الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• تنبيه: اختلف الفقهاء في قطع الصحيح من الأذن والأنف بالأشلّ منها.
فقيل: لا يؤخذ به كسائر الأعضاء.
وقيل: يؤخذ به لأن نفعه لا يذهب بشلله؛ فإن نفع الأذن جمع الصوت وردّ الهوام وستر موضع السمع، ونفعُ الأنف جمع الريح وردّ الهواء أو الهوام، فقد ساوى الصحيح في الجمال والنفع، فوجب أخذ كل واحد منهما بالآخر كالصحيح بالصحيح، بخلاف اليد والرجل (1).
[92/ 6] إذا كان عضو المجني عليه سليما، وعضو الجاني أشلّ، خيّر المجني عليه بين القصاص وبين الدية:
• المراد من المسألة: إذا وقعت الجناية على عضو صحيح، وكان مشلولا في الجاني، فإن المجني عليه مخيّر بين استيفاء القصاص، وبين أخذ الدية.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الحسين بن مسعود البغوي (516 هـ): وإن كانت يد القاطع شلّاء ويد المقطوع سليمة، فالمقطوع يده له الخيار بالاتفاق: إن شاء اقتص من يده الشلّاء، ولا شيء له، وإن شاء ترك القصاص وأخذ دية يده (2).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية (3)، والحنابلة (4).
وأما المالكية فعندهم في ذلك تفصيل فقالوا: أما إذا كانت جلّ منفعة يد الجاني المشلولة باقية فلا اختلاف في أن المجروح بالخيار بين أن يستقيد منها بنقصانها وبين أن يأخذ عقل يده.
وأما إذا كانت منفعتها كلها قد ذهبت أو جلّها فاختُلف في ذلك على
(1) ينظر: البيان للعمرانىِ (11/ 367، 369)، المغني (8/ 344).
(2)
شرح السنة (10/ 179).
(3)
ينظر: تبيين الحقائق (6/ 99)، البناية (13/ 114 - 115).
(4)
ينظر: المغني (8/ 346)، المبدع (7/ 258).
ثلاثة أقوال:
الأول: أنه إن شاء اقتص وقطع الشلاء التي فيها حقه، وإن شاء تركها وأخذ العقل.
الثاني: أنه ليس له أن يقتص منها وإن بقي فيها منفعة إذا كانت جلّ منفعتها قد ذهبت.
الثالث -وهو مذهبه في المدونة-: أنه إن كانت قد ذهبت منفعتها كلها فليس له أن يقتص، وإن كان بقي فيها منفعة وإن قَلّت، فهو بالخيار بين أن يأخذ العقل أو يقتص (1).
• مستند الإجماع: أن المجني عليه وهو صاحب اليد السليمة عاجز عن استيفاء حقه في القصاص على الكمال (2).
• من خالف الإجماع: خالف في ذلك المالكية على التفصيل الذي ذكرته آنفا ففي حالة ذهاب نفع اليد الشلّاء كلّه أو جلّه، فإنه في بعض أقوالهم لا يرون قطع الشلّاء بالصحيحة.
وحجتهم أنهم يرون ذلك من العبث (3).
ججج صحة الإجماع في الحالة التي يتفق المالكية فيها مع بقية المذاهب، وهي أن يكون كل أو جلّ منفعة اليد المشلولة باقية، فهنا وقع الإجماع على جواز القصاص في اليد المشلولة إن رضي المجني عليه بذلك، أما ما عدا ذلك فلم يتحقق الإجماع فيه لوجود الخلاف في ذلك على ما تقدم نقله، واللَّه أعلم.
(1) ينظر: النوادر والزيادات (14/ 11)، البيان والتحصيل (16/ 106 - 107).
(2)
ينظر: المبدع (7/ 258).
(3)
ينظر: البيان والتحصيل (16/ 156).