الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن شروط القصاص فيما دون النفس
[87/ 1] لا قصاص في كسر العظم:
• المراد من المسألة: إذا وقعت الجناية على عظم من عظام المجني عليه، فإن القصاص لا يجب، فلا يكسر عظم الجاني بعظم المجني عليه.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الطحاوي (321 هـ): اتفقوا على أن لا قصاص في عظم الرأس، وكذلك سائر العظام (1).
وقد نقله عنه ابن حجر (2)(852 هـ)، والشوكاني (3)(1255 هـ).
وقال الإمام العِمراني (558 هـ): كسر العظم لا يثبت فيه القصاص بإجماع الأمة (4).
وقال الإمام ابن نُجيم (970 هـ): ولا قصاص في العظم بالإجماع (5).
وقال الإمام الصَنعاني (1182 هـ): وأما العظم غير السن فقد قام الإجماع على أنه لا قصاص في العظم الذي يخاف منه ذهاب النفس إذا لم تتأت فيه المماثلة بأن لا يوقف على قدر الذاهب (6).
وقال الإمام الشوكاني (1255 هـ): وقد حُكي الإجماع على أنه لا قصاص في العظم الذي يخاف منه الهلاك (7).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع المنقول الحنابلة (8)، أما المالكية فعندهم في كسر العظام تفصيل وهو: أنه ما كان من العظام يُخاف معه
(1) مختصر اختلاف العلماء (5/ 113).
(2)
فتح الباري لابن حجر (12/ 224).
(3)
نيل الأوطار (7/ 24).
(4)
البيان (11/ 376).
(5)
البحر الرائق (8/ 376).
(6)
سبل السلام (7/ 30).
(7)
نيل الأوطار (7/ 24).
(8)
ينظر: المغني (8/ 321)، الإنصاف (10/ 17).
التلف عند القصاص فلا يُقتص منه كالصُلب والضلع والفخذ ونحوه، وهنا وافقوا (نصوص) الإجماع في ذلك، وما كان غير متلِف فيجب فيه القصاص كاليد من الساعد، أو الزند (1)، أو الرجل من الساق، أو التَرقُوة (2)، ونحو ذلك مما لا يعظم معه الخطر (3).
• مستند الإجماع:
1 -
ما رواه نمر بن جابر، عن أبيه:"أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف، فقطعها من غير مفصل، فاستعدى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فأمر له بالدية، فقال: إني أريد القصاص. قال: خذ الدية، بارك اللَّه لك فيها"(4).
• وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقض للمقطوعة يده من الساعد بالقصاص بل اكتفى بالدية (5).
2 -
أنه لا يمكن المماثلة فيها ولا تؤمن الزيادة عليها، ولا يمكن أن يستوفى أكثر من الحق فسقط القصاص، كما لو قتل من لا يكافئه، أو قطع صحيح اليد بشلاء أو ناقصة الأصابع (6).
• من خالف الإجماع: خالف المالكية الإجماع من خلال التفصيل الذي ذُكر آنفا في وجوب القصاص من العظام التي لا يخاف معها التلف ولا يعظم
(1) الزند: ما انحسر عنه اللحم من الذراع. المصباح المنير (1/ 256).
(2)
التَرقُوة: هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق من الجانبين. المصباح المنير (1/ 74).
(3)
ينظر: النوادر والزيادات (14/ 34 - 37)، مواهب الجليل (6/ 247 - 248).
(4)
أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب الديات، باب ما لا قود فيه (2636)، والبزار في مسنده (3792)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 65) رقم (16527)، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 123).
(5)
ينظر: المغني (8/ 321).
(6)
ينظر: العدة شرح العمدة (1/ 546).
معها الخطر (1).
ومراعاة لاختلافهم لم يعمّم الطحاوي نقله للإجماع في كل العظام، فقد نقل خلاف المالكية في كتابه، ثم أتبعه بإلزامهم بالقول بنفي القصاص في عظم الرأس أن يقولوا به فيما سواه من العظام.
وما حكاه الطحاوي من أن الإجماع فقط في عظم الرأس متعقَّب أيضا بأن الخلاف في القصاص في المأمومة (2)، والمنقِّلة (3) منقول عن عبد اللَّه بن الزبير رضي الله عنهما (4)، وفي المنقِّلة فقط عن مالك في إحدى الروايتين عنه (5)، وكلاهما من جراح الرأس.
وأما ابن حزم من الظاهرية فإنه يوجب القصاص من كسر العظام عموما وحجته قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].
ججج عدم صحة الإجماع لوجود المخالف في المسألة، ولعل الخلاف بين من نقل عنه الخلاف وغيره في تحقيق المناط (6)، وهو تحقّق خوف التلف،
(1) ينظر: النوادر والزيادات (14/ 34 - 37)، مواهب الجليل (6/ 247 - 248).
(2)
المأمومة، والآمّة: التي تبلغ الدماغ حتى يبقى بينها وبين الدماغ جلد رقيق. أنيس الفقهاء (ص: 109).
(3)
المُنَقّلة: الشَجَّة التي تنقل العظم، أي: تكسره حتى يخرج منها فراش العظام. أنيس الفقهاء (ص: 109).
(4)
أما في المأمومة، فقد أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 459) رقم (18013)، وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 256) رقم (27866).
وأما في المنقّلة فقد أخرجه مالك في الموطأ (2506)، وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 257) رقم (27867)، (27868)، وقال ابن قدامة في المغني (8/ 323): ليس بثابت عنه.
(5)
ينظر: المنتقى (7/ 90)، بداية المجتهد (4/ 190).
(6)
تحقيق المناط: هو النّظر والاجتهاد في معرفة وجود العلّة في آحاد الصور بعد معرفة تلك العلّة بنصّ أو إجماع أو استنباط. كشاف اصطلاحات الفنون (2/ 1652).