الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[2/ 2] فسق من قتل مسلمًا عمدًا عدوانًا وعدم كفره
• المراد من المسألة: أن من قتل مسلمًا عمدًا عدوانًا بدون استحلال ولا تأويل فهو فاسق، مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، ولا يكفّر بذلك، وعليه نُقل الإجماع.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الحسين بن مسعود البغوي (1)(516 هـ): اتفق أهل السنة على أن المؤمن لا يخرج عن الإيمان بارتكاب شيء من الكبائر إذا لَمْ يعتقد إباحتها، وإذا عمل شيئًا منها، فمات قبل التوبة، لا يخلد في النار، بل هو إلى اللَّه، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه بقدر ذنوبه، ثم أدخله الجنة برحمته (2).
وقال الإمام النووي (676 هـ): مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرّين على الكبائر، كانوا في المشيئة (3). وقد نقله عنه الشيخ المباركفوري (4).
وقال الإمام ابن أبي العزّ الحنفي (5)(792 هـ): أهل السنة متفقون كلهم على
(1) هو الإمام الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء محيي السنة أبو محمد البغوي الشافعي المفسر، صاحب التصانيف، كـ (شرح السنة)، و (معالم التنزيل) و (التهذيب) في المذهب وغيرها، توفي بمرو من مدن خراسان، سنة 516 هـ، وعاش بضعًا وسبعين سنة). انظر: سير أعلام النبلاء (19/ 440 - 443)، وطبقات الشافعية الكبرى، (7/ 75 - 78)، وطبقات المفسرين، للسيوطي، (1/ 38).
(2)
شرح السنة، (1/ 103).
(3)
شرح صحيح مسلم، (2/ 41 - 42).
(4)
تحفة الأحوذي، (7/ 313).
(5)
هو علي بن علي بن محمد بن أبى العز، الدمشقي، فقيه حنفي، له التنبيه على مشكلات الهداية، وشرح العقيدة الطحاوية، توفي سنة 792 هـ. انظر: الدرر الكامنة، (4/ 103)، الأعلام، (4/ 313).
أن مرتكب الكبيرة لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية كما قالت الخوارج إذ لو كفر كفرًا ينقل عن الملة لكان مرتدًا يقتل على كلّ حال ولا يقبل عفو ولي القصاص ولا تجري الحدود في الزنا والسرقة وشرب الخمر! (1).
وقال الشيخ ابن قاسم (1392 هـ) بعد كلام صاحب العروض (أن من قتل مسلمًا عمدًا عدونًا فسق)، قال ابن قاسم: لاقترافه كبيرة من كبائر الذنوب بالإجماع خلافًا للخوارج الذين كفروه بذلك (2).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول المالكية وابن حزم من الظاهرية (3).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
• وجه الدلالة: أن العبد إذا مات على الشرك؛ فإن اللَّه تعالى لا يغفر له، والمشرك مخلد في النار -والعياذ باللَّه- وإذا مات على ما دون الشرك من المعاصي بما في ذلك الكبائر كالقتل مثلًا، فإنه يدخل تحت مشيئة اللَّه سبحانه، لكنه لا يخلد في النار بدليل تفريق الآية بين الشرك وما دونه في المغفرة.
2 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178].
• وجه الدلالة: أن اللَّه لَمْ يُخِرج القاتل من الذين آمنوا وجعله أخًا لولي
(1) شرح العقيدة الطحاوية، (ص 321).
(2)
حاشية العروض المربع، (7/ 164).
(3)
انظر: التاج والإكليل (8/ 289)، مواهب الجليل (6/ 231)، المحلى، (11/ 252).