الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[3/ 1]: عظم فضل القضاء بالعدل
.
• المراد بالمسألة: القضاء بالحق فريضة محكمة وسنة متبعة وهو من أقوى الفرائض بعد الإيمان باللَّه تعالى وهو من أشرف العبادات وهذا لأن في القضاء بالحق إظهار العدل وبالعدل قامت السموات والأرض (1). ولولا ذلك لفسد العباد وخربت البلاد وانتشر الظلم والفساد (2) لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه، وفيه فضل عظيم لمن قوي على القيام به، وأداء الحق فيه، وذلك من أبواب القرب (3) لذلك فإن الحاكم إن أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: العز بن عبد السلام (660 هـ) حيث قال: (هل يتساوى أجر الحاكم والمفتي القائمين بوظائف الحكم والفتيا أم لا؟ فالجواب إن أجر الحاكم أعظم لأنه يفتي ويلزم فله أجران. . . . وأجمع المسلمون على أن الولايات من أفضل الطاعات، وقال في موضع آخر: وعلى الجملة فالعادل من الأئمة والولاة والحكام أعظم أجرًا من جميع الأنام بإجماع أهل الإسلام)(4).
النووي (676 هـ) حيث قال: (أجمع المسلمون على أن هذا الحديث في حاكم عالم أهل للحكم، فإن أصاب فله أجران أجر باجتهاده وأجر بإصابته، وإن أخطأ فله أجر باجتهاده)(5). وأورده السيوطي بلفظه ومعناه (6).
(1) المبسوط (16/ 59).
(2)
مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (2/ 150).
(3)
المغني لابن قدامة (10/ 32).
(4)
قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 142).
(5)
شرح صحيح مسلم للنووي (12/ 12).
(6)
شرح السيوطي على السنن الصغرى (8/ 612).
ابن حجر (974 هـ) حيث قال: (فإذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فحكم، ثم أخطأ فله أجر" وفي رواية صحيحة "فله عشرة أجور": وقد أجمع المسلمون على أن هذا في حاكم عالم مجتهد)(1).
الرملي (1004 هـ) نقلا عن الغزالي: (بل هو أسْنَى فروض الكفايات حتى ذهب الغزالي إلى تفضيله على الجهاد وذلك للإجماع، مع الاضطرار إليه لأن طباع البشر مجبولة على التظالم، وَقَلَّ من يُنْصِفُ من نفسه، والإمام الأعظم مشتغل بما هو أهم منه فوجب من يقوم به، فإن امتنع الصالحون له أَثِمُوا وَأَجْبَرَ الإمام أحدهم)(2). . نقله عنه باللفظ والمعنى سليمان البجيرمي (3).
الدمياطي البكوي (1300 هـ) حيث قال عند حديثه عن فضل القضاء: (أفضل فروض الكفايات للإجماع مع اضطرار الناس إليه، لأن طباع البشر مجبولة على التظالم)(4).
• مستند الإجماع: ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "عدل ساعة خير من عبادة ستين سنة، قيام ليلها، وصيام نهارها، وجور ساعة في حكم أشد وأعظم من معصية ستين سنة"(5)
2 -
ما روي عن إِدريس الأَوْدِيِّ قال: أَخْرَجَ إِلَيْنَا سعيدُ بنُ أبي بُرْدَةَ كتابًا وقالَ: هَذَا كتابُ عُمَرَ إلى أبي موسى رضي الله عنهما: أَمَّا بعدُ، فَإِنَّ القضاءَ
(1) تحفة المحتاج (10/ 101).
(2)
نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (8/ 235).
(3)
تحفة الحبيب على شرح الخطيب (8/ 341).
(4)
إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين (4/ 209).
(5)
إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة (5/ 70) كتاب الإمارة، باب ما جاء في الأمراء، وعلق عليه قائلًا: رواه الأصبهاني لسند ضعيف.
فريضةٌ محكمةٌ وسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، افْهَمْ إذَا أُدْلِيَ إليكَ، فَإِنَّهُ لا يَنْفَعُ كلمةُ حَقَ لا نَفَاذَ لهُ، آسِ بينَ الناسِ في وَجْهِكَ ومَجْلِسِكَ وعَدْلِكَ، حَتَّى لا يَطْمَعَ شريفٌ في حَيْفِكَ، ولا يخافَ ضعيفٌ مِنْ جَوْرِكَ (1).
3 -
ما رواه البخاري من حديث ابن مسعود عن النبي عليه الصلاة والسلام (لا حَسَدَ إلا في اثْنتينِ: رَجلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فسُلِّطَ على هَلَكَتِهِ في الحقِّ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ الحكمةَ فهُوَ يَقْضي بها ويُعَلِّمُها)(2).
4 -
ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام قال: "أَتَدْرُونَ مَنِ السّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّه عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم، قال:"الذينَ إِذَا أُعْطُوا الحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ"(3).
• وجه الدلالة: أن أمر الناس لا يستقيم بدونه، فكان واجبا عليهم، كالجهاد والإمامة. . . ولذلك جعل اللَّه فيه أجرًا مع الخطأ، وأسقط عنه حكم الخطأ، ولأن فيه أمرًا بالمعروف، ونصرة المظلوم، وأداء الحق إلى مستحقه، وردا للظالم عن ظلمه، وإصلاحًا بين الناس، وتخليصًا لبعضهم من بعض، وذلك من أبواب القرب (4).
(1) سنن البيهقي الكبرى (15/ 137) الحديث رقم (20909)، وفي السنن الصغرى (17/ 473) باب ما على القاضي في الخصوم والشهود، ورواه الدارقطنى مختصرا في سننه (4/ 137) كتاب في الأقضية، الحديث رقم (4377)، جامع المسانيد والمراسيل عن أبي العواصم البصري (13/ 470) الحديث رقم (1792).
(2)
صحيح البخاري (1/ 39) الحديث رقم (73)، وصحيح مسلم (6/ 81) الحديث رقم (1846).
(3)
مسند الإمام أحمد بن حنبل (7/ 99)، الحديث رقم (23986)، جامع المسانيد والمراسيل (1/ 61)، الحديث رقم (264)، وقال الألباني في ضعيف الجامع، حديث ضعيف (1114)
(4)
المغني لابن قدامة (10/ 32) بتصريف يسير.