الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
النتائج والتوصيات:
بعد استقراء مسائل هذا البحث والخوض في غمار فروعه، وقبل ختامه خلص الباحث إلى بعض النتائج والتوصيات التي يمكن إجمالها فيما يلي:
أوّلًا: النتائج:
1 -
أن المسائل التي تحقق فيها الإجماع في فروع الفقه كثيرة، فبعد البحث في هذين البابين من أبواب الفقه وهما:(الجنايات والديات) كان عدد المسائل التي هي محل الدراسة (267) مسألة، وبعد تحرير هذه المسائل تحقق الإجماع في (120) مسألة منها من غير تفصيل، و (13) مسألة منها مع شيء من التفصيل، وعدد المسائل التي لم يتحقق فيها الإجماع (134) مسألة، وتوزيعها على النحو التالي:
أ- كان عدد المسائل في الباب الأول -وهو الجنايات- (108) مسألة، تحقق الإجماع بعد البحث في (57) مسألة منها من غير تفصيل، وفي (4) منها مع شيء من التفصيل.
ب- وكان عدد المسائل في الباب الثاني -وهو الديات- (159) مسألة، تحقق الإجماع بعد البحث في (63) مسألة منها من غير تفصيل، وفي (9) منها مع شيء من التفصيل.
وهذا يدل على كثرة المسائل المجمع عليها خصوصا أن هذا الجزء من الفقه يكثر فيه الاختلاف لتعلقه بالدماء ومع ذلك نجد هذا العدد الكثير. وسوف أذكر بعد الخاتمة ملحقًا أفصل فيه المسائل التي تحقق فيها الإجماع والتي لم يتحقق.
2 -
أن الفقهاء لم يكتبوا كثيرا في هذا المجال من الفقه، وهو جمع مسائل الفقه المجمع عليها، ولعل أول من كتب في ذلك، وأفرد كتابًا فيه هو الإمام
ابن المنذر كما في كتابه: (الإجماع)، وكذلك ضمّن في كتابيه (الأوسط) و (الإشراف) مسائل إجماعية، ثم تبعه العلماء بعد ذلك ككتاب مراتب الإجماع لابن حزم والإفصاح لابن هبيرة وغيرها، إلا أن هذه الكتب وهذه المحاولات تعتبر قليلة جدا بالنسبة للفقهاء الذين كتبوا في المذاهب الفقهية والخلاف فيها، وما هذا المشروع الذي اقترحه القسم مشكورًا إلا محاولة لإثراء الساحة الفقهية بالبحوث التي تعنى بمسائل الإجماع.
3 -
نقل بعض الفقهاء الإجماع في نصوص أو ذكر ذلك ابتداءً ولكن بعد النظر وتحرير المسألة تبين خلاف ذلك ولعل الأمر يرجع لأسباب منها:
أ- اهتمام بعض الفقهاء باعتماد المشهور من الأقوال عند المذاهب دون استيعاب الروايات الأخرى أو الأقوال الأخرى في المذاهب كوجود الروايتين في مذهب الإمام أحمد أو الوجهين، ووجود القولين القديم والجديد في مذهب الشافعي، وتعدد الأقوال عند الحنفية كقول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وزفر وغير ذلك، فمثلا الإمام ابن عبد البر يعتمد في نقله الإجماع على رواية الكوسج فقط لإثبات رأي الحنابلة، مع العلم أن المذهب الحنبلي يكثر في مسائله اختلاف الروايتين عن الإمام أحمد، فضلا عن وجود الوجوه في المذهب، والإمام ابن هبيرة اهتم بذكر اتفاق المذاهب الأربعة وإن وجد خلاف ذلك في الروايات أو الأقوال الأخرى في المذاهب.
ب- بعض الفقهاء لا يعتد بخلاف ابن حزم الظاهري، فأحيانا يذكر الإجماع وإن خالف ذلك ابن حزم، ولعل السبب هو أن الظاهرية قد أبطلوا دليل مهمًا من الأدلة الشرعية وهو القياس.
جـ - أن بعض الفقهاء لا يعتد بخلاف الواحد والاثنين، فلا يعتبره خارقًا للإجماع، بل يُثبِت الإجماع مع وجود هذا الاختلاف، ولعله يرى شذوذه،
فلذلك أثبت الإجماع، فمثلًا يذكر كثيرا الإمام موفق الدين ابن قدامة أن العلماء أجمعوا على مسألة ما، أو أنهم لم يختلفوا فيها، ثم يذكر استثناء فيقول إلا ما حُكي عن فلان وفلان، وأحيانا يصرح بشذوذ قول من استثنى كلامه، وأحيانا يكتفي بالاستثناء فقط.
د- بعض الفقهاء يذكر الإجماع في مسألة ما، ولكنه يقصد به الإجماع المذهبي، لا الإجماع الأصولي، ويتبين ذلك بقرائن: منها أن يذكر الفقيه النص الإجماعي ثم يذكر بعده الخلاف في المسألة، أو يذكر الخلاف بين علماء المذهب في مسألة ثم يذكر إجماعهم بعد هذا الاختلاف، مما يدل على أن لفظ الإجماع أراد به الإجماع المذهبي، وهذا يكثر في كتب الحنفية عموما، وعند الإمام الكاساني على وجه الخصوص، ومن القرائن أيضًا أن يعتني المؤلف في كتابه بذكر الخلاف في مذهبه وتحريره وبيان الراجح من الروايات والأوجه فيه ولا يكون له اهتمام بذكر المذاهب الأخرى في مؤلفه فإذا وجدت عبارة الإجماع في هذا المؤلف أو نفي الخلاف فالغالب أن مقصود المؤلف من هذا الإجماع هو الإجماع المذهبي، وهذا يكثر عند الإمام المرداوي في كتابه الإنصاف.
4 -
اتفق العلماء من أهل السنة والجماعة أن أصحاب المذاهب المبتدعة كالخوارج والروافض إذا خالفوا نص الإجماع فإن خلافهم غير خارق للإجماع، وغير معتبر، وقد صرح بذلك بعض الفقهاء كابن قدامة وغيره.