الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[77/ 3] عدم جواز قسمة جنسين مختلفين قسمة جمع
.
• المراد بالمسألة: الأصل في الأجناس المختلفة كالحنطة (1) والشعير والقطن والحديد والجوز واللوز والثياب البردية والمروية (2). وكذلك اللآلئ واليواقيت (3)، وكذا الخيل والإبل والبقر والغنم أنها لا تجوز قسمتها قسمة جمع، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: الكاساني (587 هـ) حيث قال: (لا خلاف في أنه لا يقسم في جنسين من المكيل والموزون والمذروع والعددي قسمة جمع كالحنطة والشعير والقطن والحديد والجوز واللوز والثياب البردية والمروية، وكذلك اللآلئ واليواقيت، وكذا الخيل والإبل والبقر والغنم، وكذا إذا كان من كل جنس فرد كبرذون (4) وجمل وبقرة وشاة وثوب وقباء وجبة وقميص ووسادة (5) وبساط، . . . ولو اقتسما بأنفسهما أو تراضيا على ذلك جازت القسمة بلا خلاف) (6).
ابن رشد (595 هـ) حيث قال: (وأما إذا كانت العروض أكثر من
(1) الحنطة: هي البر، وجمعها حنط، والحناط بائع الحنطة، والحناطة حرفته. انظر لسان العرب لابن منظور مادة (حنط).
(2)
الثياب المروية: بسكون الراء، منسوبة إلى بلدة بالعراق على شط الفرات. انظر: المغرب في ترتيب المعرب للسان الدين بن الخطيب (2/ 173).
(3)
الياقوت: جمع مفرده ياقوته، وهو الجواهر، يقال فارسي معرب، انظر: لسان العرب لابن منظور مادة (يقت).
(4)
البِرذَون: الدابة، وجمعه براذين، والبرازين من الخيل: ما كان من غير نتاج العراب. انظر: لسان العرب مادة (برذن).
(5)
الوسادة: المخدة، والجمع وسائد ووُسد، وقال ابن سيده: الوساد: المتكأ، وفي الحديث: قال لعدي بن حاتم (إن وسادك إذن لعريض. .) كَنى بالوساد عن النوم. انظر: لسان العرب لابن منظور مادة (وسد).
(6)
بدائع الصنائع (7/ 31).
جنس واحد، فاتفق العلماء على قسمتها على التراضي) (1).
• مستند الإجماع: أن هذه الأشياء لو قسمت على الجمع لكان الأمر لا يخلو من أحد وجهين: إما أن تقسم باعتبار أعيانها، وإما أن تقسم باعتبار قيمتها بأن يضم إلى بعضها دراهم أو دنانير. ولا سبيل إلى الأول لأن فيه ضررًا بأحدهما لكثرة التفاوت عند اختلاف الجنس، والقاضي لا يملك الجبر على الضرر، ولا سبيل إلى الثاني لأن ذلك قسمة في غير محلها، لأن محلها الملك المشترك ولم يوجد في الدراهم (2).
• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة ابن حزم الظاهري حيث قال: يقسم الرقيق والحيوان والمصاحف وغير ذلك، فمن وقع في سهمه عبد وبعض آخر بقى شريكًا في الذي وقع في حظه (3).
• دليل هذا القول: ما رواه البخاري عن عَبايةَ بن رفاعةَ بنِ رافعِ بنِ خدِيجٍ عن جَدّهَ قال: "كنّا معَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الحُلَيفَةِ، فأصابَ الناسَ جُوعٌ، فأصابوا إبِلًا وغنمًا، قال: وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم في أُخْرَياتِ القومِ، فعَجلوا وذَبحوا ونصَبوا القُدورَ، فأمرَ النّبىّ صلى الله عليه وسلم بِالقُدورِ فأُكْفئَت، ثمّ قَسَمَ، فعَدَلَ عشرةً من الغنَم ببَعيرٍ، فندّ منها بعيرٌ، فطَلبوهُ فأعْياهم، وكان في القوم خَيلٌ يَسيرةٌ، فَأهَوَى رجُلٌ منهم بسَهمٍ فحبَسَهُ اللَّهُ. ثمّ قال: إنّ لهذه البَهائمِ أوابِدَ كأوابدِ الوَحْشِ، فما غَلَبكم منها فاصنَعوا به هكذا. فقال جَدّي: إِنا نَرجو -أو نَخافُ- العدُوّ غدًا، وليسَتْ مَعَنا مُدًى، أفنَذْبحُ بالقصَبِ؟ قال: ما أنهَرَ الدّمَ وذُكِرَ اسمُ اللَّهِ عليهِ فكلوهُ، ليس السّنّ والظّفُرَ، وسأُحَدّثُكم عن ذلكَ: أما السنّ فَعَظْم، وأما الظفُرُ فمُدَى
(1) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (2/ 351).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 31).
(3)
المحلى بالآثار (6/ 426).