الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جذعة، وأربعين خلفة، وما صولحوا عليه فهو لهم، وذلك لتشديد العقل" (1).
2 -
أنه عوض عن غير مال، فجاز الصلح عنه بما اتفقوا عليه، كالصداق، وعوض الخلع (2).
3 -
أنه صلح عما لا يجري فيه الربا، فأشبه الصلح عن العُروض (3).
ججج صحة الإجماع في المسألة، لعدم وجود المخالف.
[127/ 18] لا تؤخذ من السيد قيمة عبده لبيت المال بقتله إياه خطأ
• المراد من المسألة: أن السيد إذا قتل عبده خطأ فإن السيد لا يؤخذ منه قيمة العبد الذي جنى عليه حتى تسلّم إلى بيت المال.
• من نقل الإجماع: قال الإمام القرطبي (671 هـ): قد اتفق الجميع على أن السيد لو قتل عبده خطأ أنه لا تؤخذ منه قيمته لبيت المال (4).
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الحنفية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
• مستند الإجماع: أنه لو وجب عليه شيء لوجب لنفسه، لأن العبد ملك لسيده، فلو أن أجنبيا قتله لكانت الدية للسيد دون بيت المال (8).
ججج صحة الإجماع في المسألة، وذلك لعدم وجود المخالف.
[128/ 19] وجوب تأجيل دية الخطأ ثلاث سنين
.
• المراد من المسألة: أن الدية الواجبة في قتل الخطأ يجب تأجيلها على العاقلة، ولا تكون حالّة.
(1) تقدم تخريجه (ص: 227)، وهو حسن.
(2)
المغني (8/ 363).
(3)
المغني (8/ 363).
(4)
الجامع لأحكام القرآن (2/ 249).
(5)
ينظر: المبسوط للسرخسي (26/ 92).
(6)
ينظر: نهاية المحتاج (8/ 420).
(7)
ينظر: المغني (10/ 347)، دقائق أولي النهى (2/ 599).
(8)
ينظر: المغني (10/ 347).
• من نقل الإجماع: قال الإمام الشافعي (204 هـ): فأما الخطأ فلا اختلاف بين أحد علمته في أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى فيه بالدية في ثلاث سنين (1).
وقال الإمام الترمذي (279 هـ): أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين، في كل سنة ثلث الدية، ورأوا أن دية الخطإ على العاقلة (2).
وقال الإمام ابن المنذر (317 هـ): لم نجد لتنجيم دية الخطأ في كتاب اللَّه ذكرا، ولا في شيء من أخبار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم له وقت تَحِلّ فيه، غير أني سمعت كل من لقيت من أهل العلم، وعوام من بلغنا عنهم ممن مضى يقولون: يقضى بها في ثلاث سنين (3).
وقال الإمام الجصّاص (370 هـ): لا خلاف بين الفقهاء في وجوب دية الخطإ في ثلاث سنين. . . استفاض ذلك عن عمر ولم يخالفه أحد من السلف واتفق فقهاء الأمصار عليه فصار إجماعا لا يسع خلافه (4).
وقال الإمام ابن عبد البر (463 هـ): هذا ما لا خلاف فيه بين العلماء أن الدية في الخطأ على العاقلة في ثلاث سنين على ما ورد عن عمر رضي الله عنه، والذي سمع مالك في أربع سنين شذوذ، والجمهور على ثلاث سنين (5).
قال الإمام السَرَخْسي (490 هـ): وقد ثبت باتفاق العلماء التأجيل في جميع الدية إلى ثلاث سنين وأنه يستوفي كل ثلث في سنة (6).
قال الإمام ابن هُبيرة (560 هـ): واتفقوا على أن الدية في قتل الخطأ على عاقلة القاتل المخطئ، وأنها تجب عليهم مؤجلة في ثلاث سنين (7).
(1) الأم (12/ 402).
(2)
الجامع للترمذي (4/ 660).
(3)
الأوسط (13/ 353).
(4)
أحكام القرآن (10/ 283).
(5)
الاستذكار (25/ 17)، وانظر:(25/ 37)، (25/ 221).
(6)
المبسوط للسرخسي (26/ 84).
(7)
اختلاف الأئمة العلماء (2/ 247).
ونقله عنه الشيخ ابن قاسم (1392 هـ)(1).
وقال الإمام الكاساني (587 هـ): لا خلاف في أن دية الخطأ تجب مؤجلة على العاقلة في ثلاث سنين لإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك (2).
وقال الإمام ابن رشد (595 هـ): وأما متى تجب فإنهم اتفقوا على أن دية الخطأ مؤجلة في ثلاث سنين (3). ونقله عنه الشيخ ابن قاسم (1392 هـ)(4).
وقال الإمام ابن قدامة (620 هـ): ولا خلاف بينهم في أنها مؤجلة في ثلاث سنين (5).
وقال الإمام الرافعي (623 هـ): لا خلاف عن عامّة العلماء أن ما يضرب على العاقلة يضرب مؤجلا، وأن الأجل لا ينقص عن سنة، وأن دية النفس الكاملة تؤجل إلى ثلاث سنين، يؤخذ في كل سنة ثلثها (6).
وقال الإمام القرطبي (671 هـ): أجمع العلماء قديما وحديثا أن الدية على العاقلة لا تكون إلا في ثلاث سنين، ولا تكون في أقلّ منها (7).
وقال الإمام ابن نُجيم (970 هـ): وإنما كان حكم المخطئ ما ذكره لقوله تعالى فيه {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92]، وقد قضى به عمر رضي اللَّه تعالى عنه في ثلاث سنين بمحضر في الصحابة من غير نكير فصار إجماعا (8).
وقال الإمام الشوكاني (1255 هـ): واعلم أنه قد وقع الإجماع على أن دية
(1) حاشية العروض المربع (7/ 287).
(2)
بدائع الصنائع (8/ 106)، وانظر:(8/ 207).
(3)
بداية المجتهد (4/ 2196)، وانظر:(4/ 2194).
(4)
حاشية العروض المربع (7/ 287).
(5)
المغني (8/ 378)، وانظر:(8/ 375).
(6)
العزيز شرح الوجيز (10/ 487).
(7)
الجامع لأحكام القرآن (5/ 321).
(8)
البحر الرائق (8/ 334).
الخطأ مؤجلة على العاقلة (1).
• مستند الإجماع:
1 -
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى فيه بالدية في ثلاث سنين (2).
2 -
أن عمر بن الخطاب (3)، وعليا (4) رضي الله عنهما قضيا بالدية في ثلاث سنين، ولم يخالفهما أحد، فكان إجماعا (5).
3 -
أن العاقلة تحملها على وجه المواساة فيجب أن يخفف عنها (6).
(1) نيل الأوطار (7/ 85)، وانظر:(7/ 86).
(2)
لم أعثر عليه إلا فيما نقله الشافعي في الأم (12/ 402) كما تقدم مضافا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تكلم الأئمة في هذا الأثر، قال البيهقي في معرفة السنن (12/ 158): هكذا قال الشافعي في الخطأ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بالدية في ثلاث سنين، وإنما أراد واللَّه أعلم في نقل العامة دون الخاصة وذلك بين في كلامه، والذي قال في كتاب "الرسالة" من إضافة القضاء بدية الخطأ على العاقلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإضافة تنجيمها عليهم إلى من دونه أصح وأحرى على ما نقل إلينا من أخبار الخاصة، وباللَّه التوفيق، وقال ابن المنذر في الأوسط (13/ 355): وليس عندنا في هذا عن رسول اللَّه حديث، ولا لقيت أحدا من أصحابنا ذكر ذلك لي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان من لقيته من أهل العلم يذكر في هذا الباب حديث عمر ويقدمه، ولو كان عندهم في ذلك عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيء لاستغنوا به، وقد أنكر أحمد بن حنبل -وهو من علم الحديث بمكانة- أن يكون فيه حديث يعرفه. قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد: في كم تعطى الدية؟ قال: ما أعرف فيه حديثا، (ولعل الشافعي إنما سمع ذلك من إبراهيم ذاك المديني، فظن به خيرا)، وانظر: البدر المنير (8/ 478).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (9/ 420) رقم (17858)، وابن أبي شيبة في المصنف (9/ 284)، وابن المنذر في الأوسط (9592)، وقال: غير متصل الإسناد، ولا ثابت عنه.
(4)
أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 110) رقم (16830)، وقال في السنن الصغرى (7/ 123): إسناد مرسل.
(5)
ينظر: المغني (8/ 375).
(6)
ينظر المنتقى للباجي (7/ 69).
• من خالف الإجماع: خولف هذا الإجماع المنقول في مواضع:
1 -
فمن الأئمة من لم ير التأجيل رأسا، كالإمام ابن حزم الظاهري، حيث رأى أن الدية في الخطأ والعمد حالّة لا تأجيل فيها (1)، وهو قول في مذهب أحمد (2)، وهو قول بعض الخوارج.
قال الإمام ابن قدامة (620 هـ): وقد حكي عن قوم من الخوارج، أنهم قالوا: الدية حالة؛ لأنها بدل متلف، ولم ينقل إلينا ذلك عن من يعد خلافه خلافا (3).
واستدل هؤلاء بأن دية الخطأ بدل متلف، فتكون حالّة كسائر المتلفات (4).
2 -
كما خولف هذا الإجماع المنقول في جواز الزيادة على الثلاث، قال الإمام مالك (179 هـ): الدية تُقَطّع في ثلاث سنين أو أربع سنين قال مالك، والثلاث أحب ما سمعت إليّ في ذلك.
قال الإمام الباجي (474 هـ)(5) مفسّرا: قوله: (أنه سمع أن الدية تُقطّع) يقتضي أمرين: أحدهما: التأجيل، والثاني: التنجيم على آجال بعضها بعد بعض، فأخبر أنه سمع أن ذلك في ثلاث سنين أو أربع سنين، ويحتمل ذلك معاني: أحدها: التخيير، والثاني: الشك، والثالث: أن يكون سمع القولين، كل قول من قائل من أهل العلم يراه ويفتي به دون القول الآخر، واختار مالك رحمه الله ثلاث سنين.
وقال الإمام ابن رشد الجدّ (520 هـ): وتؤخذ (أي: دية الخطأ) في ثلاث سنين، وقيل: في أربع سنين، والأول أكثر، وهو مذهب مالك (6).
(1) ينظر: المحلى (10/ 282).
(2)
ينظر: الإنصاف (10/ 131)، المبدع (7/ 347).
(3)
المغني (8/ 375).
(4)
المغني (8/ 375).
(5)
المنتقى (7/ 69).
(6)
ينظر: المقدمات الممهدات (3/ 290).
بينما عَدّ الإمام ابن عبد البر (463 هـ) هذا القول شذوذا، فقال: والذي سمع مالك في أربع سنين شذوذ، والجمهور على ثلاث سنين (1).
وفي قول في مذهب أحمد أنها تؤجل خمس سنين، قال في الإنصاف: قوله (وما تحمله العاقلة يجب مؤجلا في ثلاث سنين). هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وقطع به كثير منهم، وقال في الروضة: دية الخطإ في خمس سنين، في كل سنة خمسها، وذكر أبو الفرج (2): ما تحمله العاقلة يكون حالّا (3).
3 -
كما خولف هذا الإجماع المنقول في وجوب التزام هذا التأجيل، حيث رأى شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ)، جواز تعجيلها، وأن التأجيل أو التعجيل فيها ليس بحتم، وإنما هو بحسب الحال والمصلحة، وعزا ذلك إلى نص الإمام أحمد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ): وكذلك تأجيلها ثلاث سنين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤجلها، بل قضى بها حالّة، وعمر أجّلها ثلاث سنين، فكثير من الفقهاء يقولون: لا تكون إلا مؤجلة كما قضى به عمر، ويجعل ذلك بعضهم إجماعا، وبعضهم قال: لا تكون إلا حالّة، والصحيح أن تعجيلها وتأجيلها بحسب الحال والمصلحة، فإن كانوا مياسير ولا ضرر عليهم في التعجيل أُخذت حالّة، وإن كان في ذلك مشقة جُعلت مؤجلة، وهذا هو المنصوص عن أحمد: أن التأجيل ليس بواجب كما ذكر كثير من أصحابه أنه واجب موافقة لمن ذكر ذلك من أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك وغيرهم، فإن هذا القول في غاية الضَعف، وهو يشبه قول من يجعل الأمة يجوز لها نسخ شريعة نبيها،
(1) الاستذكار (8/ 42).
(2)
عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد أبو الفرج الشيرازي، ثم المقدسي، فقيه حنبلي، له المبهج وغيره، 486 هـ. ينظر: ذيل طبقات الحنابلة (1/ 153)، شذرات الذهب (5/ 369).
(3)
الإنصاف (10/ 131)، وانظر: المبدع (7/ 347).