الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس: خلاف أهل الظاهر
يراد بأهل الظاهر: أتباع الإمام داود بن علي الأصفهاني، وقد سموا بذلك، لأخذهم بظواهر النصوص الشرعية، ويردون بقية الأدلة الشرعية الأخرى، من قياس، واستحسان، واستصلاح، وقول صحابي، وسد ذرائع، وعرف. . وغيرها، إلا الاستصحاب فقط (1).
وقد اختلف العلماء في الاعتداد بخلاف أهل الظاهر (2) على أربعة أقوال:
القول الأول:
أن خلافهم لا يعتبر مطلقًا، ولا يعتد به.
نسب هذا القول إلى جمهور الفقهاء، يقول النووي (3): ومخالفة داود لا تقدح في الإجماع عند الجمهور (4).
وقال الزركشي (5): ولم يعدهم المحققون من أحزاب الفقهاء (6).
(1) ينظر: معجم مصطلحات الأصوليين، (ص 273)، سير أعلام النبلاء 1 (3/ 97 - 104).
(2)
استفدت من بحث للدكتور/ عبد السلام الشويعر، بعنوان:(الاعتداد بخلاف الظاهرية في الفروع الفقهية)، والمنشور في مجلة البحوث الإسلامية لدار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية، العدد (67).
(3)
هو: يحيى بن شرف النووي، أبو زكريا، محيي الدين. إمامٌ علَّامة في الفقه الشافعي والحديث واللغة، تعلم في دمشق، وأقام بها زمنًا، رُزِق حُسنًا وبركةً وقبولًا في التصنيف. ت 676 هـ، له المجموع شرح المهذب، ولم يُتمَّه. انظر: تاريخ الإسلام (50/ 246)، طبقات الشافعية الكبرى (5/ 165).
(4)
المجموع شرح المهذب (2/ 137).
(5)
هو محمد بن بهادر بن عبد اللَّه المصري بدر الدين، أبو عبد اللَّه الزركشي، الشافعي، فقيه، أصولي، ومحدث، تركي الأصل، مصري المولد، درّس، وأفتى، وولي المشيخة بالقرافة الصغرى، ت 794 هـ، له البحر المحيط، البرهان في علوم القرآن. الدرر الكامنة (5/ 133)، الشذرات (6/ 335).
(6)
البحر المحيط (4/ 572).
وقد استدل أصحاب هذا القول بما يلي:
أنهم ينكرون القياس، الأمر الذي يدل على عدم معرفتهم بطرق الاجتهاد، مع العلم بأن معظم الشريعة صدرت عن اجتهاد، والنصوص لا تكاد تفي بعشر معشار الشريعة، وهذا الإنكار للقياس، إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ لأنه قد دل عليه الدليل القاطع، فخالفوا بذلك صريح العقول وصحيح المنقول، ولأن كثيرًا من أهل البدع قد وافقوهم في قولهم، ومن كان هذا حاله، فلا اعتبار بخلافه (1).
ويجاب عن هذه الأمور بما يلي:
أولا: ما قيل بأن النصوص الشرعية لا تفي بجميع الأحكام الشرعية، وأنه يلزم إعمال القياس لإظهار الأحكام الشرعية، فقد رد على ذلك الإمام الشوكاني (2) بقوله: أن من عرف نصوص الشريعة حق معرفتها، وتدبر آيات الكتاب العزيز، وتوسع في الاطلاع على السنة المطهرة، علم بأن نصوص الشريعة جمع جم، ولا عيب لهم إلا ترك العمل بالآراء الفاسدة التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قياس مقبول. . . نعم، قد جمدوا في مسائل كان ينبغي لهم ترك الجمود عليها، ولكنها بالنسبة إلى ما وقع في مذهب غيرهم من العمل بما لا دليل عليه البتة قليلة جدا (3).
(1) ينظر: الفصول في الأصول (3/ 296 - 297)، البحر المحيط (4/ 572)، سير أعلام النبلاء (3/ 104 - 105).
(2)
هو محمد بن علي بن محمد بن عبد اللَّه الشوكاني، فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن، من أهل صنعاء، ولد بهجرة شوكان (من بلاد خولان، باليمن) ونشأ بصنعاء، وولي قضاءها ومات رحمه الله حاكما بها، له مؤلفات كثيرة جدا، منها: نيل الأوطار، البدر الطالع، توفي رحمه الله سنة (1250 هـ). ينظر: الأعلام للزركلي (6/ 298)، معجم المؤلفين (11/ 53).
(3)
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (1/ 215) بتصرف يسير.