الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن الحاكم لا يحكم بعلمه إذ لم يشهد على المنافقين (1) ".
2 -
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)} [البقرة: 8].
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين مع علمه بهم وقيام الشهادة عليهم أو على أكثرهم (2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الحكم الأحناف (3)، الشافعية (4)، والحنابلة (5).
النتيجة:
صحة ما نقل من الإجماع على أن القاضي لا يقضي بعلمه الشخصي في الحدود التي تستوجب القتل وذلك لعدم وجود المخالف.
[33/ 2]: قضاء القاضي بالظاهر في الأموال لا يحل حرامًا
• المراد بالمسألة: إذا حكم القاضي بالظاهر لشخص بمال، وهو يعلم -المقضي له يعلم- أن ذلك المال حرام عليه فإن المال يبقى على حرمته ولا يجوز له أخذه، وحكم الحاكم لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: (وأجمعوا على أن أشياء مما يحكم بها الحاكم في الظاهر، حرام على المقضي له، مما يعلم أن ذلك حرام عليه، ومن ذلك أن يحكم له بالمال)(6).
(1) الجامع لأحكام القرآن 1/ 199، المحرر الوجيز، لابن عطية 1/ 29.
(2)
أحكام القرآن لابن العربي (1/ 20).
(3)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 7).
(4)
المجموع شرح المهذب (22/ 78)، أسنى المطالب شرح روض الطالب (4/ 135)، نهاية المحتاج (8/ 246).
(5)
المغني (14/ 23).
(6)
الإجماع (ص 85).
ابن عبد البر (463 هـ) حيث قال: (قضاء القاضي بالظاهر الذي يعتد به لا يحل حرامًا في الباطن على من علمه، وأجمع العلماء على أن ذلك في الأموال صحيح)(1).
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: (أجمعوا على أن حكم الحاكم الظاهر الذي يعتريه لا يحل حرامًا، ولا يحرم حلالًا، وذلك في الأموال خاصة)(2).
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: (وقد اتفق المسلمون على أن حكم الحاكم بالحقوق المرسلة لا يغير الشيء عن صفته في الباطن، فلو حكم بمال زيد لعمر لإقرار أو بينة، كان ذلك باطلًا، ولم يبح ذلك له في الباطن، ولا يجوز له أخذه باتفاق المسلمين)(3).
الشوكاني (1250 هـ) حيث قال: (وقد حكى الشافعي الإجماع على أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام)(4).
• مستند الإجماع: قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)} [البقرة: 188].
• وجه الدلالة: دلت الآية على أنه لا يحل ما أكل بالباطل، وأخذ من الحقوق، ومن فعل ذلك عالمًا به ليأكل أموال الناس بالباطل، ويدلي بذلك إلى الحاكم ليثبت الحكم فهو باطل (5).
2 -
ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم، فقال: "إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له
(1) الاستذكار (7/ 96)، التمهيد (10/ 157).
(2)
بداية المجتهد (2/ 461).
(3)
مجموع الفتاوى (11/ 429).
(4)
نيل الأوطار (10/ 559).
(5)
التمهيد (10/ 157).
بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها" (1).
والحديث صريح الدلالة في أن ما حكم به الحاكم على ضوء ما قاله الخصم لأجل حجته وبينته، والباطن على خلاف ذلك، فهو محرم.
• الموافقون على الإجماع: وافق على الحكم الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
النتيجة:
صحة ما نقل من الإجماع على قضاء القاضي بالظاهر -في الأموال خاصة- لا يحل حرامًا وذلك لعدم وجود المخالف.
[34/ 2]: من حكم له بالقود (6) على من يعلم أنه بريء منه فلا يجوز له أن يقتاد منه
• المراد بالمسألة: هذه المسألة تبع لسابقتها، والمراد بها: أنه إذا حكم لشخص بالقود ممن يعلم أنه بريء مما حُكم له عليه بقرائن ثبتت في الظاهر فلا يجوز له أن يقتاد منه، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن المنذر (318 هـ) حيث قال: (وأجمعوا على أن أشياء مما يحكم بها الحاكم في الظاهر، حرام على المقضى له، مما يعلم أن ذلك حرام عليه. . . ومن ذلك القود على من يعلم أنه بريء مما حكم له عليه ببينات ثبتت في الظاهر)(7).
الخطابي (388 هـ) حيث قال: (وفيه أنه لا يجوز للمقضي له بالشيء
(1) أخرجه البخاري (2/ 167)(ح 2326)، ومسلم (5/ 129)(ح 4572).
(2)
المبسوط (16/ 80)، بدائع الصنائع (5/ 460)، فتح القدير (7/ 240).
(3)
المدونة (8/ 120)، المعونة (2/ 430).
(4)
الأم (6/ 220)، روضة الطالبين (9/ 312)، زاد المحتاج (4/ 543).
(5)
منتهى الإرادات (5/ 372)، المغني (14/ 180).
(6)
القود: وهو القتل بالقتل أو الجرح بالجرح. انظر لسان العرب (4/ 544) مادة (قود)، والقاموس المحيط (2/ 65) مادة (القود).
(7)
الإجماع (ص 85).
أخذه إذا علم أنه لا يحل له فيما بينه وبين اللَّه، وقد أجمع العلماء على هذا في الدماء والأموال) (1).
• مستند الإجماع: ما روي عن أم سلمة رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم، فقال:"إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها"(2).
• وجه الدلالة: أن الحديث صريح الدلالة على أن ما حكم به الحاكم على ضوء ما قاله الخصم لأجل حجته وبينته، والباطن على خلاف ذلك، فهو محرم ويستوي في ذلك الدماء والأموال لأن الحديث عام (3).
• الموافقون على نقل الإجماع: وافق على الحكم الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• الخلاصة: صحة ما نقل من الإجماع على أن من حكم له بالقود على من يعلم أنه بريء منه فلا يجوز له أن يقتاد منه وذلك لعدم وجود مخالف.
[35/ 2] قول القاضي حجة (8) تامة
• المراد بالمسألة: أن قول القاضي حجة تامة فإذا قال القاضي قد
(1) معالم السنة (4/ 163).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
منتهى الإرادات (5/ 111).
(4)
المبسوط (16/ 82)، بدائع الصنائع (5/ 462).
(5)
مواهب الجليل (4/ 121)، المعونة (2/ 430).
(6)
المجموع (14/ 130)، المهذب (5/ 304).
(7)
المغني (14/ 122)، منتهى الإرادات (5/ 111).
(8)
الحجة: البرهان، وقيل الحجة ما دوفع به الخصم، وقال الأزهري: الحجة الوجه الذي يكون به الظفر عند الخصومة. انظر لسان العرب (1/ 465) مادة (حجج).
قضيت على هذا بالرجم فارجمه أو بالقطع فاقطعه أو بالضرب فاضربه وسعك فعله (1) وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: السرخسي (483 هـ) حيث قال: (أن مباشرته القضاء قول ملزم، فكذلك إخباره بالقضاء، والدليل عليه أنه لا يستقضي في كل بلدة أكثر من واحد فلو كانت الحجة لا تتم بمجرد خبر القاضي به لجرى الرسم بإيجاد القاضين في كل بلدة لصيانة الحقوق كما جرى الرسم به في الشهود، وفي الاكتفاء بقاض واحد في كل بلدة دليل الإجماع من المسلمين على أن مجرد قول القاضي حجة تامة)(2).
• مستند الإجماع: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59].
• وجه الدلالة: طاعة أولي الأمر واجبة، وفي تصديقه طاعة (3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الحكم الأحناف (4)، ولم أقف على أقوال أخرى لبقية المذاهب حسب ما أطلعت عليه من كتب الفقهاء.
• الخلاف في المسألة: نقل الخلاف عن بعض الأحناف حيث يرون أنه لا يؤخذ بقول القاضي على إطلاقه حتى تظهر الحجة، جاء عن محمد بن الحسن الشيباني أنه قال:(لا تأخذ بقوله حتى تعاين الحجة)(5).
• دليل هذا الرأي: أن قوله القاضي يحتمل الغلط والخطأ، والتدارك غير ممكن، وعلى هذه الرواية لا يقبل كتابه، واستحسن المشايخ هذه الرواية
(1) تبيين الحقانق شرح كنز الدقائق (5/ 141).
(2)
المبسوط (16/ 106).
(3)
فتح القدير (7/ 358).
(4)
تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (4/ 205)، مجمع الأبحر في شرح ملتقى الأنهر (2/ 183)، العناية شرح الهداية (7/ 358).
(5)
فتح القدير (7/ 358)، البناية (9/ 96).