الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثنيتها، فقال:"يا أنس كتاب اللَّه القصاص"، فرضي القوم وعفوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن من عباد اللَّه من لو أقسم على اللَّه لأبرّه"(1).
3 -
أن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص، فكان كالنفس في وجوب القصاص (2).
ججج صحة الإجماع في المسألة، وذلك، لعدم وجود المخالف.
[64/ 2] من جرى بينهما القصاص في النفس جرى القصاص بينهما فيما دون النفس:
• المراد من المسألة: أن وجوب القصاص في الجناية فيما دون النفس تبع لثبوت وجوبها في النفس، فمن وجب القصاص له في النفس وجب له فيما دونها، ومن سقط عنه القصاص في النفس سقط عنه فيما دونها.
• من نقل الإجماع: قال الإمام العِمراني (558 هـ): كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس جرى القصاص بينهما فيما دون النفس، فتقطع يد الحر المسلم بيد الحر المسلم، ويد المرأة بيد المرأة، وهذا إجماع (3).
• من وافق الإجماع: وافق على هذا الإجماع المنقول المالكية (4)، والحنابلة (5).
• مستند الإجماع:
1 -
قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45].
2 -
أنهم لما أجمعوا على أن نفسه بنفسها -وهي أكبر الأشياء- واختلفوا
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلح، باب الصلح في الدية (2703).
(2)
ينظر: تكملة المجموع شرح المهذب، للمطيعي (18/ 398).
(3)
البيان (11/ 358).
(4)
ينظر: التلقين (2/ 470). الكافي لابن عبد البر (2/ 1103).
(5)
ينظر: المغني (8/ 251 - 252)، المبدع (8/ 306)، الإنصاف (10/ 14).
فيما دون ذلك، كان فيما اختلفوا فيه مردود على ما أجمعوا عليه؛ لأن الشيء إذا أبيح منه الكثير كان القليل أولى (1).
3 -
أن من أُقيد به في النفس إنما أقيد به لحصول المساواة المعتبرة للقود، فوجب أن يقاد به فيما دونها (2).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الحنفية، حيث يرون عدم القصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس، وكذلك بين العبدين (3)، وذهب الثوري إلى عدم القصاص بين العبيد فيما دون النفس، وروي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه (4).
ومن حججهم أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال؛ لأنها وقاية للأنفس كالأموال، ولا مماثلة بين طرف الذكر والأنثى؛ للتفاوت بينهما في القيمة بتقويم الشارع، ولا بين الحرّ والعبد، ولا بين العبدين للتفاوت في القيمة، وإن تساويا فيهما فذلك بالحَزْر والظن، وليس بيقين، فصار شبهة فامتنع القصاص (5).
ججج عدم صحة الإجماع، لوجود المخالف في المسألة، ويحتمل أن يكون مراد الإمام العِمراني في قوله (وهذا إجماع) الإشارة إلى ما تقدم ذكره قبله، دون أصل المسألة، وهو قوله (فتقطع يد الحر المسلم بيد الحر المسلم، ويد المرأة بيد المرأة)، والسبب في ذلك أن هذا المسألة من أشهر مسائل الخلاف بين الحنفية والجمهور، وقد ذكر الإمام الشافعي خلاف الإمام أبي حنيفة في هذا المسألة في كتابه الأم (6)، ويبعد أن يكون الإمام العِمراني على غير علم بها، واللَّه أعلم.
(1) ينظر: الأم (7/ 157)، الأوسط (13/ 48).
(2)
ينظر: المبدع (8/ 306).
(3)
ينظر: الهداية شرح البداية (4/ 166)، البحر الرائق (8/ 348 - 349).
(4)
ينظر: بداية المجتهد (2/ 304).
(5)
تبيين الحقائق (6/ 112).
(6)
الأم (7/ 157).