الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الإمام قاضي صَفَد (بعد 780 هـ): واتفقوا على أن العين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، وعلى أن في العينين الدية كاملة، والأنف إذا جدع الدية (1).
وقال الإمام ابن رشد الحفيد (595 هـ): وأما الأنف فأجمعوا على أنه إذا أوعب جذعا على أن فيه الدية على ما في الحديث وسواء عند مالك ذهب الشم أو لم يذهب وعنده أنه إذا ذهب أحدهما ففيه الدية وفي ذهاب أحدهما بعد الآخر الدية الكاملة (2).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (3)، والشافعية (4).
• مستند الإجماع: يستدل للإجماع المنقول بما ورد في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن، وكان فيه:"وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية"(5). وهذا نص في أن في الأنف الدية.
ججج صحة الإجماع في المسألة، وذلك لعدم وجود المخالف.
[187/ 22] في ثديي المرأة الدية، وفي الثدي الواحد نصفها
• المراد من المسألة: أن الواجب في ثديي المرأة دية كاملة، وفي الواحد منهما نصف الدية.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن المنذر (317 هـ): وأجمعوا أن في ثدي المرأة نصف الدية (6).
(1) رحمة الأمة (ص: 243).
(2)
بداية المجتهد (4/ 2214)، وانظر:(4/ 2212).
(3)
ينظر: تبيين الحقائق (6/ 129)، الهداية مع العناية (10/ 279).
(4)
ينظر: الأم (6/ 127)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (11/ 522).
(5)
هو جزء من كتاب عمرو بن حزم، وقد تقدم تخريجه، وهو حديث صحيح.
(6)
الإجماع (ص: 124)، وانظر: الإشراف (7/ 435).
وقال الموفق ابن قدامة (620 هـ): من أتلف ما في الإنسان منه شيء واحد ففيه الدية، وما فيه شيئان، ففي كل واحد منهما نصف الدية وجملة ذلك، أن كل عضو لم يخلق اللَّه سبحانه وتعالى في الإنسان منه إلا واحدا كاللسان، والأنف، والذكر والصلب، ففيه دية كاملة؛ لأن إتلافه إذهاب منفعة الجنس، وإذهابها كإتلاف النفسى، وما فيه منه شيئان؛ كاليدين، والرجلين، والعينين، والأذنين، والمنخرين، والشفتين، والخصيتين، والثديين، والأليتين، ففيهما الدية كاملة؛ لأن في إتلافهما إذهاب منفعة الجنس، وفي إحداهما نصف؛ لأن في إتلافه إذهاب نصف منفعة الجنس. وهذه الجملة مذهب الشافعي ولا نعلم فيه مخالفا (1). ونقله عنه الشيخ ابن قاسم (1392 هـ)(2).
وقال أيضا: أما ثديا المرأة ففيهما ديتهما لا نعلم فيه بين أهل العلم خلافا وفي الواحد منهما نصف الدية قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن في ثدي المرأة نصف الدية وفي الثديين الدية (3).
وقال البرهان ابن مفلح (884 هـ): (وثديي المرأة) أي: فيهما الدية، وفي أحدهما نصفها بالإجماع (4). ونقله عنه الشيخ ابن قاسم (1392 هـ)(5).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8).
• مستند الإجماع: يستدل للإجماع المنقول بأن فيهما جمالا ومنفعة، فوجب
(1) المغني (8/ 435).
(2)
حاشية الروض المربع (7/ 257).
(3)
المغني (12/ 142).
(4)
المبدع (7/ 306).
(5)
حاشية الروض المربع (7/ 256).
(6)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 314)، ملتقى الأبحر (1/ 346).
(7)
ينظر: المدونة الكبرى (4/ 566)، الرسالة للقيرواني (ص 124).
(8)
ينظر: الحاوي للماوردي (12/ 291)، تكملة المجموع للمطيعي (19/ 118).
فيهما الدية كاليدين والرجلين (1).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع الظاهرية، فإنهم لا يرون وجوب شيء في جناية الخطأ على ثديي المرأة، قال ابن حزم: وأما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وليس في أقوال من ذكرنا من صاحب أو تابع سنة، ولا قرآن، ولا إجماع، وقد ذكرنا أن الأموال محرمة لقول اللَّه تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] ولقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام"، فوجب أن لا يجب في الثديين غرامة أصلا، فإن أصيبا خطأ فلا شيء في ذلك، لما ذكرنا، وإن كان عمدا ففيه القود، وهذا قول أبي سليمان، وجميع أصحابنا، وبه نأخذ (2).
ججج عدم صحة الإجماع في المسألة، وذلك لوجود المخالف.
[188/ 23] في الحَشفة (3) الدية كاملة
• المراد من المسألة: أن الواجب في استئصال حشفة الذكر وحدها قطعا دية كاملة.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الشافعي (204 هـ): وإذا قُطع الذكر فأوعب ففيه الدية تامة؛ لأنه في معنى الأنف لأنه من تمام خلقة المرء، وأنه ليس في المرء منه إلا واحد، ولم أعلم خلافا في أن في الذكر إذا قطع الدية تامة، وقد يخالف الأنف في بعض أمره، وإذا قطعت حشفته فأوعبت ففيها الدية تامة، ولم أعلم في هذا بين أحد لقيته خلافا (4).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): العلماء مجمعون على أن في الذكر الصحيح الذي يمكن به الوطء الدية كاملة، وفي الحشفة الدية كاملة لم يختلفوا
(1) ينظر: تكملة المجموع للمطيعي (19/ 118).
(2)
ينظر: المحلى (11/ 86).
(3)
الحَشَفة: رأس الذكر. المصباح المنير (1/ 137).
(4)
الأم (12/ 440).
في ذلك (1).
وقال البرهان ابن مفلح (884 هـ): وفي حشفة الذكر الدية بغير خلاف نعلمه (2).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (3).
• مستند الإجماع: يستدل للإجماع المنقول قياس الحشفة على ما روي أنه صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب عمرو بن حزم: "في النفس الدية، وفي الأنف الدية، وفي اللسان الدية". فكما أنه وجبت الدية بإبطال المنافع المقصودة من هذه الأعضاء، والجمال أيضا من بعضها، فكذلك تجب الدية بإبطال منفعة الحشفة التي هي الإنزال (4).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول ابن حزم الظاهري فإنه لا يرى في جناية الخطأ على الذكر شيئا، فأولى منه الحشفة، وقد ذكر ابن حزم في فصل عقده لبيان دية الذكر والأنثيين ما نقل في الحشفة، ثم ختم الفصل بقوله: فإذ لا يصح في الدية في الذكر والأنثيين شيء، لا نص ولا إجماع، فالواجب أن لا يجب في ذلك شيء في الخطأ، وأن يجب في ذلك القود في العمد أو المفاداة، لأنه جرح - وباللَّه تعالى التوفيق (5).
ججج عدم صحة الإجماع في المسألة؛ لوجود المخالف، ولعل من نقل الإجماع لا يتعد بخلاف الظاهرية.
(1) الاستذكار (25/ 100).
(2)
المبدع (7/ 305).
(3)
ينظر: المبسوط للسرخسي (26/ 69)، مجمع الأنهر (2/ 640).
(4)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 311)، كشاف القناع (6/ 48).
(5)
ينظر: المحلى (11/ 80).