الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلوا بما روى عبد اللَّه بن عمرو بن العاص أن رجلا كان يسوف حمارا وكان راكبا عليه، فضربه بعصا معه فطارت منها شظية، فأصابت عينه، ففقأها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال:"هي يد من أيدي المسلمين، لم يصبها اعتداء على أحد، فجعل دية عينه على عاقلته"(1).
ججج عدم صحة الإجماع في المسألة، وذلك لوجود المخالف.
[119/ 11] جناية الجاني على نفسه عمدا هدر
• المراد من المسألة: أن من تعمّد الجناية على نفسه بالقتل فدمه هدر، ولا تتحمل العاقلة من ديته شيئًا.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الجوهري (حوالي 350 هـ): وأجمعوا أنه من قتل نفسه فلا دية له إلا الأوزاعي فإنه قال: ديته على عاقلته لورثته (2).
وقال الإمام ابن حزم (456 هـ): ولا شيء لوارث الواقع إن مات في جميع هذه الوجوه، لا دية ولا غيرها؛ لأنه لم يجن أحد عليه شيئًا، وسواء وقع على سكين بيد المدفوع عليه، أو على رمح، أو غير ذلك، لا شيء في ذلك أصلا، لأنه إن عمد فهو قاتل نفسه عمدا، ولا شيء في ذلك بلا خلاف (3).
وقال الإمام العِمراني (558 هـ): وإن قتل الرجل نفسه أو جنى على طرفه عمدا كان ذلك هدرا، وهو إجماع (4).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (5)، والمالكية (6)،
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9/ 349) رقم (28277).
(2)
نوادر الفقهاء (ص: 219).
(3)
المحلى (10/ 504).
(4)
البيان (11/ 590).
(5)
ينظر: المبسوط للسرخسي (7/ 276)، العناية (10/ 231)، المحيط البرهاني (3/ 103).
(6)
ينظر: التلقين في الفقه المالكي (2/ 190)، التاج والإكليل (8/ 352)، الذخيرة (12/ 285).
والحنابلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
• وجه الدلالة: أن اللَّه تبارك وتعالى لم يقل (من قتل نفسه خطأ)، وإنما جعل العقل فيما أصاب به إنسان إنسانًا، ولم يذكر ما أصاب به نفسه (2).
2 -
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا حداء فنزل يحدو بالقوم. . . فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من هذا السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع، قال: يرحمه اللَّه! قال رجل من القوم: وجبت يا نبي اللَّه، لولا أمتعتنا به؟ فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إنّ اللَّه تعالى فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون؟ قالوا: على لحم قال: على أي لحم؟ قالوا: لحم حمر الإنسية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أهريقوها واكسروها، قال رجل: يا رسول اللَّه أو نهريقها ونغسلها؟ قال: أو ذاك، فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذُباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر، فمات منه (3).
• وجه الدلالة: أنه لَمْ يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بدية ولا غيرها، ولو وجبت لبينه النبي صلى الله عليه وسلم (4).
(1) ينظر: المغني (8/ 387)، كشاف القناع (6/ 13).
(2)
ينظر: شرح ابن بطال على البخاري (8/ 520).
(3)
تقدم تخريجه، وهو في الصحيحين.
(4)
ينظر: المغني (8/ 387).