الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
عن أنس رضي الله عنه: "أن يهوديا رضّ رأس جارية بين حجرين، فقيل لها: من فعل بك؟ أَفُلان أو فلان؟ حتى سمّي اليهودي فأومأت برأسها، فجيء به فلم يزل حتى اعترف، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فرضّ رأسه بالحجارة"(1).
• وجه الدلالة هو: أن الحديث يدل على إثبات القصاص على من قتل بالمثقل مما ليس له حد يقطع ويدخل في البدن، ومن باب أولى أن يثبت القصاص في القتل بالمحدد كالسيف والسكين ونحوها؛ لأنه أبلغ في القتل، وغلبة الظن بالموت به أكبر من القتل بالمثقل.
ججج صحة الإجماع، لعدم وجود المخالف في المسألة.
• تنبيه: محل الإجماع المنقول هنا فيما لو جرحه جرحا كبيرًا، كما سبق نقله عن الموفق رحمه الله، وأما في الجرح الصغير فليس محلا للإجماع (2).
[7/ 7] اعتبار القتل شبه العمد من ضمن أنواع القتل
• المراد من المسألة: أن من أنواع القتل التي لها أحكام تخصها سوى قتل الخطأ والعمد، قتل شبه العمد.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الطحاوي (321 هـ): ورأينا شبه العمد قد أجمعوا أن الدية فيه، وأن الكفّارة فيه واجبة، واختلفوا في كيفيتها ما هي (3).
وقال الإمام الجَصّاص (371 هـ): إثبات شبه العمد ضربا من القتل دون الخطأ فيه اتفاق السلف عندنا لا خلاف بينهم فيه، وإنما الاختلاف بينهم في
(1) أخرجه البخاري، كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص (2/ 850) برقم (2282)، ومسلم، كتاب القسامة والمحاربين، باب ثبوث القصاص في القتل بالحجر (3/ 1300) برقم (1672).
(2)
ينظر: المغني لابن قدامة، (8/ 260 - 261)، شرح الزركشي على الخرقي (6/ 53)، روضة الطالبين (9/ 124 - 125).
(3)
شرح معاني الآثار (3/ 188).
كيفية شبه العمد (1).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول الشافعية (2)، والحنابلة (3)، وهو رواية عن الإمام مالك (4).
• مستند الإجماع:
1 -
ما رواه عبد اللَّه بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطب يوم الفتح بمكة وفيه: "ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها"(5).
2 -
ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه"(6).
3 -
إجماع الصحابة على شبه العمد وأنه قسم ثالث ليس بعمد محض، ولا خطأ محض، وذلك أن أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منهم علي، وعمر، وعبد اللَّه بن مسعود، وعثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وأبو موسي، والمغيرة بن شعبة، اختلفوا في أسنان الإبل في الخطأ، ثم اختلفوا في أسنان شبه العمد وأنها أغلظ من الخطأ، كل هؤلاء أثبت أسنان الإبل في شبه العمد أغلظ منها في الخطأ، فثبت بذلك شبه العمد (7).
• من خالف الإجماع: خالف في هذه المسألة الإمام مالك في الرواية المشهورة عنه، وابن حزم الظاهري، فقد رأيا أن القتل نوعان: عمد وخطأ،
(1) أحكام القرآن للجصاص، (3/ 202).
(2)
ينظر: الأم (7/ 348)، الحاوي للماوردي (12/ 211)، مغني المحتاج (5/ 211).
(3)
ينظر: المغني لابن قدامة (8/ 260)، الإقناع، للحجاوي (4/ 86).
(4)
ينظر: بداية المجتهد، (4/ 179).
(5)
تقدم تخريجه، وقد صححه ابن حبان، وابن الجارود.
(6)
تقدم تخريجه، وقد صححه الألباني.
(7)
ينظر: أحكام القرآن للجصاص، (3/ 202).