الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المساواة فيجب القصاص (1).
ججج صحة الإجماع في المسألة، لعدم وجود المخالف.
[83/ 21] إذا قطعح يد أحد ثم قتله بعد البرء يؤخذ بالأمرين
• المراد من المسألة: أن من جنى على آخر بقطع يده ثم قتله بعد أن برئت، فإنه بالبرء لا تتداخل الجناية على اليد مع الجناية على النفس، بل هي واجبة فيهما معا، ولولاة المجني عليه أن يقطعوا يد الجاني، ثم يقتلونه.
• من نقل الإجماع: قال الإمام الطحاوي (321 هـ): لم يختلفوا أنه لو قطع يده فبريء منها ثم قتله أن له أن يقطع يده ثم يقتله (2).
وقال الإمام ابن قدامة (620 هـ): أما إذا قطع يديه ورجليه فبرئت جراحه ثم قتله فقد استقر حكم القطع، ولولي القتيل الخيار إن شاء عفا وأخذ ثلاث ديات: دية لنفسه، ودية ليديه، ودية لرجليه، وإن شاء قتله قصاصا بالقتل، وأخذ ديتين لأطرافه، وإن أحب قطع أطرافه الأربعة، وأخذ دية لنفسه، وإن أحب قطع يديه وأخذ ديتين لنفسه ورجليه، وإن أحب قطع رجليه وأخذ ديتين لنفسه ويديه، وإن أحب قطع طرفا واحدا وأخذ دية الباقي، وإن أحب قطع ثلاثة أطراف وأخذ دية الباقي، وكذلك سائر فروعها؛ لأن حكم القطع استقر قبل القتل بالاندمال فلم يتغير حكمه بالقتل الحادث بعده كما لو قتله أجنبي ولا نعلم في هذا مخالفا (3).
وقال الإمام الكاساني (587 هـ): لو قطع يد رجل ثم قتله فإن كان بعد البرء لا تدخل اليد في النفس بلا خلاف، والولي بالخيار إن شاء قطع يده ثم قتله، وإن شاء اكتفى بالقتل، وإن شاء عفا عن النفس وقطع يده (4).
(1) ينظر: المبسوط (26/ 135).
(2)
مختصر اختلاف العلماء (5/ 134).
(3)
المغني (518/ 11).
(4)
بدائع الصنائع (7/ 353)، ويحتمل حسب السياق أن يكون مراده الاتفاق في المذهب.
• من وافق الإجماع: وافق هذا الإجماع المنقول: الشافعية (1)، وبعض أصحاب مالك كعيسى بن دينار، والقاضي عبد الوهاب (2).
• مستند الإجماع: إذا تخلل بين الجنايتين برء فإن الأولى قد انتهت واستقر حكمها بالبرء، فتكون الثانية جناية أخرى بمنزلة ما لو جعلت على نفس أخرى (3).
• من خالف الإجماع: خالف هذا الإجماع المنقول الإمام مالك، فقد نقل عنه أنه قال في المدونة: إن قطع يديه ورجليه، ثم ضرب عنقه قتل، ولا تقطع يداه ولا رجلاه، وكل قصاص القتلُ يأتي عليه.
ونُقل عن أصبغ من أصحابه أنه قال: إن لم يرد القاتل بقطع يده العبث والإيلام قتل فقط، وإن كان أراد ذلك فعل به مثله.
فحمل أصحابه ما أطلقه في المدونة على ما قيّده به أصبغ، قال ابن يونس (4) في شرح المدونة: يريد إلا أن يفعله به على وجه العذاب.
وقد لخّص الإمام خليل ذلك كلّه في مختصره فقال: واندرج طَرف إن تعمده وإن لغيره لم يَقصِد مُثلة.
ولم يفصل أصحابه بين ما كان قبل البرء وما بعده (5)، واللَّه أعلم.
(1) ينظر: الأم (6/ 75)، تكملة المجموع للمطيعي (18/ 368).
(2)
ينظر: الكافي في فقه أهل المدينة (2/ 1099)، المنتقى للباجي (7/ 120).
(3)
ينظر: المبسوط للسرخسي (26/ 169).
(4)
محمد بن عبد اللَّه بن يونس أبو بكر الصقلي، فقيه مالكي، له الجامع لمسائل المدونة وغيره، ت 451 هـ. ينظر: ترتيب المدارك (8/ 114)، الديباج المذهب (2/ 240).
(5)
ينظر ذلك كله في: المدونة (4/ 651)، الكافي في فقه أهل المدينة (2/ 1099)، المنتقى للباجي (7/ 120)، عقد الجواهر (3/ 235)، أحكام القرآن لابن العربي (2/ 131)، جامع الأمهات (ص: 697)، التاج والإكليل (8/ 331)، مواهب الجليل (6/ 256)، شرح الخرشي (8/ 30).