الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالجريد والنعال، ثم جلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود، قال: فجلد عمر ثمانين (1).
ومثال الإجماع المستند إلى المصلحة: إجماع الصحابة رضوان اللَّه عليهم زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه على النداء الثاني يوم الجمعة، وذلك، لما رآى عثمان أن الاقتصار على أذان واحد لا يفي بالمقصود الذي هو إشعار الناس بدخول وقت الصلاة، فلما كثر الناس، وسكن البعض بعيدا عن المسجد، فخاف أن يفوت بعضهم الصلاة، لذا، رأى أن يزاد أذان ثاني، وقد وافقه الصحابة على ذلك، فصار إجماعا مستندا إلى مصلحة إدراك عامة المسلمين الصلاة.
روى الإمام البخاري (2) رحمه الله: أن الذي زاد التأذين الثاني يوم الجمعة، عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كثر أهل المدينة، ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد، وكان التأذين يوم الجمعة، حين يجلس الإمام، يعني على المنبر (3).
تنبيه:
الإجماع إذا كان مستندا إلى المصلحة، فإنه يظل كذلك ما دامت المصلحة قائمة، وإلا -بأن انتفت- فإن هذا الإجماع ينتفي، ويمكن الرجوع عنه، كما حصل للصحابة لما رأوا جواز قبول شهادة القريب على قريبه، وكذا الزوج على زوجته، إلا أن الأئمة الأربعة رحمهم الله خالفوا هذا الإجماع، لما رأوا انتفاء المصلحة التي كان الإجماع مستندا إليها (4).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب حد الخمر برقم (1706).
(2)
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي أبو عبد اللَّه البخاري، جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث، صاحب الصحيح والتصانيف، مات رحمه الله سنة 156 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ (2/ 555)، تقريب التهذيب رقم (5727).
(3)
صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب المؤذن الواحد يوم الجمعة (913).
(4)
ينظر: تيسير الوصول إلى علم الأصول، (ص: 124 - 125)، أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله، (ص 319 - 320).