لفظ عبد الرزاق في المصنف (8/ 297): أن عمر كره أن يؤخذ على القضاء رزق.
نعلم فيه خلافًا) (1). ونقله عنه شمس الدين ابن قدامة باللفظ والمعنى (2).
• مستند نفي الخلاف: ما رواه عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه مرفوعًا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقًا، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول (3) "(4).
• وجه الدلالة: أن الحديث دلّ على أن ما يأخذه القاضي من غير بيت مال المسلمين يعد غلولًا وخيانة (5).
2 -
ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "لا ينبغي لقاضي المسلمين أن يأخذ على القضاء أجرًا"(6). وهذا نص في المسألة.
3 -
أن القضاء طاعة، كالصلاة ونحوها، وأخذ الأجرة على الطاعة لا يجوز (7).
• الموافقون على نفي الخلاف: وافق على الحكم الحنفية (8)،
(1) المغني (14/ 10).
(2)
الشرح الكبير (28/ 281).
(3)
الغلول: الخيانة. انظر: مادة "غلّ" في القاموس المحيط (1/ 301). قال ابن الأثير: (قد تكرر ذكر الغلول في الحديث وهو الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل قسمتها، يقال غلّ في المغنم يغلّ غلولًا فهو غال، وكل من خان في شيء خفية فقد غلّ) انظر النهاية في غريب الحديث (3/ 380).
(4)
أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الخراج والأمارة والفيء، باب أرزاق العمال، حديث رقم (2943)، (5/ 33) وكذا القزويني في مشكاة المصابيح، كتاب الأمارة والقضاء، باب أرزاق الولاة وهداياهم (2/ 1107)، وقال الألباني: إسناده صحيح (4/ 188).
(5)
أدب القاضي لابن القاضي (1/ 108).
(6)
سبق تخريجه في الصفحة السابقة.
(7)
شرح أدب القاضي (ص 80 - 82)، المهذب (3/ 377).
(8)
المبسوط (16/ 102)، بدائع الصنائع (5/ 456)، الاختيار (2/ 82)، فتح القدير (7/ 239).
والمالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3).
النتيجة:
صحة ما ذكر من نفي الخلاف على عدم جواز أخذ القاضي أجرة على قضائه من المتقاضين وذلك لعدم وجود مخالف.
[14/ 1]: مشروعية أخذ القاضي أجرًا راتبًا (4) من بيت مال المسلمين
• المراد بالمسألة: أن القاضي يجوز له أن يأخذ أجر راتب من الإمام لتفرغه للقضاء، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن حزم (456 هـ) حيث قال: (واتفقوا أن الإمام إذا أعطى الحاكم مالا من وجه طيب دون أن يسأله إياه، فإنه له حلال، وسواء رتبه له كل شهر أو كل وقت محدود أو قطعه عنه)(5).
ابن حجر (852 هـ) حيث قال: (لا بأس للقاضي أن يأخذ الرزق على القضاء عند أهل العلم قاطبة من الصحابة ومن بعدهم، وهو قول فقهاء الأمصار لا أعلم بينهم اختلافًا، وقد كره ذلك قوم منهم مسروق ولا أعلم أحدًا منهم حرمه)(6).
وقال في موضع آخر: (أخذ الرزق على القضاء إذا كانت جهة الأخذ من الإمام وكان من الحلال جائز إجماعًا)(7)
(1) تبصرة الحكام (1/ 27)، مواهب الجليل (8/ 113).
(2)
المهذب (3/ 377)، روضة الطالبين (9/ 298).
(3)
المحرر في الفقه (2/ 203)، الفروع (6/ 439).
(4)
راتب: أي ثابت ودائم، وأمر راتب أب دارٌّ ثابت. قال ابن جني: يقال ما زلت على هذا راتبًا أي مقيمًا. انظر لسان العرب (3/ 128) مادة (رتب).
(5)
كتاب مراتب الإجماع لابن حزم (58).
(6)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (15/ 50).
(7)
فتح الباري شرح صحيح البخاري (15/ 54).
العيني (855 هـ) حيث قال: (وقال أبو علي الكرابيسي: لا بأس للقاضي أن يأخذ الرزق على القضاء عند أهل العلم قاطبة من الصحابة ومن بعدهم، وهو قول فقهاء الأمصار، ولا أعلم بينهم اختلافًا)(1).
الصنعاني (1182 هـ) حيث قال: (أخذ الرزق على القضاء إن كانت جهة الأخذ من الحلال كان جائزًا إجماعا ومن تركه فإنما تركه تورّعا)(2).
• مستند الإجماع:
1 -
القياس على الإمامة: "حيث روي أن أبا بكر رضي الله عنه لما استخلف رآه عمر يحمل من متاع أهله فقال إلى أين يا خليفة رسول اللَّه فقال إلى السوق أبيع متاعًا لأهلي لأنفقه في حوائجي فجمع الصحابة وفرضوا له كل يوم درهمين"(3).
2 -
استقضى عمر شريحًا وجعل له في كل شهر مائة درهم رزقًا، وعندما ولي عليّ الإمامة، جعل رزقه خمسمائة درهم كل شهر. وجعل عمر لعمار بن ياسر، وابن مسعود، وعثمان بن حنيف كل يومٍ شاة: نصفُها وأطوافها لعمار بن ياسر، والنصف الآخر بين ابن مسعود وابن حنيف، ولأنه لمّا ارتزق الخلفاء الراشدون على الخلافة لانقطاعهم بها عن المكاسب، كان القضاة بمثابتهم، ولأنه لمّا جاز للعامل على الصدقات أن يأخذ مالًا على العمالة، جاز للقاضي أن يأخذ على القضاء، ويكون ذلك جعالة (4) لا أجرة، لأن القضاء من العقود الجائزة، دون اللازمة، فكان أجره جعالة (5).
(1) عمدة القاري (24/ 242).
(2)
سبل السلام (3/ 850).
(3)
المبسوط (3/ 17).
(4)
الجعالة: ما جعل لإنسان أجرًا على عملٍ يعمله. انظر العين مادة (الجُعل).
(5)
المجموع شرح المهذب (22/ 9).