الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: مسائل الإجماع في باب طرق الحكم وصفته
[18/ 2]: وجوب العدل في مجلس القضاء
• المراد بالمسألة: يجب على القاضي أن يعدل بين الخصمين في كل شيء، في المجلس (1) والخطاب، والإنصات إليهما، والإشارة والنظر، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر ونحو ذلك، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: ابن رشد (595 هـ) حيث قال: (وأما كيف يقضي القاضي، فإنهم أجمعوا على أنه واجب عليه أن يسوّي بين الخصمين في المجلس، وألا يسمع من أحدهما دون الآخر)(2).
(1) المَجلِس: هو موضع الجلوس، قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ} [المجادلة: 11] قيل: يعني مجلس النبي صلى الله عليه وسلم. وقرئ {في المجلس} . انظر لسان العرب لابن منظور (6/ 543) مادة (جلس).
وتجدر الإشارة إلى أن العدل بين الخصمين واجب في الجلوس، إذا كان المتحاكمان مسلمين، أو ذميين، وأما إذا كان أحدهما مسلمًا والآخر كافرًا، ففيه خلاف بين أهل العلم:
فذهب المالكية إلى أن على القاضي أن يسوي بين المسلم وغيره، وإلى هذا تميل عبارات الحنفية.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه ينبغي تمييز المسلم عن غيره في الجلوس.
انظر: تحفة الفقهاء (3/ 642)، الهداية (7/ 256)، بدائع الصنائع (5/ 449)، الاختيار (2/ 86)، مختصر خليل مع شرحه مواهب الجليل (8/ 118)، تبصرة الحكام (1/ 37)، حاشية الدسوقي (4/ 143)، أدب القاضي لابن القاص (1/ 167)، المغني (14/ 64).
(2)
بداية المحتهد (2/ 692).
ابن قدامة (620 هـ) حيث قال: (ويعدل بين الخصمين -أي القاضي- في الدخول عليه، والمجلس والخطاب": وجملته، أن على القاضي العدل بين الخصمين في كل شيء من المجلس، والخطاب، واللحظ، واللفظ، والدخول عليه، والإنصات إليهما والاستماع منهما. وهذا قول شريح، وأبي حنيفة، والشافعي، ولا أعلم فيه خلافًا)(1).
• مستند الإجماع: ما روي عن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنهما أنه قال: "قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم"(2).
2 -
ما روي عن أم سلمه رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليساو بينهم في المجلس، والإشارة والنظر، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين أكثر من الآخر"(3).
3 -
ما ورد في كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أرسله إلى أبي موسى الأشعري منه حيث قال: "آس (4) بين الناس في مجلسك، وفي وجهك،
(1) المغني (14/ 62).
(2)
أخرجه أبو داود في سننه (ح 3588)، والحاكم في المستدرك (4/ 94)، من كتاب الأحكام، باب الخصمان كيف يقعدان بين يدي الحاكم، وقال هذا حديث صحيح، وأقره الذهبي في التلخيص المطبوع مع المستدرك. وقال الحافظ: وفي إسناده مصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير وهو ضعيف. (التلخيص الحبير 4/ 193).
(3)
أخرجه إسحاق في مسنده كما في نصب الراية (4/ 74: 73)، وأبو يعلي في مسنده (ح 5867، 6924)، والدارقطني في سننه (4/ 205)، كتاب الأقضية والأحكام (ح 10 و 11)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 135)، باب إنصاف الخصمين، من كتاب الشهادات، وقال عنه البيهقي: إسناده ضعيف، وقال الحافظ: وفي إسناده عباد بن كثير وهو ضعيف. (التلخيص الكبير (4/ 193).
(4)
آس: من الأسوة: يقال أسوت فلان إذا جعلته أسوته، ومنه قول عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري: آس بين الناس في وجهك: أي سو بينهم واجعل كل واحد منهما إسوة خصمه. انظر لسان العوب (1/ 103) مادة (أسا).