الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث التغليظ في الدية
[142/ 1] مشروعية التغليظ في دية العمد:
• المراد من المسألة: أن من قتل عمدا فسقط عنه القصاص إلى الدية فإن الدية الواجبة في حقه تكون مغلّظة على دية الخطأ.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن قدامة (620 هـ): وظاهر كلام الخرقي، أنه لا تعتبر قيمة الإبل، بل متى وجدت على الصفة المشروطة، وجب أخذها، قلت قيمتها أو كثرت، وهذا ظاهر مذهب الشافعي. وذكر أصحابنا أن ظاهر مذهب أحمد، أن تؤخذ مائة، قيمة كل بعير منها مائة وعشرون درهما، فإن لم يقدر على ذلك، أدى اثني عشر ألف درهم، أو ألف دينار. . .
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم فرّق بين دية الخطأ والعمد، فغلّظ دية العمد وخفّف دية الخطأ، وأجمع عليه أهل العلم، واعتبارها بقيمة واحدة تسوية بينهما، وجمع بين ما فرقه الشارع، وإزالة للتخفيف والتغليظ جميعا، بل هو تغليظ الدية الخطأ. . . . (1).
أقول: ظاهر قول ابن قدامة (وأجمع عليه أهل العلم) يعود على التخفيف في دية الخطأ، والتغليظ في دية العمد، وأن السنة فرّقت بينهما بهذا، ويحتمل أنه عائد على مطلق التفريق بين قدر دية الخطأ ودية العمد، واللَّه أعلم.
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الحنفية (2)، والمالكية في قتل الأصل فرعه (3)، والشافعية (4).
(1) المغني (12/ 10).
(2)
ينظر: مختصر اختلاف العلماء (2/ 93)، بدائع الصنائع (7/ 257).
(3)
ينظر: البيان والتحصيل (15/ 434)، الفواكه الدواني (2/ 187).
(4)
ينظر: مغني المحتاج (5/ 296).
• مستند الإجماع:
1 -
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من قتل عمدا دفع إلى ولي المقتول، فإن شاء قتله، وإن شاء أخذ الدية، وهي ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، وذلك عقل العمد، وما صولحوا عليه فهو لهم، وذلك لتشديد العقل"(1).
2 -
عن عمرو بن شعيب: أن رجلا من بني مدلج، يقال له: قتادة، حذف ابنه بسيف فأصاب ساقه فنزى في جرحه فمات، فقدم سُراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فذكر ذلك له فقال له عمر رضي الله عنه: اعدد لي على قُدَيد (2) عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك فلما قدم عليه عمر رضي الله عنه أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة، ثم قال: أين أخو المقتول؟ فقال: ها أنذا، فقال: خذها دية، فإني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ليس لقاتل شيء (3).
• وجه الدلالة من الحديثين: أنهما ذكرا أسنان الإبل في القتل العمد وهي تدل على التغليظ بدليل أن أسنانها في القتل الخطأ مخففة أخماسا أو أرباعا.
• من خالف الإجماع: خولف هذا الإجماع المنقول في موضعين:
1 -
فمن أهل العلم كالإمامين أبي ثور (4)، وابن حزم (5) من لم ير التغليظ في الديات مطلقًا، حيث إن الديّات على كل الأحوال، عندهما تجب أخماسا،
(1) تقدم تخريجه (ص: 227)، وهو حسن.
(2)
قُدَيد: واد فحل من أودية الحجاز التهامية، يأخذ أعلى مساقط مياهه من حرة "ذرة" فيسمى أعلاه ستارة، وأسفله قديدا، يقطعه الطريق من مكة إلى المدينة على نحو من 125 كيلا، ثم يصب في البحر عند القضيمة. معجم المعالم الجغرافية الواقعة في السيرة النبوية (ص: 249).
(3)
تقدم تخريجه (ص: 450)، وهو منقطع.
(4)
ينظر: الأوسط (13/ 151)، المقدمات الممهدات (3/ 295).
(5)
ينظر: المحلى (10/ 282).