الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمن رأى القصاص يرى إمكانه مع الأمن من التعدّي، ومن منعه إنما منعه خشية الوقوع في التلف، واللَّه أعلم.
[88/ 2] لا يؤخذ شيء من أعضاء الجاني إلا بمثله من المجني عليه:
• المراد من المسألة: أن القصاص في الجناية على الأطراف يشترط فيها المماثلة في الاسم والموضع، فمن جنى على شخص آخر فقطع سبابته لا يقتص له بقطع إبهام الجاني، ولو جنى عليه بقطع خنصره لا يقتص له بقطع سبابته، وهكذا.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الطحاوي (321 هـ): واتفقوا على أنه إذا كان ذلك العضو من الجاني صحيحا لم يكن للمجني عليه أن يتعدى ما قابله من عضو الجاني إلى غيره مما بإزائه وإن تراضيا (1).
وقال الإمام الجصاص (370 هـ): لا خلاف أنه إذا كان ذلك العضو من الجاني باقيا لم يكن للمجني عليه استيفاء القصاص من غيره ولا يعدو ما قبله من عضو الجاني إلى غيره مما بإزائه وإن تراضيا به (2).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): أجمعوا على أن عين الفاقئ إذا كانت صحيحة لم يكن للمفقئ عينه أن يأخذ غيرها (3).
وقال الإمام العَيني (855 هـ): وأجمعوا أيضا أن اليمنى لا تؤخذ باليسرى، ولا اليسرى باليمنى، ولا يؤخذ شيء من الأعضاء إلا بمثله من القاطع، الإبهام بالإبهام، والسبابة بالسبابة، والوسطى بالوسطى، والخنصر بالخنصر، والبنصر بالبنصر (4).
(1) مختصر اختلاف العلماء (5/ 130).
(2)
أحكام القرآن (4/ 95).
(3)
الاستذكار (25/ 265).
(4)
البناية (12/ 139).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع المنقول الشافعية (1)، والحنابلة (2).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45].
• وجه الدلالة: أن معنى القصاص المماثلة، وهو: أن يفعل بالجاني مثل فعله؛ من قتل، أو قطع، أو ضرب أو جرح (3)، ولا مماثلة في قطع السبابة بالإبهام، أو الثنية بالضرس.
2 -
أن القصاص يقتضي المساواة، والاختلاف في الاسم دليل على الاختلاف في المعنى (4).
3 -
أنها جوارح مختلفة المنافع، والأماكن فلم يؤخذ بعضها ببعض (5).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول ابن شبرمة، حيث قال: تؤخذ الثنية بالضرس، كما يؤخذ الضرس بالثنية (6).
وقال الحسن بن صالح (7): إذا قطع أصبعا من كفّ، فلم يكن للقاطع من تلك الكف أصبع مثلها، قُطع مما يلي تلك الأصبع، ولا يُقطع أصبع كفٍّ بأصبع كفٍّ أخرى، وكذلك تُقلع السن التي تليها إذا لم تكن للقاطع سنٌّ مثلها
(1) ينظر: روضة الطالبين (9/ 188 - 189)، أسنى المطالب (4/ 26).
(2)
ينظر: المغني (8/ 321)، كشاف القناع (5/ 550).
(3)
ينظر: النهاية لابن الأثير (4/ 72)، التعريفات (ص: 176).
(4)
ينظر: المبدع (7/ 253)، شرح منتهى الإرادات (3/ 283)، منار السبيل (2/ 329).
(5)
ينظر: المبدع (7/ 253)، شرح منتهى الإرادات (3/ 283)، منار السبيل (2/ 329).
(6)
ينظر: مختصر اختلاف العلماء (5/ 130)، الاستذكار (25/ 265).
(7)
الحسن بن صالح بن حيّ الثوري الهمدانيّ الكوفي، محدث حافظ وفقيه، ت 167 هـ. ينظر: السير (7/ 361)، شذرات الذهب (2/ 298).