الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما نَسِيئة فلا ولا بأس ببيع البرِّ بالشعير والشعيرُ أكثرهما يدًا بيد وأما نسِيئة فلا". وأجمع العلماء على القول بمقتضى هذه السُّنّة وعليها جماعة فقهاء المسلمين) (1).
• مستند الإجماع: ما رواه مسلم عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هذ الأصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"(2).
• وجه الدلالة: أما عدم جواز القسمة مجازفة فلأن فيها معنى التمليك (3).
• الموافقون على نقل الإجماع: وافق على الحكم الأحناف (4)، والمالكية (5).
النتيجة:
صحة ما نقل من الإجماع على عدم جواز قسمة الذهب والفضة جزافًا وذلك لعدم وجود المخالف.
[63/ 3]: جواز قسمة الغنائم فى دار الحرب
.
• المراد بالمسألة: إذا غنم المسلمون في غزواتهم أو حروبهم أو سراياهم شيئا، فيجوز لهم اقتسامه في دار الحرب قبل عودتهم إلى دار الإسلام، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: حمد بن الحسن الجوهري (350 هـ) حيث قال:
(1) تفسير القرطبي (3/ 371).
(2)
أخرجه مسلم (11/ 13) الحديث رقم (4017).
(3)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (5/ 101).
(4)
المبسوط (14/ 44)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (7/ 240)، حاشية رد المحتار على الدر المختار (6/ 630).
(5)
شرح الزرقاني على موطأ مالك (4/ 187).
(وأجمعوا على إباحة قسمة الغنائم في دار الحرب بل استحبوا ذلك)(1).
الفخر الرازي (606 هـ): حيث قال عند شرح قوله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [الأنفال: 41]. . (دلت الآية على أنه يجوز قسمة الغنائم في دار الحرب. . وذلك جائز بالاتفاق)(2).
أبو الحسن بن القطان (628 هـ) حيث قال: (أجمعوا على إباحة قسمة الغنائم في دار الحرب)(3).
• مستند الإجماع: ما رواه البخاري عن قتادةَ أنَّ أنَسًا رضي الله عنه أخبرَه قال: "اعتمرَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أربعَ عُمَر كلُّهنَّ في ذي القَعدة، إِلّا التي كانت مع حجته عمرةً من الْحُديبية (4) في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرةً من الجِعْرانة (5) حيث قسم غنائم حُنَين (6) في ذي
(1) نوادر الفقهاء (1/ 166).
(2)
تفسير الرازي (15/ 487).
(3)
الإقناع في مسائل الإجماع (1/ 345).
(4)
الحديبية: هي قرية متوسطة ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عندها، وقال الخطابي: سميت الحديبية بشجرة حدباء كانت في ذلك الموقع، وبين الحديبية ومكة مرحلة وبينها وبين المدينة تسع مراحل. انظر: معجم البلدان (2/ 218) باب الحاء والدال وما يليها.
(5)
الجعرانة: وهي ماء بين الطائف ومكة، وهي إلى مكة أقرب، نزلها النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوزان، مرجعه من غزاة حنين، وأحرم منها صلى الله عليه وسلم، وله فيها مسجد، وبها آثار متقاربة. انظر: معجم البلدان (2/ 387) باب الجيم والعين وما يليهما.
(6)
حنين: يجوز أن يكون تصغير الحنان وهو الرحمة، وقال السهيلي: سمي بحنين بن قانية بن مهلائيل، قال: وأظنه من العماليق، وهو قريب من مكة وقيل: هو واد قبل الطائف، وقيل: واد بجنب ذي المجاز، وقال الواقدي: ببنه وبين مكة ثلاث ليالي، وقيل: بينه وبين مكة بضعة عشر ميلًا، ومنه قوله تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة: 25]، وإن قصدت به هذه البلدة. انظر/ معجم البلدان (2/ 356) باب الحاء والنون.
القعدة، وعمرة مع حَجَّتِه" (1).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الغنائم قبل العودة إلى دار الإسلام.
ما روى أبو إسحاق الفزاري: قال: قلت للأوزاعي هل قسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا من الغنائم بالمدينة؟ قال: لا أعلمه إنما كان الناس يتبعون غنائمهم ويقسمونها في أرض عدوهم ولم يقفل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن غزاة قط أصاب فيها غنيمة إلا خمسه وقسمه من قبل أن يقفل من ذلك غزوة بني المصطلق وهوازن وخيبر ولأن كل دار صحت القسمة فيها جازت كدار الإسلام (2).
- أن الملك ثبت فيها بالقهر والاستيلاء فصحت قسمتها كما لو أحرزت بدار الإسلام والدليل على ثبوت الملك فيها أمور ثلاثة:
أحدها: أن سبب الملك الاستيلاء التام وقد وجد فإننا أثبتنا أيدينا عليها حقيقة وقهرناهم ونفيناهم عنها والاستيلاء يدل على حاجة المستولي فيثبت الملك كما في المباحات.
الثاني: أن ملك الكفار قد زال عنها بدليل أنه لا ينفذ عتقهم في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة ولا يصح تصوفهم فيها، ولم يزل ملكهم إلا غير مالك إذ ليست في هذه الحال مباحة علم أن ملكها زال إلى الغانمين.
الثالث: أنه لو أسلم عبد الحربي ولحق بجيش المسلمين صار حرًا وهذا يدل على زوال ملك الكافر وثبوت الملك لمن قهره (3).
(1) أخرجه البخارى (4/ 1525) رقم (4059)، وأخرجه مسلم (8/ 168) الحديث رقم (2986).
(2)
المغني على مختصر الخرقي (13/ 360).
(3)
المغني على مختصر الخرقي (13/ 360).
• الموافقون على نقل الإجماع: وافق على الحكم بعض الأحناف (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).
• الخلاف في المسألة: خالف في المسألة الحنفية، حيث يرون أن الغنائم لا ينبغي قسمتها في دار الحرب حتى يعودوا إلى دار الإسلام. نقل ذلك ابن عبد البر حيث قال:(واختلف الفقهاء في قسمة الغنائم في دار الحرب. فذهب مالك والشافعي والأوزاعي وأصحابهم: إلى أن يَقْسِمُها الإمام على العَسْكَرِ في دار الحرب. قال مالك: وهم أولى بها منه. وقال أبو حنيفة: لا تقسم الغنائم في دار الحرب)(5).
ونقل الخلاف في المسألة ابن المنذر حيث قال: (واختلفوا في قسم الغنائم في دار الحرب، فكان مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور يقولون: يقسمها الإمام فى دار الحرب إن شاء، وقال أصحاب الرأي: لا ينبغي لإمام المسلمين إذا أصابوا غنائم في دار الحرب، أن يقسموا شيئا من ذلك، حتى يحرزوه إلى دار الإسلام)(6).
• دليل هذا القول: ما رواه الزيلعي في نصب الراية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (نهى عن بيع الغنيمة في دار الحرب)(7).
• وجه الدلالة: والبيع في معنى القسمة، فكما لا يجوز البيع كذلك لا تجوز القسمة (8).
(1) الهداية شرح بداية المبتدي (5/ 468).
(2)
الاستذكار (5/ 78).
(3)
روضة الطالبين وعمدة المفتين (5/ 436)، المجموع شرح المهذب (21/ 148).
(4)
المغني على مختصر الخرقي (13/ 360).
(5)
الاستذكار (5/ 78).
(6)
الأوسط ابن المنذر (5/ 316).
(7)
نصب الراية (3/ 619) كتاب السير، باب الغنائم وقسمتها.
(8)
عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 311).