الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع الجناية:
للجناية بشكل عام بالنظر إلى المجني عليه نوعان (1):
النوع الأول: جناية على البهائم والجمادات، ومبحثها -عادة- في باب الغصب والإتلاف.
النوع الثاني: جناية على الإنسان، وهو المقصود بالدراسة هنا.
وهذا النوع من الجناية له أنواع مختلفة تختلف باختلاف الاعتبارات
أنواع الجناية على الإنسان باعتبار خطورتها:
وهي بهذا الاعتبار ثلاثة أنواع (2):
النوع الأول: جناية على النفس، ويقصد بها القتل.
النوع الثاني: جناية على ما دون النفس، ويقصد بها الجرح والقطع.
النوع الثالث: جناية على ما هو نفس من وجه دون وجه، ويقصد بها الجناية على الجنين، وسبب تسميتها هكذا، كون الجنين غير مستقل في الواقع عن أمه، بل يعدّ جزءً منها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يعتبر نفسا مستقلة عنها عندما ننظر إلى المستقبل، وذلك، عندما ينفصل عنها وتكون له حياته الخاصة به.
أولا: الجناية على النفس (القتل):
الجناية على النفس بحسب القصد وعدمه عند جمهور العلماء خلافا للمالكية (3) ثلاثة أنواع: عمد، وخطأ، وشبه عمد.
النوع الأول: القتل العمد:
وهو: قصد الجاني الفعلَ العدوانَ والشخصَ بما يغلب على الظن موته به، كان يضربه بحديد، أو سلاح، أو مثقّل فيموت به (4).
(1) ينظر: بدائع الصنائع، (7/ 233).
(2)
ينظر: بدائع الصنائع، (7/ 233)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/ 5612).
(3)
ينظر: بداية المجتهد (2/ 298)، روضة الطالبين (9/ 122)، المغني (8/ 208)، البحر الرائق (8/ 327).
(4)
ينظر: بدائع الصنائع (7/ 233)، الكافي لابن عبد البر (ص: 587)، روضة الطالبين (9/ 122)، =
فالقتل العمد يجمع أوصافا ثلاثة:
1 -
القصد إلى الجناية، فخرج بذلك ما لو لم يقصد الفعل الذي بسببه حصل القتل، كأن يسقط الرجل على آخر فيقتله.
2 -
القصد إلى الشخص، فخرج بذلك ما لو قصد شيئا فأصاب غيره، كما لو أطلق سهما ليقتل صيدا، فأصاب آدميا.
3 -
أن تكون آلة الجناية مما تقتل غالبا، فخرج بذلك ما لو كانت الآلة لا تقتل غالبا، كما لو ضرب شخص آخر بحجر صغير في غير مقتل فقتل بسببه.
وقتل النفس المعصومة محرم، وهو من كبائر الذنوب، وقد توعد اللَّه تعالى مرتكبه بأشد العقاب، وقد قرنه بالشرك به سبحانه، قال تعالى:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)} [الفرقان: 68 - 70].
وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء: 93].
ويترتب على قتل النفس المعصومة عمدا أمور، منها: أولا: ما يتعلق بحق اللَّه تعالى، فقد توعد اللَّه القاتل المتعمد الوعيد الشديد، كما سبق ذكره آنفا.
ثانيا: ما يتعلق بحق أولياء القتيل، فهم مخيرون بين ثلاثة أمور؛ هي: الأمر الأول: القصاص؛ بشروطه، لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178].
الأمر الثاني: الدية، وذلك إذا عفا جميع الأولياء أو بعضهم عن القصاص
= الكافي لابن قدامة (4/ 3).