الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجازوا إخراج قيمتها عنها - قالوا: الواجب في ذلك قيمة الغرة بالغة ما بلغت. وقال داود وأهل الظاهر: كل ما وقع عليه اسم غرة أجزأ، ولا يجزئ عنده القيمة في ذلك فيما أحسب (1).
[156/ 4] الغرّة في الجنين سواء في الذكر والأنثى:
• المراد من المسألة: أن الغرة الواجبة في دية الجنين الذكر والأنثى واحدة، ولا تختلف هذه الغرة باختلاف جنس الجنين.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): أجمع العلماء أن الغرة تجب في الجنين الذي يسقط من بطن أمه ميتا وهي حية في حين سقوطه، وأن الذكر والأنثى في ذلك سواء في كل واحد منهما الغرّة (2).
وقال الإمام النووي (676 هـ): واتفق العلماء على أن دية الجنين هي الغرة، سواء كان الجنين ذكرا أو أنثى (3).
وقال الإمام السَرَخْسي (490 هـ): يتعذر في الجنين التمييز بين الذكر والأنثى خصوصا قبل أن يتم خلقه فإن وجوب البدل لا يختص بما بعد تمام الخلقة، وكما لا يجوز تفضل الأنثى على الذكر في ضمان الجنايات لا تجوز التسوية باعتبار الأصل، ثم جازت التسوية ها هنا بالاتفاق، فكذلك التفضيل (4).
وقال الإمام القرطبي (671 هـ): واختلفوا فيما به تعلم حياته بعد اتفاقهم على أنه إذا استهل صارخا أو ارتضع أو تنفس نفسا محققة حي، فيه الدية كاملة؛ فإن تحرك فقال الشافعي وأبو حنيفة: الحركة تدل على حياته. وقال مالك: لا، إلا أن يقارنها طول إقامة. والذكر والأنثى عند كافة العلماء في الحكم سواء. فإن ألقته ميتا ففيه غرة: عبد أو وليدة. فإن لم تلقه وماتت وهو في
(1) بداية المجتهد (4/ 198).
(2)
الاستذكار (25/ 78).
(3)
شرح النووي على مسلم (11/ 176).
(4)
المبسوط للسرخسي (26/ 159).
جوفها لم يخرج فلا شيء فيه، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه (1).
قال الشيخ ابن قاسم (1392 هـ): (ويجب في الجنين) الحر (ذكرا كان أو أنثى) إذا سقط ميتا بجناية على أمه، عمدا أو خطأ (عشر دية أمه غرة) أي عبدا أو أمة، قال الشيخ: وفاقا (2).
• من وافق الإجماع: أما بالنسبة لابن حزم من الظاهرية فلم أجد له نصا في المسألة، ولكنه ردّ قول الإمام أبي حنيفة ومن معه عندما فرّقوا بين الذكر والأنثى في الواجب في جنين الأمة، وبيّن أن الواجب فيه هو الغرة؛ لأن النبي أوجب الغرة ولم يفرق بين الحرة والأمة، ولا الذكر والأنثى (3)، وهذا يدل على موافقة ابن حزم للإجماع في هذه المسألة من باب أولى، واللَّه أعلم.
• مستند الإجماع:
1 -
أن الأحاديث التي أوجبت الغرّة كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "قضى في الجنين بغرة عبد أو أمة" جاءت مطلقة، ولم يفرّق النبي صلى الله عليه وسلم فيها بين الذكر والأنثي، ولم يسأل أهو ذكر أو أنثي، وهذا الإطلاق يدل على شموله للذكر والأنثى على حد سواء، ولو افترقا لسأل صلى الله عليه وسلم، ولنُقل إلينا (4).
2 -
أن حال الجنين في الأغلب مشتبهة وفي الحي ظاهرة، فسُوِّي بينهما في الجنين حسما للاختلاف، وفُرّق بينهما في الحي لزوال الاشتباه، كما قدّر لبن التصرية بصاع من تمر قطعا للتنازل وحسما للاختلاف (5).
ججج صحة الإجماع لعدم وجود المخالف في المسألة.
(1) الجامع لأحكام القرآن (5/ 321).
(2)
حاشية الروض المربع (7/ 249).
(3)
ينظر: المحلى (11/ 245 - 246).
(4)
ينظر: الحاوي للماوردي (12/ 389)، البناية (13/ 222).
(5)
ينظر: الحاوي للماوردي (12/ 389)، شرح النووي على مسلم (11/ 176).