الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيغلب على الظن فيه اتفاق جميع المجتهدين عليه (1).
ويدخل في هذا النوع، الإجماع السكوتي، والاستقرائي، وإجماع التابعين على أحد قولي الصحابة.
وهذا النوع من الإجماع هو الذي يكثر وروده في المدونات الفقهية (2).
المبحث الخامس: شروط الإجماع
يشترط للإجماع شروط كثيرة، أهمها ما يلي:
الشرط الأول: أن يصدر الاتفاق من جميع المجتهدين على الحكم الشرعي
، ويدل هذا على أنه لو اتفق أكثر المجتهدين على الحكم، فإن الإجماع لا ينعقد، ولو قل عدد المخالفين.
ويتفرع على هذا الشرط، أن مخالفة الواحد والاثنين هل يعتبر معها الإجماع أم لا؟ في المسألة قولان لأهل الأصول:
القول الأول: وهو للجمهور، أنه لا بد من أن يتفق جميع المجتهدين على الحكم، فإن خالف البعض لم ينعقد الإجماع (3).
واستدل أصحاب هذا القول بأدلة، منها: الدليل الأول: أن العصمة إنما تحصل للأمة بكليتها، وليس ببعضها، وهذه المسألة ليست إجماع جميع المجتهدين، بل خالف بعضهم فيها، وقد قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59].
وقال تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10].
الدليل الثاني: إجماع الصحابة على أن مخالفة الواحد أمر سائغ، فقد خالف
(1) ينظر: معجم مصطلحات أصول الفقه، (ص: 41)، معالم أصول الفقه، (ص: 159).
(2)
ينظر: روضة الناظر (2/ 500).
(3)
ينظر: البرهان في أصول الفقه، (/ 465)، الإحكام، للآمدي (1/ 294)، المسودة في أصول الفقه، (ص 295)، روضة الناظر (2/ 473).
آحاد من الصحابة رأي الأكثرية منهم، ولم ينكر ذلك أحد منهم (1)، فلو ثبت أن اتفاق الأكثرية حجة ملزمة للأقلية، لما حدث ما ذكرنا، والإنكار الذي حصل من أكثرية الصحابة لهؤلاء الأقلية، إنما كان إنكار مناظرة، لا إنكار تخطئة (2).
القول الثاني: أن الإجماع ينعقد بقول الأكثرين، ومخالفة الواحد والاثنين لا يؤثر في ذلك (3).
وهذا القول، ذهب إليه محمد بن جرير الطبري (4)، وأبو بكر الرازي الجَصّاص (5)، وهو رواية عن الإمام أحمد (6).
أدلة القول الثاني: استدل أصحاب هذا القول بأدلة، منها (7):
الدليل الأول: أن لفظ "الأمة" يصح إطلاقه على الأكثر.
وأجيب عن هذا: أنه يجوز بطريق المجاز، ولا يجوز التخصيص بالتحكم،
(1) من ذلك: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خالف رأي الأكثرية من الصحابة في امتناع قتال مانعي الزكاة، وانفراد ابن عباس رضي الله عنه عن بقية الصحابة في مسائل العول، وتحليل المتعة، وأنه لا ربا إلا في النسيئة، وكذلك انفراد ابن مسعود رضي الله عنه في مسائل الفرائض. ينظر: روضة الناظر (2/ 476 - 477)، الإحكام للآمدي (1/ 295).
(2)
ينظر: المرجعان السابقان.
(3)
ينظر: المرجعان السابقان. وشرح تنقيح الفصول، لشهاب الدين القرافي (2/ 59).
(4)
هو محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري، مفسّر، ومحدث وفقيه مجتهد، له: جامع البيان في تفسير القرآن، وتاريخ الأمم والملوك وغيرهما، توفي ببغداد عام (310 هـ). ينظر: سير أعلام النبلاء (14/ 267)، طبقات المفسرين، للسيوطي، (ص 82).
(5)
هو أحمد بن علي أبو بكر الرازي الجصاص، محدث، أوصلي، وفقيه حنفي، له: أحكام القرآن، وشرح مختصر الطحاوي، توفي ببغداد عام (370) هـ. ينظر: تاج التراجم في طبقات الحنفية، (ص: 2)، شذرات الذهب (3/ 71).
(6)
ينظر: روضة الناظر (2/ 474 - 475).
(7)
ينظر في هذه الأدلة والرد عليها: روضة الناظر (2/ 474 - 475)، الإحكام للآمدي (1/ 295 - 298).