الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام أو عدم وجوبها، أما بالنسبة لبقية الحدود فلم يوجد مخالف للإجماع فيها، وهو عين مسألتنا.
[19/ 19] جناية العبد في رقبته:
• المراد من المسألة: أن العبد إذا جنى خطأ، أو عمدا لا قود فيه، أو فيه قود واختير فيه المال، أو أتلف مالًا وجب اعتبار جنايته من قيمة رقبته، على اختلاف في تفاصيل ذلك (1).
• من نقل الإجماع: قال الإمام الخطابي (388 هـ): فأما الغلام المملوك إذا جنى على عبد أو حرٍّ فجنايته في رقبته في قول عامة الفقهاء (2).
وقال الإمام البيهقي (3)(458 هـ): إجماع أهل العلم على أن جناية العبد في رقبته (4).
وقد نقله عنه الخطيب الشربيني (5)(977 هـ)(6)، والصنعاني (7)(1182 هـ)(8)، والشوكاني (1255 هـ)(9).
(1) ينظر: معالم السنن (4/ 41)، المنتقى للباجي (7/ 96)، بدائع الصنائع (8/ 111)، المبدع (7/ 302).
(2)
معالم السنن (4/ 41).
(3)
أحمد بن الحسين بن علي أبو بكر البيهقي، محدث حافظ، وفقيه شافعي، له دلائل النبوة وغيرها، ت 458 هـ. انظر: السير (18/ 163)، طبقات الشافعية الكبرى (4/ 8).
(4)
السنن الكبرى البيهقي (8/ 105) رقم (16805).
(5)
محمد بن أحمد الخطيب شمس الدين الشربيني، فقيه شافعي، مفسر، له: السراج المنير في تفسير القرآن، وغيره، ت 977 هـ. انظر: شذرات الذهب (8/ 384)، الأعلام (6/ 6).
(6)
مغني المحتاج (5/ 364).
(7)
محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكَحلاني الصنعاني، المعروف بالأمير: أصولي، وفقيه مجتهد، له: توضيح الأفكار وغيره، ت 1182 هـ، ينظر: الأعلام للزركلي (6/ 38)، معجم المؤلفين (9/ 56).
(8)
سبل السلام (7/ 22).
(9)
نيل الأوطار (7/ 99).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): لا خلاف علمته فيه بين العلماء أن اليهودي والنصراني لا يسلم إليهما عبد مسلم بجنايته، وكذلك لَمْ يختلفوا في أن جناية العبد في رقبته، وأن سيده إن شاء فداه بأرشها، وإن شاء دفعه بها إلى من يجوز له ملكه، وأنه ليس عليه من جنايته أكثر من رقبته (1).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الحنفية (2)، الحنابلة (3).
• مستند الإجماع:
1 -
ما روي عن علي رضي الله عنه قال: (ما جنى العبد ففي رقبته، ويخير مولاه إن شاء فداه وإن شاء دفعه)(4).
2 -
أن جناية الصغير والمجنون غير ملغاة مع عذره وعدم تكليفه فجناية العبد أولي، ولا يمكن تعلقها بذمته لأنه يفضي إلى إلغائها أو تأخير حق المجني عليه إلى غير غاية، ولا بذمة السيد، لأنه لم يجن، فتعين تعلقها برقبته (5).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الإمام ابن حزم من الظاهرية، حيث جعل جناية العبد على عاقلته، فقال: حكم ما جنى العبد في ذلك: إن قتل العبد أو المدبّر أو أم الولد، أو المكاتب مسلما خطأ، أو جنوا على حامل فأصيب جنينها، فقد بينا أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى في ذلك، وهو الذي قضاؤه من قضاء اللَّه تعالى أن الدية والغرة على عصبة الجاني في ذلك،
(1) الاستذكار (8/ 115 - 116).
(2)
ينظر: الاختيار لتعليل المختار (5/ 50)، البحر الرائق (8/ 415)، مجمع الأنهر (2/ 422).
(3)
المغني لابن قدامة (8/ 279)، المبدع (7/ 301)، دقائق أولي النهى (3/ 307).
(4)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (5/ 384) برقم (27179)، وفي إسناده الحارث الأعور، وفي حديثه ضعف كما في تقريب التهذيب برفم (1029).
(5)
ينظر: المغني لابن قدامة (8/ 279).
وأن على كلّ بطن عقوله (1)، ولم يخص حرا من عبد (2).
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف في المسألة.
[20/ 20] جناية أم الولد (3) على سيدها:
• المراد من المسألة: أن أم الولد إذا جنت خطأ، أو عمدا لا قود فيه، أو فيه قود واختير فيه المال، أو أتلفت مالًا وجب اعتبار جنايتها في مال سيدها أو يفديها بماله، ولا تباع ولا تسلّم إلى المجني عليه بحال.
• من نقل الإجماع: قال الإمام ابن المنذر (317 هـ): وأجمع عوام المفتين على أن جناية أم الولد على سيدها هذا قول من منع بيعهن (4).
وقال الإمام أبو المعالي الجويني (478 هـ): فأما أم الولد إذا جنت، فبيعها غير ممكن، ولكن أجمع أئمتنا على أن السيد يلزمه الفداء (5).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الحنفية (6)، والمالكية (7)، والحنابلة (8).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب تحريم تولي العتيق غير مواليه برقم (1507) عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: كتب النبي صلى الله عليه وسلم: "على كلّ بطن عقوله".
(2)
المحلى (11/ 285).
(3)
أم الولد: الأمة التي استولدها مولاها. دستور العلماء (1/ 131).
(4)
الإجماع (ص: 127).
(5)
نهاية المطلب (16/ 458).
(6)
ينظر: المبسوط لمحمد (4/ 330)، بدائع الصنائع (7/ 268)، الجوهرة (2/ 138)، البحر الرائق (8/ 440).
(7)
ينظر: المدونة (4/ 602)، الذخيرة (11/ 377)، التاج والإكليل (8/ 502)، مواهب الجليل (6/ 358).
(8)
ينظر: مسائل أحمد للكوسج (7/ 3433)، المغني (10/ 482)، الإنصاف (7/ 497)، كشاف القناع (4/ 570).
• مستند الإجماع: القياس بالعبد القن الذي امتنع بيعُه لسبب، وبيان ذلك: أن السيد مُنع من بيع أم الولد بالإحبال (1)، وممنوع من نقل الملك فيها، ولم يبلغ بها إلى حال يتعلق الأرش بذمتها، فلزمه ضمان جنايتها، عوضا عن إسلامها إلى المجني عليه، كالعبد القن إذا جنى وامتنع المولى من بيعه (2).
• من خالف الإجماع: خالف في هذه المسألة طائفتان من أهل العلم:
الطائفة الأولى: من قال بأن بيع أمهات الأولاد جائز، وهم الظاهرية، ومنهم داود الظاهري (3)، حيث جعل جنايتها في ذمتها، تتبع بها إذا عتقت (4)، ونقل ابن المنذر أن من قال بجواز بيعها من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون بأن حكمها حكم الإماء (5).
الطائفة الثانية: من قال بمنع بيع أمهات الأولاد، وهما الإمام ابن حزم (6)، حيث سوّى بينها وبين العبد، وقد تقدم نقل كلامه في المسألة السابقة، وأنه جعل جنايتهما على عصبتهما.
والإمام أبو ثور (7)، حيث نقل عنه الإمام الموفق رحمه الله أنه قال جنايتها
(1) النهي عن بيع أم الولد ورد عن عمر وعثمان وغيرهما، وأجازه عبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن الزبير وأبو موسى الأشعري، فمن أهل العلم من جعل هذا الخلاف في الصدر الأول، ثم انعقد الإجماع على منعه، ومنهم من لم يعتبره إجماعا، وخالف وهو قول أهل الظاهر. انظر: المبسوط (7/ 149)، البيان والتحصيل (18/ 591)، الحاوي (18/ 308)، المغني (7/ 149).
(2)
ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 110)، المغني (10/ 482)، الذخيرة للقرافي (11/ 377).
(3)
نقله عنه ابن رشد الجد في البيان والتحصيل (18/ 591).
(4)
ينظر: المغني (10/ 482).
(5)
ينظر: الإشراف (8/ 33).
(6)
المحلى (7/ 505).
(7)
إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي أبو ثور، محدث وفقيه مجتهد، ت 240 هـ. ينظر: السير (12/ 72)، تقريب التهذيب (172).
في ذمتها، تتبع بها إذا عتقت (1)، بينما قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: إن كان لأهل العلم إجماع فهو على ما قالوا، وإلا فإن جنايتها على بيت المال (2).
ججج عدم صحة الإجماع لثبوت الخلاف في المسألة، وقد أشار الإمام ابن المنذر إلى ذلك في قوله (هذا قول من منع من بيعهن) مما يدل على أن هناك قول آخر ينفي وجود إجماع في المسألة.
(1) ينظر: المغني (10/ 482).
(2)
الإشراف لابن المنذر (8/ 33).