الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[26/ 5] سقوط القصاص عن الجاني فيما دون النفس إذا كانت بطلب من المجني عليه:
• المراد من المسألة: إذا قطع الجاني يد المجني عليه بأمر منه كما لو قال: اقطع يدي فإنه لا قصاص على الجاني، هذا محل الاتفاق المنقول في هذه المسألة.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الجويني (478 هـ): جماهير الأصحاب أجمعوا على أن المحصن لو قال لإنسان: اقذفني، فقذفه بإذنه، فالحد يجب عليه، بخلاف ما لو قال: اقطع يدي، فقطع، فالقصاص لا يجب وفاقًا (1).
وقال الإمام الكاساني (587 هـ): لو قال: اقطع يدي، فقطع، لا شيء عليه بالإجماع؛ لأن الأطراف يُسلك بها مسلك الأموال، وعصمةُ الأموال تُثبِت حقا له، فكانت محتملة للسقوط بالإباحة والإذن، كما لو قال له: اتلف مالي فأتلفه (2). وقد نقله أيضا بهذا النص ابن الشِحْنَة (3)(882 هـ)(4)، والحَصكفي (5)(1088 هـ)(6).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول المالكية (7)، والحنابلة (8).
(1) نهاية المطلب (17/ 216).
(2)
بدائع الصنائع (7/ 236).
(3)
أحمد بن محمد بن محمد، أبو الوليد، لسان الدين ابن الشِحْنَة الثقفي الحلبي، فقيه حنفي، له لسان الحكام، ت 882 هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (1/ 230)، معجم المؤلفين (1/ 96).
(4)
لسان الحكام في معرفة الأحكام (1/ 285).
(5)
محمد بن علي بن محمد الحِصْني المعروف بعلاء الدين الحصكفي، له المنتقى وغيره، فقيه حنفي، ت 1088 هـ. ينظر: الأعلام للزركلي (6/ 294)، معجم المؤلفين (11/ 56).
(6)
الدر المختار (6/ 548).
(7)
انظر: البيان والتحصيل (16/ 57)، مواهب الجليل (6/ 236)، الفواكه الدواني (2/ 185).
(8)
انظر: الفروع (9/ 365)، الإنصاف (9/ 455)، المبدع (7/ 206)، دقائق أولي النهى (3/ 263).
• مستند الإجماع: أنه أذن له في إتلافها، فهو كما لو أذن له في إتلاف ماله، فأتلفه (1).
• تنبيه: اشترط بعض المالكية أن يكون الإبراء مستمرا إلى ما بعد القطع فلو أن المجني عليه لم يبريء الجاني بعد القطع لزم القصاص، وذلك لكون البراءة قبل القطع إسقاط لحق لم يجب بعدُ (2).
• من خالف الإجماع: خالف في هذه المسألة الإمام ابن حزم رحمه الله فإنه قال: وكذلك الآمر في نفسه بما لم يبح اللَّه تعالى له فهو عاص للَّه تعالى فاسق، ولا عذر للمأمور في طاعته، بل الآمر والذي يؤمر سواء في ذلك، فالواجب أن يجب للآمر إنسانا بقطع يد الآمر نفسه بغير حق، أو بقتل عبده، أو بقتل ابنه ما يجب له لو لم يأمر بذلك من القود أو الدية؛ لأن وجود أمره بذلك باطل لا حكم له في الإباحة أصلا (3).
ججج عدم ثبوت هذا الإجماع المنقول، لثبوت الخلاف في هذه المسألة عن الإمام ابن حزم رحمه الله نصا، واحتمالا عند الحنابلة عزاه المرداوي لابن حمدان في الرعاية.
ويحتمل أن الجويني والكاساني لم يقصدا نقل إجماع الفقهاء قاطبة، فأما الجويني فانه صدّره بقوله: جماهير الأصحاب، ثم إنه قال عقب ذلك النص، (ورأيت للقاضي أبي الطيب الطبري في كتابه المترجم بالمنهاج أن الحد لا يجب على القاذف إذا أباح المقذوف له عرضه، لم يقله من تلقاء نفسه، وحكاه عن شيخه أبي حامد، وقال: كان يرى ذلك، وزيّف غيرَه)، فالذي يظهر أن مراده وفاق أئمة الشافعية.
(1) البيان (11/ 356).
(2)
انظر: البيان والتحصيل (16/ 57)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (4/ 240).
(3)
المحلى (11/ 112).