الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أراد بها إيقاع يمين فهي يمين، وإِنْ أراد بها موعدًا أنه سيقسم باللَّه فليست يمين، وإنما ذلك كقوله: سأحلف أو سوف احلف (1).
• دليل هذا القول: أن العبرة بنية الحالف فإما أن يقصد بها (حلفت قديمًا يمين باللَّه، فليست بيمين حادثة، وإنما هو خبر عن يمين ماضية) وإما أن يكون (أراد بها موعدًا أنه سيقسم باللَّه)(2).
النتيجة:
عدم تحقق ما نقل من الإجماع على انعقاد يمين من قال أقسم باللَّه أو أحلف باللَّه دون الوجوع إلى نيته لوجود الخلاف في المسألة.
[197/ 6] اليمين على نية الحالف إذا كان لا يقتطع بها حقًا لغيره
• المراد بالمسألة: أنه يرجع إلى نية الحالف في يمينه إذ كانت يمينه لا يقتطع بها حقا لغيره، أو كان حالفا بغير استحلاف، وقد نقل الإجماع على ذلك.
• من نقل الإجماع: عون الدين ابن هبيرة (560 هـ) حيث قال: (واتفقوا على أنه إذا حلف فلانًا ونوى بها شيئًا معينًا، أنه على ما نواه)(3).
ابن تيمية (728 هـ) حيث قال: (واتفقوا على أنه يرجع في اليمين إلى نية الحالف إذا احتملها لفظه، ولم يخالف الظاهر، أو خالفه وكان مظلومًا، ولم يقتطع بها حقًا لغيره)(4).
ابن القيم (751 هـ) حيث قال: (لا بد أن يكون قاصدًا للتكلم باللفظ
(1) الأم (7/ 107: 108)، مختصر المزني في فروع الشافعية (1/ 381)، أسنى المطالب شرح روض الطالب (9/ 15)، الحاوي الكبير في الفقه الشافعي (19/ 318).
(2)
الأم (7/ 107: 108).
(3)
الإفصاح لابن هبيرة (2/ 165).
(4)
مجموع الفتاوى (32/ 86).
مريدًا له، فلا بد من إرادتين: إرادة التكلم باللفظ اختيارًا، وإرادة موجبه ومقتضاه، بل إرادة المعنى آكد من إرادة اللفظ؛ فإنه المقصودُ واللفظ وسيلَةٌ، هو قول أئمة الفتوى من علماء الإسلام، وقال مالك وأحمد فيمن قال:"أنتِ طالق البتة" وهو يريد أن يحلف على شيء ثم بَدَا له فترَكَ اليمينَ: لا يلزمه شيء؛ لأنه لم يرد أن يطلقها) (1).
الشوكاني (1250 هـ) حيث قال: (وقد حُكي الإجماع على أن الحالف من غير استحلاف ومن غير تعلق حق بيمينه له نيته ويقبل قوله، وأما إذا كان لغيره حق عليه فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه، سواء حلف متبرعًا أو باستحلاف)(2).
• مستند الإجماع: ما روي عن عبدِ اللَّهِ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن حلفَ على يَمينٍ وهوَ فيها فاجِرٌ ليَقتَطِعَ بها مالَ امرِئٍ مسلمٍ لَقِيَ اللَّهَ وهوَ عليهِ غَضَبانُ. قال: فقالَ الأشعَثُ: فيّ واللَّهِ كان ذلك. كانَ بيني وبينَ رجلٍ منَ اليهودِ أرضٌ، فجحَدَني، فقدّمتهُ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لي رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألَكَ بَيّنَةٌ؟ قلتُ: لا. قال: فقال لليهوديّ: احلِفْ. قال: قلتُ: يا رسول اللَّه إذَن يَحلفَ ويذهَبَ بمالي. فأنزلَ اللَّهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إلى آخر الآية (3).
• وجه الدلالة: أنه إذا كان مظلومًا فهو لا يقتطع بيمينه حقًا فلا يأثم (4).
(1) أعلام الموقعين عن رب العالمين (3/ 59).
(2)
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار (9/ 104).
(3)
صحيح البخاري (2/ 211) كتاب الخصومات، باب كلامِ الخُصومِ بعضِهم في بعضٍ، الحديث رقم (2374)، مسند الإمام أحمد بن حنبل (2/ 17) مسند عبد اللَّه بن مسعود، الحديث رقم (4209).
(4)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 30).