الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة:
صحة ما نقل من الإجماع على مشروعية نصب القضاة للحكم بين الناس وذلك لعدم وجود مخالف.
[2/ 1]: منصب القضاء فرض من فروض الكفاية
• المراد بالمسألة: أن تولية الإمام للقضاة للحكم بين الناس من فروض الكفايات، فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد أثم الجميع، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: النووي (676 هـ) حيث قال: (القضاء والإمامة فرض كفاية بالإجماع)(1).
شهاب الدين القرافي (682 هـ) فقد نقل الإجماع على جواز امتناع القاضي عن قبول القضاء إذا وجد غيره فكان فرض كفاية حيث قال: (وله أن يمتنع ويهرب، فلا يجب عليه القبول، وبهذا قال الأئمة، وتعينه بأن لا يكون في تلك الناحية من تصلح للقضاء سواه، فيحرم الامتناع لتعين الفرض عليه)(2).
الزركشي (794 هـ) حيث قال: (القضاء فرض كفاية بالإجماع)(3). ابن فرحون المالكي (799 هـ) حيث قال: (أما القضاء فهو فرض كفاية، ولا خلاف بين الأئمة في ذلك)(4). ابن حجر (852 هـ) حيث قال: (وأجمعوا على أن القضاء من فروض الكفاية)(5). ابن مفلح الدمشقي (884 هـ) حيث قال: وأجمع المسلمون على نصب القضاة للفصل بين الناس (وهو فرض كفاية) كالإِمامة (6).
بدر الدين العيني (855 هـ) حيث قال: (وهو فرض كفاية
(1) روضة الطالبين (1904).
(2)
الذخيرة (10/ 8).
(3)
البحر المحيط للزركشي (2/ 112).
(4)
تبصرة الحكام (1/ 120).
(5)
فتح الباري (13/ 103).
(6)
المبدع شرح المقنع (10/ 3).
بالإجماع) (1). . زكريا الأنصاري (926 هـ) حيث قال: (الفتوى والقضاء) أي توليه (فرض كفاية) في حق الصالحين له (كالإمامة) بالإجماع (2).
سليمان البجيرمي (1221 هـ) نقلًا عن الغزالي حيث قال: (وتولي القضاء فرض كفاية بل هو أفضل فروض الكفايات حتى ذهب الغزالي إلى تفضيله على الجهاد للإجماع مع الاضطرار إليه لأن طباع البشر مجبولة على النظام وقلّ من ينصف من نفسه والإمام الأعظم مشتغل بما هو أهمّ منه فوجب من يقوم به)(3).
أحمد القليوبي الشافعي (1069 هـ) حيث قال: (القضاء فرض كفاية في حق الصالحين له بالإجماع)(4).
• مستند الإجماع: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، قوله تعالى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49]، قوله تعالى:{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26].
• وجه الدلالة: إن في تلك الآيات أمرًا بالحكم والقضاء، ولا يمكن حمله على فرض العين لأن أكثر الناس ليسوا أهلًا للحكم، فلا بد من حمله على فرض الكفاية، لأن في القضاء نصرة للحق، وإظهارًا للعدل، ورفعًا للظلم، وأمرًا بالمعروف، ونهيًا عن المنكر (5).
1 -
ما روي عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا
(1) البناية في شرح الهدايا (8/ 4).
(2)
أسنى المطالب شرح روض الطالب (9/ 95).
(3)
تحفة الحبيب على شرح الخطيب (6/ 361).
(4)
روض الطالب (9/ 96).
(5)
المغني (10/ 89).
عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ، وَأْتِ الَّذِى هُوَ خَيْرٌ" (1).
• وجه الدلالة: أن عدم الإكراه على الإمارة وكراهة سؤالها مبني على أنها من فروض الكفايات.
2 -
قياس القضاء على الإمامة العظمى، للحاجة إليهما ولأن أمر الناس لا يستقيم بدونهما فكانا من فروض الكفايات. قال الإمام أحمد:"لابد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس"(2).
3 -
تولية القضاء من الإمام (فرض كفاية) في حق الصالحين له؛ أما كونه فرضًا فلقوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] ولأن طباع البشر مجبولة على التظالم ومنع الحقوق، وقلّ من ينصف من نفسه؛ ولا يقدر الإمام على فصل الخصومات بنفسه فدعت الحاجة إلى تولية القضاء. وأما كونه على الكفاية فلأنه أمر بمعروف أو نهي عن منكر فإذا كان تولية القضاء فرع على تولية الإمامة فينسحب حكم الإمامة على القضاء فيكون فرض كفاية (3).
• الموافقون على الإجماع: وافق على الحكم الأحناف (4)،
(1) أخرجه البخاري (6/ 2443) حديث رقم (7146)، ومسلم في صحيحه (12/ 163) حديث رقم (4671)، والإمام أحمد في مسنده (6/ 53) مسند عبد الرحمن بن سمرة، حديث رقم (20221)، والترمذي في سننه (5/ 88)، حديث رقم (1532).
(2)
روضة الطالبين (4/ 190).
(3)
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 499).
(4)
البناية شرح الهداية للعيني (8/ 4)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 3).
والمالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3).
• الخلاف في المسألة: نقل عون الدين ابن هبيرة المخالفة عن الإمام أحمد بن حنبل حيث قال: قال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هو من فروض الكفايات، ويتعين على المجتهد الدخول فيه إذا لم يوجد غيره، وقال أحمد في أظهر روايتيه: ليس هو من فروض الكفايات، ولا يتعين على المجتهد الدخول فيه وإن لم يوجد غيره، والرواية الأخرى كمذهب الباقين (4). وهذا الرواية ضعيفة جدا وقد قال المرداوي (وذكر فى الفروع رواية انه ليس فرض كفاية وهو ضعيف جدًا) (5) لذا لا يعول على الأخذ بها وقد انصبت هذه الرواية على دليل واحد نورده للاحاطة به دون قصد القدح وذلك على النحو التالي:
• أدلة هذا القول: الوعيد والترهيب الوارد في أحاديث تولي القضاء، وهذا يدل على أنه ليس من فروض الكفايات ولا يتعين على المجتهد الدخول فيه وإن لم يوجد غيره (6).
النتيجة:
تحقق الإجماع فيما نقل من أن القضاء فرض من فروض الكفاية وذلك لعدم وجود المخالف.
(1) الذخيرة (10/ 6).
(2)
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (4/ 499)
(3)
المغني (14/ 5)، حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع (7/ 508)، شرح منتهى الإرادات (3/ 486).
(4)
الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيره (2/ 280)، نقله عنه ابن مفلح الدمشقي في المبدع شرح المقنع (10/ 3)، وكذلك انظر: جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود (2/ 288).
(5)
الإنصاف (11/ 154)
(6)
المبدع شرح المقع (10/ 3).