الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل التاسع العاقلة
[227/ 1] الدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل
• المراد من المسألة: أن الدية الواجبة في قتل الخطأ المحض إنما تجب على عاقلة القاتل.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الطبري (310 هـ): أما في قتل المؤمن فمائة من الإبل إن كان من أهل الإبل على عاقلة قاتله، لا خلاف بين الجميع في ذلك (1).
وقال الإمام ابن المنذر (317 هـ): أجمع أهل العلم على أن دية الخطأ تحمله العاقلة (2).
وقال الإمام ابن حزم (456 هـ): وقد صح النص وإجماع أهل الحق على أن العاقلة تغرم الدية (3).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): سَنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأمته وشرع لها من دينه أن دية المؤمن المقتول خطأ تحملها عاقلة القاتل، وهم رهطه وعشيرته وقبيلته؛ لئلا يكون دمه مطلولا، فعلت ذلك الكافة التي لا يجوز عليها السهو ولا الغلط، وأجمع العلماء على ذلك في الدية الكاملة فارتفع التنازع ووجب التسليم (4).
وقال الإمام السَرَخْسي (490 هـ): وهذه الدية على عاقلة القاتل بمنزلة الدية في الخطأ وهو قول عامة العلماء، وكان أبو بكر الأصم يقول لا تجب الدية على العاقلة بحال (5).
(1) تفسير الطبري (7/ 323).
(2)
الإجماع (ص: 125)، وانظر: الإشراف على مذاهب أهل العلم (8/ 5، 7، 8).
(3)
المحلى (11/ 56).
(4)
الاستذكار (25/ 179).
(5)
المبسوط للسرخسي (26/ 65).
وقال الإمام ابن هُبيرة (560 هـ): واتفقوا على أن الدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل المخطئ (1).
وقال الإمام الكاساني (587 هـ): لا خلاف في أن دية الخطأ تجب مؤجلة على العاقلة في ثلاث سنين لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك (2).
وقال الإمام ابن رشد (595 هـ): وأما على من تجب فلا خلاف بينهم أن دية الخطأ تجب على العاقلة (3).
وقال الإمام ابن قدامة (620 هـ): ولا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن دية الخطأ على العاقلة (4).
وقال الإمام القرطبي (671 هـ): أجمع العلماء قديما وحديثا أن الدية على العاقلة لا تكون إلا في ثلاث سنين ولا تكون في أقل منها. وأجمعوا على أنها على البالغين من الرجال. وأجمع أهل السير والعلم أن الدية كانت في الجاهلية تحملها العاقلة فأقرّها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الإسلام، وكانوا يتعاقلون بالنصرة؛ ثم جاء الإسلام فجرى الأمر على ذلك حتى جعل الديوان. واتفق الفقهاء عل رواية ذلك والقول به. وأجمعوا أنه لم يكن في زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ديوان، وأن عمر جعل الديوان وجمع بين الناس، وجعل أهل كل ناحية يدا، وجعل عليهم قتال من يليهم من العدو (5).
وقال الإمام ابن حجر (852 هـ): وعاقلة الرجل: قراباته من قِبل الأب، وهم عصبته، وهم الذين كانوا يعقلون الإبل على باب ولي المقتول، وتحمّل العاقلة الدية ثابت بالسنة وأجمع أهل العلم على ذلك (6).
(1) اختلاف الأئمة العلماء (2/ 247).
(2)
بدائع الصنائع (8/ 106).
(3)
بداية المجتهد (4/ 2195).
(4)
المغني (12/ 21).
(5)
الجامع لأحكام القرآن (5/ 321).
(6)
فتح الباري (12/ 246).
وقال الإمام الشوكاني (1255 هـ): تحميل العاقلة الدية ثابت بالسنة وهو إجماع أهل العلم كما حكاه في الفتح (1).
وقال الشيخ ابن قاسم (1392 هـ) بعد ذكره لحديث: "قضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان، سقط ميتا، بغرة عبد أو أمة ثم إن المرأة التي قضي عليها بالغرة، توفيت فقضى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن ميراثها لزوجها وبنتيها، وأن العقل على عصبتها"، قال: فدل الحديث على أن دية الخطأ على العاقلة، وأجمع العلماء على ذلك (2).
وقال الإمام قاضي صَفَد (بعد 780 هـ): اتفق الأئمة على أن الدية في القتل الخطأ على عاقلة الجاني (3).
• مستند الإجماع:
1 -
قول اللَّه تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
• وجه الدلالة من الآية أن تحمّل العاقلة من جملة البر والتقوى فدخل في عموم الآية (4).
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقضى أن دية جنينها غرّة، عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها (5).
• وجه الدلالة من قوله: (على عاقلتها)، أي: عاقلة القاتلة (6).
3 -
عن الحسن البصري قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها، فأنكر ذلك، فأرسل إليها، فقيل لها: أجيبي عمر، فقالت:
(1) نيل الأوطار (7/ 82).
(2)
حاشية الروض المربع (7/ 280).
(3)
رحمة الأمة (ص: 245).
(4)
ينظر: الحاوي للماوردي (12/ 241).
(5)
تقدم تخريجه، وهو في الصحيحين.
(6)
ينظر: مرقاة المفاتيح (6/ 2280).
يا ويلها ما لها، ولعمر قال: فبينا هي في الطريق فزعت فضربها الطلق فدخلت دارا، فألقت ولدها، فصاح الصبي صيحتين، ثم مات، فاستشار عمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأشار عليه بعضهم، أن ليس عليك شيء، إنما أنت وال ومؤدّب قال: وصَمَت علي رضي الله عنه فأقبل عليه، فقال: ما تقول؟ قال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك، أرى أن ديتها عليك، فإنك أنت أفزعتها، وألقت ولدها في سببك، قال: فأمر عليا رضي الله عنه أن يقسم عقله على قريش، يعني يأخذ عقله من قريش لأنه خطأ (1).
ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله عنه، فدلّ على أنه إجماع (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول أبو بكر الأصمّ، وابن عُلَيّة، وجمهور الخوارج، فذهبوا إلى أن دية الخطأ يتحمّلها القاتل وحده، وهي في ماله (3).
واختلف عن عثمان البَتّي في ذلك، فروي عنه أنه قال: لا أدري ما العاقلة؟ وروي عنه أنه قال كقول الجمهور (4).
وحجتهم: ما روي عن أبي رمثة، قال: انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال لأبي:"ابنك هذا؟ " قال: إي ورب الكعبة، قال:"حقا؟ " قال: أشهد به، قال: فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضاحكا من ثبت شبهي في أبي، ومن حلف أبي علي، ثم قال:"أما إنه لا يجني عليك، ولا تجني عليه"،
(1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 458) رقم (18010)، وأعلّه ابن كثير في مسند الفاروق (2/ 449)، وابن الملقن في البدر المنير (8/ 494)، وابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 102). بالانقطاع بين الحسن وعمر، حيث لم يدركه.
(2)
ينظر: البيان للعِمراني (11/ 586).
(3)
ينظر: المبسوط للسرخسي (26/ 65)، البيان للعِمراني (11/ 586).
(4)
ينظر: المحلى (11/ 259).