الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول مسائل الإجماع في باب فضل وشروط وآداب القاضي
[1/ 1]: مشروعية نصب القضاة للحكم بين الناس
• المراد بالمسألة: يشرع لولاة الأمر نصب القضاة للحكم (1) بين الناس وفصل الخصومات فيما بينهم لإعطاء كل ذي حق حقه.
• من نقل الإجماع: ابن قدامة المقدسي (620 هـ) حيث قال: (وأجمع المسلمون على مشروعية نصب القضاة والحكم بين الناس)(2). ووافقه شمس الدين ابن قدامة باللفظ والمعنى (3).
ابن الهمام (861 هـ) حيث ذكر حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه قاضيًا إلى اليمن. . . الحديث (4). ثم قال: (وعليه إجماع
(1) الحُكْمُ: العلم والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر حَكَمَ يَحْكُمْ. والحكم بالضم القضاء، والحاكم: منفذ الحكم، قال اللَّه تعالى {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]، أي علمًا وفقهًا، ومنه الحديث: الخلافة في قريش والحكم في الأنصار. خصهم بالحكم لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم. انظر: لسان العرب لابن منظور (2/ 448).
(2)
المغني (14/ 5).
(3)
الشرح الكبير (28/ 256).
(4)
أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 299) الحديث رقم (22056)، وأبو داود، حديث رقم (3592)(4/ 301). والترمذي، حديث رقم (1327)(3/ 440)، واللفظ للمسند، قال الألباني فى صحيح وضعيف سنن الترمذي، حديث ضعيف، (1327). . والحديث وان كان فيه مقال لكنه تلقته الامة بالقبول وقال العظيم أبادي فى العون (9/ 510) له شواهد موقوفه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس وقد أخرجها البيهقي فى سننه عقب تخريجه لهذا الحديث تقوية له كذا فى مرقاة الصعود).
المسلمين) (1).
شمس الدين الزركشي (794 هـ) حيث ذكر أدلة من الكتاب والسنة على مشروعية نصب القضاة للحكم بين الناس، ثم قال (مع أن هذا -وللَّه الحمد- إجماعًا) (2). زكريا الأنصاري (926 هـ) حيث قال:(الأصل فيه -أي تولي القضاء- قبل الإجماع آيات. . . ولأن طباع البشر مجبولة على التظالم (3) ومنع الحقوق) (4).
• مستند الإجماع: قوله تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26]. قوله تعالى مخاطبًا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49]. قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} [النساء: 65].
• وجه الدلالة: أن اللَّه سبحانه وتعالى جعل الحكم بين الناس والفصل في الخصومات جزءًا من مهام الرسل عليهم السلام، والأمر للرسل أمر للخلفاء بعدهم (5).
1 -
ما روي عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر"(6).
(1) فتح القدير (7/ 233).
(2)
شرح الزركشي على مختصر الخرقي (4/ 436).
(3)
تظالم القوم: أي ظلم بعضهم بعضًا، نسبة إلى الظلم، ويقال أظلم من حية: لأنها تأتى الجُحر لم تحتفره فتسكنه، ويقولون ما أظلمك أن تفعل. انظر: لسان العرب (3/ 223)، تاج العروس (2/ 132)، مختار الصحاح (1/ 321) كلهم مادة (ظلم).
(4)
أسنى المطالب شرح روض الطالب (9/ 95).
(5)
المغني (14/ 5)، فتح القدير (7/ 233)، تبصرة الحكام (1/ 9).
(6)
أخرجه البخاري (3/ 148) الحديث رقم (6919)، ومسلم (4/ 211). إذا اجتهد، الحديث رقم (4462).
2 -
ما روي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن، فقال: كيف تقضي؟ قال: أقضي بكتاب اللَّه. قال: فإن لم يكن في كتاب اللَّه؟ قال فبسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: فإن لم يكن في سنة رسول اللَّه؟ قال: أجتهد رأيي. قال: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الحمد للَّه الذي وفق رسول اللَّه لما يرضي رسول اللَّه"(1).
3 -
أنه لما كان الظلم من عادة النفوس الإنسانية وجبلتها، كانت الحاجة ماسة لإنصاف المظلوم من الظالم، وإيصال الحق إلى مستحقه، وقطع المنازعات التي هي مادة الفساد وغير ذلك من المصالح والأمور التي فوّض القيام بها إلى الإمام الأعظم، ومعلوم أنه لا يمكنه القيام بما نصب له وذلك لعدم علمه، أو لانشغاله بأمور أخرى، فيحتاج إلى نائب يقوم مقامه في ذلك، وهو القاضي، لأنه مع عدم نصب القضاة يستبد كل برأيه ويفعل ما يطابق هواه فيهلكون (2).
• الموافقون على الإجماع: وافق على مشروعية نصب القضاة للحكم كل من الحنفية (3)، والمالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 299) الحديث رقم (22056)، وأبو داود حديث رقم (3592)(4/ 301)، والترمذي حديث رقم (1327)(3/ 440)، واللفظ للمسند، قال الألباني فى صحيح وضعيف سنن الترمذي، حديث ضعيف، (1327)
(2)
بدائع الصنائع (5/ 438)، الاختيار (2/ 82)، المجموع (22/ 312).
(3)
المبسوط (16/ 159)، الهداية مع شرحه فتح القدير (7/ 233)، بدائع الصنائع (5/ 438)، الاختيار (2/ 82).
(4)
القوانين الفقهية (ص 219)، المعونة (2/ 408)، التلقين (2/ 537)، تبصرة الحكام (1/ 9).
(5)
زاد المحتاج (4/ 510)، المجموع (22/ 312).
(6)
المحرر (2/ 202)، منتهى الإرادات (5/ 262).